لفتت صحيفة "الأخبار" إلى أنّ "لبنان يشهد بدءاً من اليوم، فصلاً جديداً من الخطوات التي تعكس الانهيار الذي أصاب مؤسساته كافة، وتشير إلى نوع الوصاية التي يريد الغرب ممارستها على اللبنانيين، بحجة عدم أهلية مؤسساتهم الرسمية ومسؤوليهم. والأكثر خطورة هو أن التدخل يتم من خلال بوابة القضاء".

وبيّنت أنّ "الحكومة اللبنانية ممثلة بوزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى بوصفه أعلى سلطة قضائية والنيابة العامة التمييزية المعنية مباشرة بالأمر، ومن خلفهم الحكومة والقوى السياسية والمجلس النيابي، والنقابات المهنية والمراكز البحثية القانونية... كل هؤلاء لم يبادروا إلى أي موقف لمنع استغلال المشاكل اللبنانية الداخلية لفرض وصاية خارجية على القضاء. لا بل على العكس، سمح هؤلاء للسفراء الأجانب في لبنان بممارسة الضغوط والترهيب، وإلا كيف يمكن للسفير الألماني السيئ الذكر أندرياس كيندل، التنقل بين مكاتب وزير العدل ورئيس مجلس القضاء والمدعي العام التمييزي، لإعطاء أوامر مهدداً بعقوبات أوروبية ضد كل قاض أو موظف يعرقل التحقيقات في لبنان".

وذكرت الصحيفة أنّ "التهويل نفسه مارسه الفرنسيون وغيرهم، ما أدى إلى حال من الذعر في أوساط سياسيين وقضاة وحتى إعلاميين، وانتهت إلى "مخرج" لا يعطل الوصاية الخارجية على لبنان، ويعطيها شكلاً "لطيفاً" عبر وجود ممثل عن السلطات اللبنانية المعنية"، مركّزةً على أنّه "لا يبدو أن الوصاية الآتية ستتوقف عند ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة".

وأوضحت أنّ "مراسلات الجهات الأوروبية تضمنت أسماء قضاة تحقيق لا يعملون في ملف حاكم مصرف لبنان، خصوصاً في المراسلة الفرنسية التي تضمنت اسم قاضي التحقيق الفرنسي في جريمة تفجير مرفأ بيروت، الذي طلب تحديد موعد له (في 24 الحالي) مع المحامي العام التمييزي صبوح سليمان، المكلف من النيابة العامة الإشراف على ملف التحقيقات في المرفأ".

وأشارت إلى أنّه "لم يعرف ما إذا كان القاضي الفرنسي قد طلب أيضاً موعداً للاجتماع مع المحقّق العدلي القاضي طارق البيطار، علماً أن الأخير استقبله في 27 أيار الماضي برفقة مندوب عن النيابة العامة الفرنسية. وطلب الفرنسيون يومها الاطلاع على تحقيقات البيطار الذي رفض التجاوب، وأبلغهم بأن التحقيقات سرية وعندما ينتهي منها ويعدّ قراره الظني يحق لهم الاطلاع عليها من خلال النيابة العامة".

كما أكّدت "الأخبار" أنّ "الوقائع لا تشير بالتحديد إلى ما يريد القاضي الفرنسي، لكن منطق الأمور يشير إلى أنه يقوم بعملية جس نبض، في ضوء موافقة لبنان على فتح الأبواب أمام تدخل كبير للقضاء الأوروبي في قضية سلامة. وهو هنا يجرب حظه، فربما يحصل أيضاً على تغطية لتولي تحقيقات إضافية في ملف المرفأ من دون أن يعرف لبنان شيئاً عما يقوم به".

سلامة أمام القضاء الألماني: "متهم" وليس مشتبهاً فيه

أفادت "الأخبار" بأنّ "وسائل الإعلام والمواقع المحسوبة على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، اشنغلت في اليومين الماضيين، بالتركيز على أن الوفود القضائية الأوروبية (من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ) التي ستصل إلى لبنان تباعاً، بدءاً من اليوم، للتحقيق في قضايا تبييض أموال واختلاس وإثراء غير مشروع وغيرها، لم تورد اسم حاكم المركزي بين الذين طلبت الاستماع إليهم، استناداً إلى تصريحات النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات عدم طلب الاستماع إلى حاكم المركزي".

في هذا الإطار، أعربت مصادر مطلعة للصحيفة، عن استغرابها "الترويج الإعلامي لاستثناء سلامة من التحقيقات"، مبيّنةً أنه "سيكون بين الذين ستستمع إليهم الوفود القضائية، وأنه كان دائماً على رأس الأسماء التي وردت في مراسلات القضاء الأوروبي إلى القضاء اللبناني، لطلب المساعدة القضائية طوال العام الماضي، وآخرها مراسلة من القضاء الألماني في كانون الأول الماضي، تضمنت اسم الحاكم وآخرين إضافة إلى أسماء أعضاء فريق التحقيق".

وكشفت "الأخبار"، "أنّها حصلت على نسخة مترجمة طبق الأصل لإحدى مراسلات طلب المساعدة القضائية، مؤرخة بتاريخ 18 آب الماضي، وصلت إلى دائرة العدل المختصة في الجمهورية اللبنانيةـ موجّهة من هايدنرايش، "رئيس النيابة العامة في ميونيخ 1، ولاية بافاريا" الألمانية".

وذكرت أنّ "المراسلة تطلب المشاركة في التحقيقات الجنائية، والاطلاع على ملفات في قضية تحقيق ضد رياض سلامة، رجا سلامة، ماريانا هويك (حويك)، مروان عيسى الخوري، نادي سلامة و(البلجيكي) غابرييل رينيه ايميل جان؛ بسبب غسيل الأموال"، مركّزةً على أنّ "الأبرز في هذه المراسلة، أنها تصف أصحاب الأسماء المذكورة أعلاه بـ"المتهمين" وليس "المشتبه فيهم".

استجواب سلامة... تمهيدا للادعاء عليه

أكّدت مصادر لصحيفة "الأخبار"، أن "اسم رياض سلامة لا يزال موجوداً ضمن لائحة المطلوب الاستماع إليهم، كونه العنصر الأساس في التحقيق الذي تقوم به فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ، وأن حديث النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات عن عدم استجواب سلامة، يُقصد به المرحلة الأولى من التحقيقات"، مشيرةً إلى أن "القاضية الفرنسية أود بوروزي طلبت الاستماع إليه وإلى آخرين، ويفترض أن تستجوبه مباشرة".

وأضافت الصّحيفة أنّه "قد وصلت أخيراً مراسلة إلى عويدات، تضمنت طلب استجواب لائحة بالأسماء التالية: رياض سلامة، رجا سلامة (شقيق الحاكم وصاحب شركة "فوري" التي هربت الأموال من مصرف لبنان)، ماريان الحويك (مساعدة الحاكم)، مروان عيسى الخوري (ابن شقيقة سلامة)، نبيل عون (أحد السماسرة الرئيسيين العاملين لمصلحة سلامة)، إضافة إلى مديري عدد من المصارف المتعاملة مع مصرف لبنان وهي: الاعتماد اللبناني، بنك عوده-سارادار، بنك لبنان والمهجر، بنك البحر المتوسط، فرنسبنك، بنك بيروت والبلاد العربية، وبنك مصر لبنان. وأُشير بعبارة "على وجه الخصوص"، إلى كل من المدير العام لبنك الموارد مروان خير الدين، رئيس مجلس إدارة بنك عودة سمير حنا، رئيسة مجلس إدارة بنك البحر المتوسط ريا الحسن، رئيس مجلس إدارة بنك الاعتماد اللبناني جوزيف طربيه، رئيس مجلس إدارة بنك لبنان والمهجر فهيم معضاد (شغل منصب نائب حاكم مصرف لبنان بين 1997 و2003، وصرح في التحقيق الذي أجراه معه القاضي جان طنوس أنه لم يعد يذكر بعد 19 عاماً على ماذا وقّع). كذلك طلب المحققون الاستماع إلى وليد نقور الذي يتسلم منذ عام 2007 رئاسة فريق التدقيق المالي في حسابات مصرف لبنان عن شركة "إرنست أند يونغ"، ورمزي عكاوي أحد المفوضين بالتوقيع عن الشركة نفسها، إضافة إلى مدققين من شركة «ديلويت»، ومدققة تدعى ندى معلوف تتولى شركتها منذ عام 1994 التدقيق في حسابات مصرف لبنان".

وشدّدت على أنّ "ثمة نقطتين أساسيتين في ما خص مسار التحقيقات، الأولى تتمثل بنقل القاضي عويدات هذا الملف إلى النيابة العامة التمييزية، بعد أن حوّل المراسلات الأوروبية بداية إلى مدعي عام بيروت القاضي زياد أبي حيدر. والثانية، وهي الأهم، حضور القاضية أود بوروزي ضمن الوفد الفرنسي". وشرحت أنّ "الأخيرة هي التي تتولى التحقيق بجرائم مالية قام بها كل من حاكم مصرف لبنان وشقيقه وكوزاكوفا (ادعت عليها أخيراً)، وتكمن أهمية حضور بوروزي في استجواب سلامة تمهيداً للادعاء عليه في باريس".

نصرالله طلب استئناف التواصل مع التيار

علمت صحيفة "الأخبار" أنّ "ترجمةً لكلام الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله الأخير حول ضرورة الحوار مع "التيار الوطني الحر"، كلّف السيّد نصرالله، بعد قرار اتخذه مجلس شورى الحزب، مسؤولين في الحزب، باستئناف التواصل مع قيادة "التيار" في وقت قريب، والشروع في حوار حول جدول أعمال حول العلاقة بين الجانبين، سواء بما خص ملف رئاسة الجمهورية أو جوهر التفاهم بين الجهتين"، لافتةً إلى أنّه "فُهم أن الاجتماعات ستتم بعيداً من الأضواء، وتمثل خطوة تمهيدية للقاءات على مستوى رفيع متى تقدمت نحو تفاهم على نقاط أساسية".