علمت صحيفة "الجمهورية، أنّ "لقاء غير رسمي، عُقد في الفترة الاخيرة في عاصمة دولة كبرى، بين أحد كبار المسؤولين الماليين الدوليين، وشخصيات لبنانية، بينها اقتصاديون ومصرفيون ورجال اعمال".

وأشارت مصادر موثوقة اطّلعت على مجريات اللقاء، لـ"الجمهورية"، إلى أنّ "ما قاله المسؤول المالي الدولي في هذا اللقاء رسم صورة اكثر من مخيفة لمستقبل الوضع في لبنان. فقد أبلغ الحاضرين قوله: "انّ ازمة لبنان المالية والاقتصادية شديدة الخطورة والتعقيد، ونرى بوضوح انّ الصراعات السياسية الدائرة في لبنان زادتها عمقاً وتعقيداً".

وأوضحت أنّ "المسؤول عينه قارب بنبرة قاسية أداء السياسيين اللبنانيين حيال الأزمة، واستخدم لفظاً حاداً تجاههم، اتبعه بالقول: "حتى الآن لم نستطع ان نفهم لماذا يعطّل القادة في لبنان، كل ما من شأنه ان يساعد لبنان في تجاوز ازمته، وكأنّهم غير لبنانيين ينتمون إلى دول اخرى". ثم توجّه إلى الحاضرين بسؤال قائلاً: "هذا الأداء يدفعني إلى ان أسألكم هل انّ قادتكم لبنانيون؟، لقد اقتربنا من الشك في ذلك، فلو كانوا لبنانيين بحق، لتحمّلوا مسؤولياتهم تجاه بلدهم ولما تأخّروا عن القيام بواجباتهم تجاهه!".

وأكّد المسؤول، وفق ما نقلت المصادر الموثوقة، "أنني أشعر بالأسف لإيرادي هذا الكلام، ولكنني اشعر بالأسف أكثر على لبنان واللبنانيين، فهذا المنحى نشهده منذ سنوات. وقبل انفجار الأزمة في بلدكم، أطلقنا تحذيرات عاجلة آنذاك، وقلنا انّ مالية لبنان ليست سليمة، ومع الأسف قابلها السياسيون في لبنان بالإهمال، وحكومتكم اقدمت على خطوة انتحارية بإعلانها عن التوقف عن دفع السندات، وكانت النتيجة ان سقط بلدكم في الأزمة التي توشك مع مصاعبها المتزايدة، ان تصبح الأزمة الأسوأ في العالم بعدما كانت قد صُنّفت من بين ثلاث اسوأ ازمات".

وأعرب عن أسفه أن "أقول لكم بأنّ بلدكم مهدّد، وصورة لبنان الآنية غير مطمئنة، وصورته اللاحقة، وكما سبق وقلت لكم، مخيفة ومخاطرها كبيرة جداً جداً جداً. اخشى ان اقول لكم انّ لبنان مقبل على ما قد يزيله من الوجود"، مركّزًا على أنّ "تدارك هذه المخاطر ممكن، وهذه المسؤولية تقع على السياسيين، في مراعاة معاناة اللبنانيين والاستجابة لنداءات اصدقاء لبنان بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، تباشر فوراً في خطوات العلاجات والتعافي، والأساس فيها اصلاحات جريئة باتت واجبة في شتى المجالات".

وخلص إلى أنّ "هذا هو المسار الذي ينبغي على اللبنانيين سلوكه لإنقاذ بلدهم، وهو مسار طويل مداه سنوات، ويجب ان تعلموا انكم لم تعودوا تملكون الكثير من الوقت، والوقت في حالتكم اصبح قاتلاً لكم ولبلدكم".

طروحات .. واشتباكات

ذكرت "الجمهورية" أنّه "إذا كان شهر كانون الثاني قد اعتُبر فرصة لحراك جدّي لانتشال الملف الرئاسي من مغارة التعطيل، الّا انّ المجريات السياسية لا تشي بتبدّل في المشهد الرئاسي خلال ما تبقّى من الشهر الجاري، عن المنحى التعطيلي المعتمد منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، بل انّ المؤشرات المحيطة بالملف الرئاسي تنذر باشتباكات جديدة على حلبة الطروحات، بدءًا بالطرح المنتظر ربما اليوم، من قبل "التيار الوطني الحر"، بإعلانه مغادرة فريق الورقة البيضاء، وتبنّي شخصيّة معيّنة لرئاسة الجمهورية. وكذلك بما هو منتظر ان يطرحه حزب "القوات اللبنانية" لاحقاً، وسط حديث عن "plan b" مرتبط بالملف الرئاسي، قد يتظهّر مع نهاية الشهر الجاري".

خارج الصحن الرئاسي

رأت مصادر سياسية لـ"الجمهورية"، أنّ "المسار المؤدي إلى التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، يوجب جلوس الأفرقاء جميعهم على طاولة التفاهم، وليس عبر مسارات اخرى، مثل طروحات أحادية الجانب من قِبل جهات تقف على خصومة تامة مع كل المكونات السياسية، وتسعى في الوقت نفسه إلى تقديم نفسها على انّها الرقم الصعب في المعادلة الرئاسية، والممسكة وحدها بزمام الملف الرئاسي، وتعتبر انّ طروحاتها وترشيحاتها الممر الالزامي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فيما هي في جوهرها محاولة متجدّدة لقطع الطريق امام بعض المرشحين".

واعتبرت أنّ "مبادرة هذه الجهات إلى ترشيح اي شخصية لرئاسة الجمهورية، اياً كانت هذه الشخصية ومهما كانت مواصفات هذه الشخصية، فلا يمكن إدخالها ابداً الى مدار التوافق"، لافتةً إلى أنّ "التوافق الصادق والمسؤول هو جوهر الصحن الرئاسي، وبالتالي كل ما يجري هو خارج هذا الصحن، هناك من يتسلّى ويضيّع الوقت بطروحات لا تفك عِقَد التعطيل، بل تزيد الملف الرئاسي تعقيداً، وخصوصاً انّ اطراف هذه الطروحات رافضة او عاجزة عن صياغة التوافق المنشود. وتبعاً لذلك، فإنّ مشهد التعطيل المستمر منذ ما يزيد على الشهرين سيتكرّر لمديات طويلة".

العين على باريس

أكّدت مصادر مسؤولة لـ"الجمهورية"، أنّ "أفق التوافق الداخلي، وتبعاً لمواقف الأفرقاء، مقفل بالكامل، وليس في الأجواء ما يوحي بحصول اختراقات او مفاجآت توجّه البوصلة الرئاسية نحو الحسم القريب والتوافق على رئيس".

وركّزت على أنّ "جمود الصورة الرئاسية، يبدو انّه حتى الآن اقوى من كل محاولات تحريكها وإخراجها من مربّع التعطيل، ولكن قد تبرز معطيات جديدة تكسر هذا الجمود وتحرّك الملف الرئاسي في اتجاه الايجابيات. ومن هنا تبقى العين على باريس وما سيؤسس له الاجتماع الثلاثي الفرنسي- الاميركي- السعودي حول لبنان".

إلى ذلك، أبلغ مرجع سياسي إلى "الجمهورية"، قوله رداً على سؤال حول الاجتماع المذكور، "أننا نسمع كلاماً شبه جدّي عن تحضير لاجتماع ثلاثي في باريس الاسبوع المقبل، ولا نملك اكثر من ذلك. وفي اي حال، لا أريد ان أستبق نتائج الاجتماع إن عُقد، ولكن اي حراك خارجي، سواء أخذ شكل اجتماعات او مشاورات او مبادرات مباشرة تجاه لبنان، لا يمكن ان يُكتب له النجاح طالما انّ إرادة التوافق على رئيس الجمهورية غير متوفرة حتى الآن في لبنان".