في الوقت الراهن، ينصب التركيز الداخلي، على مستوى الإستحقاق الرئاسي، على ما قد يصدر عن قوى الثامن من آذار و"التيار الوطني الحر"، سواء بالنسبة إلى عودتهما إلى الإتفاق على مرشح رئاسي موحد أو إفتراقهما على هذا الصعيد، في حين يبدو أن باقي الكتل النيابية، التي تصنف على أساس أنها تمثل المعارضة، في موقع المنتظر، غير القادر على القيام بأي مبادرة من الناحية العملية.

في الأسابيع الماضية، طرح على هذا الصعيد أكثر من سيناريو، خصوصاً لناحية أن تبادر تلك الكتل إلى تسمية شخصيّة أخرى، بديلة عن رئيس حركة "الإستقلال" النائب ​ميشال معوض​، تكون قادرة على تأمين عدد أكبر من الأصوات في الجلسات التي يدعو إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لكن سريعاً عادت الأمور إلى مرحلة الجمود، لا سيما بعد "البلبلة" التي أثارتها في بعض الأوساط.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ أصل الفكرة يعود إلى الرغبة في حشر الأفرقاء الآخرين، أيّ قوى الثامن من آذار و"التيار الوطني الحر"، من ضمن لعبة رمي مسؤولية التعطيل عليهم، على أساس أن قوى المعارضة ذهبت إلى خطوة جديدة لإنجاز الإستحقاق الرئاسي، بينما قوى الثامن من آذار و"التيار الوطني الحر" لا يزالان في موقع المعطل.

من وجهة نظر هذه المصادر، هذه الفكرة قد تكون مفيدة فيما لو كان هناك يقين بأنها ستقود إلى زيادة الضغوط على الأفرقاء الآخرين، سواء كانت داخلية أم خارجية، لكن حتى الآن يبدو أن حالة الجمود لا تزال هي المسيطرة، وبالتالي الذهاب إليها قد يقود إلى خسارتها ورقة جديدة، من دون تجاهل إمكانية أن تؤدي إلى المزيد من الإنقسامات في صفوفها، بسبب صعوبة الإتفاق على أي إسم جديد قادر على تجاوز عدد الأصوات التي يحصل عليها رئيس حركة "الإستقلال".

على صعيد متصل، لدى مصادر نيابية مطلعة قراءة مختلفة لواقع الكتل النيابية المعارضة، حيث تشير إلى أنها في المشهد العام لا تملك القدرة على القيام بأي مبادرة قادرة على إحداث أي خرق جدّي في الإستحقاق الرئاسي، خصوصاً أن الإتصالات فيما بينها لم تنجح، على الأقل حتى الآن، في تحقيق أيّ تقدم، نظراً إلى وجود من يعتبر أن القوى الكبرى تريد من أي خطوة جديدة السعي إلى تجميع أوراق قوتها فقط، وبالتالي الذهاب إلى التسوية، في نهاية المطاف، من موقع أفضل.

بالنسبة إلى هذه المصادر، الخطوات، التي من الممكن أن تذهب إليها هذه القوى، قد تكون من خارج المجلس النيابي، كالدعوات إلى تحركات في الشارع على سبيل المثال للضغط على الكتل النيابية الأخرى، لكنها تلفت إلى أن هذه الخطوات قد لا يكون لها أي تأثير، لا سيما أن بعض أفرقاء المعارضة قد لا يكونون في هذا الوارد، كالحزب "التقدّمي الإشتراكي"، خوفاً من التداعيات التي قد تترتب على ذلك، نظراً إلى أنّ أحداً لا يستطيع أن يضمن المسار الذي قد تذهب إليه هكذا تحركات.

في المحصّلة، تجزم المصادر نفسها بأنّ غالبية القوى السياسية المحلّية محرجة، بسبب عدم قدرتها على الذهاب إلى أيّ مبادرة في المرحلة الراهنة، خوفاً من التداعيات التي قد تترتّب على ذلك، وتلفت إلى أنّ الجميع ينتظر حصول تطوّر ما يكسر المراوحة القائمة، الأمر الذي لم تظهر أي معالم جدية له بعد.