لفتت صحيفة "الجمهورية"، إلى أنّ "بعض التكهنات الاعلامية، والتي مهّدت لقدوم الفريق القضائي الاوروبي لم تكن دقيقة في تحديد مهمّات عمل الفريق، فهو يركّز مهمّته التي ستنقسم الى مراحل زمنية عدة، على ملف تبييض الاموال واستخدام القنوات المالية المصرفية في لبنان لهذه الغاية، تحت ستار الانهيارات الكبيرة التي عاشها ويعيشها لبنان، والتي أدّت إلى فوضى مالية سمحت بفتح الابواب المحرّمة".

ونقلت الصحيفة عن مصادر فرنسية مطّلعة تأكّيدها أنّ "المهمّات التي يتولاها الوفد القضائي جدّية جداً، وستصل إلى نتائج حاسمة وقرارات بمفاعيل تنفيذية"، كما أقرت الأوساط أنّ أنّ "مساراً ضاغطاً بدأ للوصول الى تفاهمات تؤدي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال اشهر معدودة".

وعلى الرغم من تكتم هذه الاوساط عن إعطاء مزيد من المعلومات حول طبيعة هذا المسار الذي بدأ، وحدوده وآفاقه ومن يشمل، إلّا انّها ترجح ان تكون نهاية آذار المقبل موعداً حاسماً.

وتعتقد هذه الاوساط انّ هنالك اعتبارات عدة تفرض على لبنان والاطراف السياسية فيه عدم التمادي في استهلاك الوقت. وتضيف، انّ احد اهم هذه الاعتبارات يعود إلى الاحتمالات الموجودة لمخاطر ارتفاع مستوى الحماوة اقليمياً، ما سيضع لبنان عندها في مهبّ مخاطر وجودية جدّية وفعلية، نظراً إلى الدرك الذي وصلت اليه مناعته الذاتية وتراجع امكاناته إلى مستويات خطيرة.

وتبدي الاوساط نفسها أسفها البالغ لافتقاد الطبقة السياسية اللبنانية لأدنى مسؤولياتها الوطنية، وبحثها الدائم عن مصالحها الذاتية، وفقط مصالحها الذاتية، ولو على حساب المواطنين اللبنانيين.

وهي ترى انّ سياسة الاستعانة بالخارج بهدف انتزاع ضمانات شخصية لها لم تعد سياسة مقبولة او مسموح بها. فالشرق الاوسط يتغيّر والظروف باتت مختلفة، ولبنان نفسه لم يعد قادراً على الاستمرار في السياسة نفسها، بعدما انهارت مؤسساته وتبخّرت قوته الاقتصادية بسبب الذهنية القائمة لدى الطبقة السياسية.

وإذ تتجنّب هذه الاوساط الانزلاق في بازار التسميات، فإنّها اشارت الى انّ الرئيس المقبل للبنان في حاجة لأن يحظى بمواصفات واضحة ومشهود لها، خصوصاً في مسألة نظافة الكف ومحاربة الفساد وقدرته على لمّ الشمل واطلاق ورشة إعادة بناء مؤسسات الدولة. اضافة إلى وجوب ان يشكّل حالة انسجام مع الحكومة ورئيسها، لا الاستمرار في سياسة المناكفات، والتي تؤدي الى وقف عجلة الدولة.

قاضيان فرنسيان وخبير جنائي لمتابعة ملف تفجير المرفأ

المُراسلات؛ الشراكة القضائية ومخالفة الأصول؛ الخلفيات والتداعيات... كلّها، وغيرها، عبارات شغلَت بيروت في معرِض مواكبة التحقيقات الأوروبية في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والوفود الغربية التي بدأت تحطّ في البلاد. تعدّدت التعابير والمشهد واحد: لبنان السياسي والقضائي بات خاضعاً لوصاية جديدة ترتدي عباءة قضائية. صحيح أن النقاش القائم لا يزال متأثراً بفوضى عمل القضاء والمسؤولين اللبنانيين، ما يفتح الباب أمام الخارج للتدخل كيفما يشاء، إلا أن رغبة الخارج بتجاوز كل الحدود والسعي الى الإمساك بكل الملفات القضائية العالقة يثيران الشبهات، بعدما تبيّن أن «الغزوة» القضائية الأوروبية ستتجاوز ما له علاقة بتبييض الأموال وعمليات الاختلاس، وأن هناك إصراراً غربياً على الدخول إلى ملف التحقيقات في جريمة تفجير مرفأ بيروت عبر "معبر" القضاء أيضاً.

وأشارت صحيفة "الأخبار"، أنّ يوم أمس "تأكّد للجهات الرسمية، السياسية والقضائية، وصول مراسلة فرنسية تطلب لقاء المعنيين بالملف للاستفسار عن معلومات تتعلق بالتحقيق الذي تولاه المحقق العدلي القاضي طارق البيطار. وعلمت "الأخبار" أن المراسلة التي وصلت أمس من وزارة الخارجية إلى وزارة العدل، تتحدث عن زيارة لقاضيين فرنسيين (عُلم أن أحدهما يدعى نيكولا أوبرتين)، مع احتمال أن ينضمّ إليهما خبير جنائي من الشرطة الفرنسية. وتطلب المراسلة تحديد موعد للزوار الأجانب في 24 الجاري للقاء المحامي العام التمييزي صبوح سليمان المكلف من النيابة العامة الإشراف على ملف التحقيقات في المرفأ، للاطلاع على وثائق التحقيق اللبناني".

وفيما بُرّرت إثارة الوفد الفرنسي ملف المرفأ بـ"وجود تحقيق موازٍ تجريه باريس بسبب تضرّر مواطنين فرنسيين في التفجير"، قالت مصادر العدلية إن "البيطار الذي سبق أن رفض التجاوب مع طلب الفرنسيين الكشف عن التحقيقات لن يكون قادراً على الاجتماع بهم، بسبب وجود دعاوى ضده أدّت إلى كفّ يده عن التحقيقات، وفي ظل فشل مجلس القضاء الأعلى في إيجاد الحلول القانونية لقضية المرفأ، أو تعيين محقق عدلي رديف بعد رفض رئيسه القاضي سهيل عبود تعيين القاضية سمرندا نصار بحجة انتمائها السياسي إلى التيار الوطني الحر. وبالتالي، ليس هناك قاضٍ آخر يستطيع أن يتعاون مع الوفد". فضلاً عن أن "القانون اللبناني يمنع الكشف عن أي معلومات سرية خاصة بالتحقيق. وحتى لو أرادت الجهات الأوروبية المساعدة، ففي إمكانها أن تزوّد القضاء اللبناني بمعطيات ووثائق ومعلومات وما من مسوّغ يخوّلها أو يسمَح لها بالاطلاع على مجريات التحقيق القضائي اللبناني".

إلى ذلك، كشف الصحيفة أن زيارة الوفد القضائي الأوروبي بشأن ملفات الفساد "لم تمُر بسلاسة، إذ أعقبها سجال حاد بعدما رفض النائب العام الاستئنافي، زياد أبو حيدر، طلب عويدات تكليف محام عام استئنافي لإطلاع الوفد القضائي على ملف حاكم مصرف لبنان، وأقفل هاتفه وغادر قصر العدل. لكن سرعان ما حلّ السجال سريعاً بتراجع أبو حيدر وتكليف القاضي رجا حاموش تسهيل مهمة الوفد الأوروبي".

إلى ذلك، عُلم أن الوفد القضائي الآتي من لوكسمبورغ سيصل إلى بيروت في 16 الجاري، وسيجري تحقيقاته على مدى 4 أيام فقط بالتعاون مع النيابة العامة التمييزية.