أنهى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، زيارته الرّسميّة والرّاعويّة إلى العاصمة البريطانيّة لندن، وقد تضمّنت لقاءات مع مسؤولين في مجلس العموم والحكومة، وبعض رؤساء الدّوائر الرّسميّة المهتمّة بالشّأن اللّبناني بوجهَيه السّياسي والاقتصادي، إلى جانب اللّقاءات مع أبناء الرّعيّة المارونيّة وسائر أبناء الجالية اللّبنانيّة.

وتناول الرّاعي ملفّات عديدة متّصلة بالوضع اللّبناني، وكرّر دعوته إلى القوى الدّوليّة المهتمّة بلبنان، ومنها بريطانيا، إلى "مساعدته سياسيًّا لتجاوز أزمته الرّاهنة، وتجنيبه تداعيات الصّراع الإقليمي المتفاقم". وجدّد دعوته أيضًا إلى "ضرورة تهيئة الظّروف الدّاخليّة والخارجيّة لتكريس حياد لبنان الإيجابي، الّذي يضمن مستقبله التّعدّدي ضمن وحدته، ورسالته الحضاريّة التّاريخيّة في الشّرق وفي العالم كلّه؛ وذلك في إطار رعاية ودعم دوليَّين".

وطرح ملف الأزمة الاقتصاديّة و"تداعياتها الخطيرة لجهة دفع اللّبنانيّين إلى المزيد من الهجرة، وتهديد الأرض اللّبنانيّة بإفراغها من أصحابها، وسط تواجد نحو مليوني نازح سوري ونحو نصف مليون لاجئ فلسطيني"، داعيًا مجدّدًا المجتمع الدولي إلى "إيجاد حلّ لأزمة النازحين السوريين وإعادتهم إلى سوريا، حفاظًا على تراث سوريا ووحدتها وحضارتها ودورها". كما جدّد المطالبة بضرورة "تطبيق حقّ عودة الفلسطينيّين وفق القرارات الدّوليّة".

كذلك عرض البطريرك مع المسؤولين الرّسميّين لـ"كيفيّة تطوير الدّعم الاقتصادي للبنان، من خلال تطوير مبادرات التّنمية المستدامة، الّتي تكفل رسوخ النّاس في أرضهم في لبنان، وتتركّز هذه المبادرات في المجال البيئي الثّقافي، الّذي انطلق مع عدد من الأجهزة الرّسميّة البريطانيّة منذ سنة 2003، مع زيارة البطريرك الرّاحل مار نصرالله بطرس صفير الى لندن".

وعلى الصّعيد الرّاعوي، شددّ مع أبناء الرّعيّة المارونيّة على "ضرورة تعزيز الرّعيّة كإطار لوحدتهم حول آباء الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة الّتي تتولّى خدمتهم مشكورة، وحول جملة مشاريع تتّصل بدور الكنيسة الرّاعوي الاجتماعي، ولجهة التّواصل مع أهلهم في لبنان ودعمهم، بالإضافة إلى إيجاد كنيسة جديدة أكبر تتّسع لأبناء الرعية الذين زاد عددهم".

وركّز أيضًا مع أبناء الجالية على "ضرورة إعطاء المجتمع البريطاني صورة لبنان الواحد، بعيدًا عن كلّ أشكال الانقسامات والخلافات السّياسيّة القائمة بين أركان الطّبقة السّياسيّة، فيما الشعب اللبناني بأكمله يواصل حياته اليوميّة المشتركة".

وقد اختتم الرّاعي زيارته إلى بريطانيا بزيارة مدينة بيرمينغهام، ملبّيًا دعوة رئيس الأساقفة الكاثوليك المطران برنارد لونغلي. وبدأت الزّيارة بالاحتفال بالذّبيحة الإلهيّة بحسب الطّقس الماروني في كنيسة الأوراتوري للقديس فيليب ناري.

وفي عظته، أكّد "ضرورة الصّلاة من أجل الدّعوات انطلاقًا من كلام الإنجيل: إنّ الحصاد كثير أمّا الفعلة فقليلون"، طالبًا من الله أن "يرسل لنا دعوات على مثال القديسين فيليب ناري وجون هنري نيومان".

بعد القدّاس، جال الرّاعي في المبنى الّذي كان يعيش فيه القديس جون هنري نيومان، إضافةً إلى مكتبته القيّمة. من ثمّ، التقى برئيس أساقفة بيرمينغهام، وناقش معه الوضع المسكوني في لبنان وعلاقة الكنيسة المارونية مع الكنائس الشّرقيّة. ولفت إلى "العلاقات المميّزة الّتي تجمع الكنيسة المارونية بسائر الكنائس الشّرقيّة"، مشدّدًا على "ضرورة الحفاظ على لبنان كنموذج للعيش المشترك المسيحي- المسيحي والمسيحي- الإسلامي".

وفي ختام اللّقاء، وجّه البطريرك دعوةً إلى رئيس الأساقفة لزيارة لبنان في فصل الصيف. بعدها، توجّه إلى كاتدرائية القديس تشاد، حيث ترأّس الصّلاة المسكونيّة مع رؤساء الكنائس المحليّة في المدينة.

وقد شهدت اللّقاءات الرّاعويّة كافّة، كثافة حضور ومشاركة من اللّبنانيّين الموجودين في العاصمة البريطانيّة لندن، بخاصّة أنّ زيارة الرّاعي كانت مقرّرة منذ سنة 2019، وقد تأجلت بسبب وباء "كورونا".