"بعد كلام طويل امتدّ لأكثر من سنتين، نحن أمام سقوط القناع عن ممارسة حكومة قضت كل تلك الفترة في التمويه. ومحاولة تمرير بعض القوانين التي لا تخدم المصلحة الوطنية... اليوم هناك حقيقة ظهرت أمام اللبنانيين وهي خطتها الحقيقية للتعافي عبر شطب أموال المودعين وعفى الله عما مضى وعدم تحميل "المنظومة التي أوصلتنا للوضع الحالي لمسؤولياتها" هذا ما صرح به النائب جورج عدوان مؤخرا بعد اجتماع لجنة المال.

نعم للأسف هذه هي الحقيقة، والدليل هو تمسّك الحكومة بخطّتها المدمّرة للإقتصاد وللثقة والتي ستختفي فيها الودائع، والأنكى أنها تأبى تحمل المسؤولية. أما وعود رئيس الحكومة برد الأموال الّتي تحت سقف المئة الف دولار ما هي الا"حملة اعلاميّة لتسويق الخطّة، التي لا تتضمّن أصلا بند اعادة هذه الفئة من الودائع والتي هي غير مؤمّنة في الواقع في القطاع المصرفي!.

بالرغم من كمّ الانتقادات المحقّة لهذه الخطة لماذا تتمسك بها الحكومة؟ وهل صحيح انّ المصارف اللبنانية ليست قادرة حتى على تأمين الاموال دون المئة الف دولار؟ يبدو انّ هذه هي الحقيقة التي لا زلنا نأبى تصديقها!.

الخبير المالي والمصرفي نيكولا شيخاني أكّد عبر "النشرة" ان خطّة الحكومة خطيرة على البلد تضع خطرًا على مصير لبنان الإقتصادي والوجودي، لأنها تضرب الثقة بنظامه الإقتصادي اللبناني، ولدى قراءتها هناك فقرتان خطرتين جدا، فقرة 24/1 و25 لكن الأهم هي الأولى، التي تقول أن الدولة تريد ان "تفك" (كانت العبارة في السابق "شطب") التزامات البنك المركزي على المصارف، ومعناها كما تعثرت الدولة على اليوروبوند وأدخلت لبنان في أزمة ماليّة ضخمة، منها تعثّر لبنان عالميًّا ورجوعه الى الوراء من حيث التصنيف المالي، الى متعثّر عالميًّا لم يعد لديه القدرة على استدانة اي شيء، والبنك المركزي يتعثّر كالدولة عن التزاماته مع البنوك، أي إعلانه التعثر عن الدفع للقطاع المصرفي، مع العلم انه يجب ان يرد للقطاع المصرفي تقريبا 82 مليار دولار، وهو لديه 10 مليار منها تسمى "احتياطي"، ويبقى عليه 72 مليارا وهي غير موجودة، ويضيف شيخاني أنهم يريدون بحسب الخطّة تعثّر البنك المركزي عنها لعدم دفع ما يتبقى للمصارف مما سيجعلها متعثّرة مع نظيرتها المراسلة وسيتحمّلون خسارات ضخمة، مما يعني افلاسا كليا للقطاع المصرفي لأن رأسماله 15 مليار والخسارة 72 مليار، فكيف سيتحمّل 57 مليار دولار الّتي ستُقْضم بالـ"هيركات" على المودعين بشكل حسم كلّي او "لَيْلَرَة" أو اي شكل آخر؟!. وهذا أمر خطير جدا لأنّ لا يوجد أي بلد في العالم يقتل قطاعه المصرفي.

ويرى شيخاني انه من دون أدنى شك القطاع المصرفي ارتكب أخطاء مهمّة ويجب ان تتمّ محاسبته واعادة هيكلته ولكن ليس تدميره!. كما لا يجوز القيام بـ"هيركات" على ودائع الناس 57 مليار (اي قرابة 70% منها) وهو أمر غير مقبول ولا يوجد أي رئيس جمهورية في العالم يعطي موافقته على اقتطاع 1% من موال المودعين في حين يفكرون في بيروت بـ70%، وفي ذلك مخالفة للدستور اللبناني الذي يحمي الملكية الشخصيّة بالمادة 15.

فهل من المسموح ولكي تخرج الدولة من ازمتها أن تضرب المودعين والثقة العالميّة بالمستثمرين الخارجيين ولدى المواطن الذي سيأبى ان يضع من جديد ماله في أيّ مصرف؟! فهي بذلك تقوم بعكس المطلوب!.

وحول امكانيّة المصارف برد الودائع التي لا تتخطى المئة الف دولار، أكد الخبير المالي والمصرفي نيكولا شيخاني ان ليست مؤمّنة وسيقومون بمحاسبة قانونيّة لكل مصرف على حدى لمعرفة مقدرته على تأمين المبلغ. اذن لا شيء صحيح على هذا الصعيد، وما يحصل هو حملة إعلامية لتسويق الخطّة الّتي لا تتضمن موضوع تأمين الودائع الأقل من مئة الف دولار ولا تنصّ على ذلك لأنها ستكلّفهم مليارات من الدولارات غير موجودة.