الجدلية القائمة بين الكائن ووجوده في الزمن جدليّة تطرح علينا اشكاليّة الزمن وعلاقته بالكائن وهي جدليّة وجوديّة، فلولا الزمن لما عرف الانسان ايجاد فواصل ومحطّات في حياته وفي سيلان العمر وعبور الايام بحلوها ومرّها والموت والحياة والاعياد فيها.

لأنه كما يقول الفيلسوف اليوناني [2]Héraclite d'éphèse في Pánta rheî[3] أن كل شيء يتدفّق ويعبر، ولن نستحم اكثر من مرّة في المياه الجارية ذاتها، ولكي لا تزول الاحداث مع مرور الزمن، يدوّن التاريخ الاحداث والذكريات. فالكائن المطلق الوحيد فوق الزمن والتغيير هو الله.

الانسان وحده لكونه عنده وجدان يتخطى الزمن بالتاريخ والذكريات باستمراريّة كيانيّة، وتواصل الزمن والفصول والموت والحياة يحدّد كل شيء بطقوس للعيد والاحتفال، والمشهديّة بطقوس الاناشيد والصلوات والرتب والشعائر تلاقي الوجدان، حيث يخلق حوارا وجوديًّا شخصانيًّا فيحضر الاخر في زمن حياتيٍّ ويمتلئ بحرارة الحب والتلاقي، وخلق المعاني الحياتيّة والوجوديّة فيقهر المرض والموت والغليان ويتداوى القلب بالحب واللقاء، فيشفى الانسان من الهلع امام الزوال والخوف من الفناء، من معطوبيته الوجوديّة وسرعة مرور الوقت والايام.

الحضور الإلهي يشفي من الزوال، والعلاقة الحارّة مع الحبيب المطلق الأزلي هي الشفاء بالصلاة والدعاء لقهر الزمن والفناء.

اعطني اللهم أيها الازلي الدائم المطلق أن الامس بعضاً من حضورك فأُشفى من خوفي من الموت والزوال، واعرف أنّ حياتي الفانية هي موعد دائم مع بقائك وحبّك.

[1](Ontos et chronos) ثلاث كلمات من اليونانية القديمة وتعني بين الكائن والزمن.

[2]هيراقليط هو فيلسوف يوناني عاش في أفسس حوالي عام 500 قبل الميلاد.

[3]هي صيغة تعني حرفياً في اليونانية القديمة (Πάντα ῥεῖ) أن كل الأشياء تتدفق بمعنى "كل شيء يمرّ".