يعيش لبنان منذ العام 2019 مرحلة الانهيار المالي والانحدار الاقتصادي الذي يفوق الوصف، ولا شكّ أيضاً أن الازمة التي نمرّ بها أثّرت كثيراً على التعاملات التجارية بين لبنان والعالم، نتيجة الصعوبات في الاستيراد والتصدير والقيود التي فرضتها البنوك في العالم بسبب التحقيقات التي تقوم بها عدة دول في جرم الاختلاس وتبييض الاموال في مصرف لبنان.

حتى الساعة كلّ شيء يسير في لبنان على قاعدة أن شيئاً لم يتغيّر منذ ما بعد اتمام اتفاق الطائف وتعيين رياض سلامة حاكما لمصرف لبنان الى العام 2019 تاريخ بدء ما يسمى "ثورة تشرين" وصولا الى إنهيار الليرة مقابل الدولار والحصار الاقتصادي الذي يعيشه لبنان.

في المصارف ملايين الحسابات لأشخاص يعيشون في لبنان والخارج والقيمة تقدّر بالمليارات، والمفارقة أن الناس تملك الحسابات المصرفيّة فيها والعبارة عن مجرّد "دفتر مصرفي" مسجّل عليه المبلغ لا أكثر ولا أقلّ ، فقد أتى من يريد أن يلسب الناس حقها. هنا تشير مصادر مطلعة الى أنّ "أزمة لبنان أكبر بكثير مما توقعنا، فمثلاً كم من عائلات، أبناؤها يتعلّمون في الخارج، وهم رغم امتلاكهم حسابات مصرفية لا يستطيعون تحويل الأموال إليهم؟ ولماذا؟ لأنه ببساطة في لبنان يمنع "صوريا" التحويل الى الخارج، وأي مبلغ يُحوّل قد يكون "مشبوهاً".

هذه وقائع يمرّ عليها المعنيون مرور الكرام والرأي العام اللبناني، الذي بات يفترض به أن يكون ضليعاً في السياسة والاقتصاد والمال وكلّ شيء حتى يعرف ويدرك "خفايا" ما يحاك له. وتلفت المصادر الى أن "لبنان على مرأى أعين الدول الأوروبية التي تحقّق في أكبر جريمة تبييض أموال حصلت على أراضيها"... السؤال الأهمّ ماذا سيحصل إذا ما إنتقلت القضية من التحقيقات الاوروبية الى الادعاء في الملف؟!.

طبعاً في لبنان، لا شيء غير عادي؟!. لأنّ الدولار ارتفع بشكل كبير وأصبح المواطنون تحت خطّ الفقر، هُرّبت الأموال الى الخارج، حجزت ودائع الناس في المصارف وبقي أحدهم ضابطا في الحرب الماليّة لا يُمكن أن نستغني عنه. وهنا تعود المصادر الى دور هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، لافتة الى أنها "الجهّة الوحيدة المخولة رفع السرية عن الحسابات وحجز الأموال داخل لبنان وخارجه، وتلعب دوراً محورياً في آلية استعادة الأموال المنهوبة، والمفترض أنها جهة مستقلة ولكن ترؤس حاكم المصرف المركزي لها لا يمنحها الاستقلالية المطلوبة".

تذهب المصادر أبعد من ذلك الى التأكيد أن "رئيس هيئة التحقيق الخاصة مُناط به مكافحة تبييض الأموال، ولكن في حال حصل الادعاء فإن توقيع رياض سلامة وهو رئيس هيئة التحقيق الخاصة يصبح لا "ثقة فيه"، وبالتالي سيصبح التعامل مع البنوك حكماً في الخارج صعبا، خصوصا وأن الهيئة المفترض أن تكافح تبييض الأموال أصبح رئيسها متهما بتبييض الاموال".

عند حدوث كلّ أمر في لبنان تتجه الأنظار الى الشعب، ونسمعها كثيراً "شو ما في شعب بلبنان"... كيف ساكتين"؟ هذا بالاجمال، ولكن لأول مرّة لا تقع على الشعب الملامة في هذه القضية لأنه "ضحية" النظام وضحية السياسيين الذين لهم وحدهم يوجّه السؤال "ماذا ستفعلون في حال حدوث هذا الامر؟ وكيف ستتصرفون؟!.

حالياً الشعب يأتي في المرتبة الثانية بعد السياسيين في هذه القضيّة، فمستقبل النظام المالي في لبنان هو بين أيديهم!.