على وقع فشل مجلس النّواب للمرّة الحادية عشرة في انتخاب رئيس للجمهوريّة، ذكرت صحيفة "الجمهوريّة"، أنّ "الإستعصاء يطوّق الأزمة الداخلية بكلّ تشعباتها الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية، وكذلك السياسية، وتضافرت تناقضات وأجندات ومقامرات أفرقاء الانقسام السياسي على مدّه بكلّ اسباب تحصينه. والسؤال الذي بات يطرح نفسه بإلحاح في موازاته: كيف يمكن كسر هذا الاستعصاء، على النحو الذي ينأى بلبنان عن جحيم كارثي ينتظره، ويضمن إعادة نهوضه مجدداً، ويبقيه على خريطة الدول، ويُخرج اللبنانيين من خوفهم على حاضرهم ومستقبلهم؟".

ولفت مرجع مسؤول، في حديث للصّحيفة، إلى أنّ "لبنان مع الأسف بات مكبّلاً بالمناكفات والمزايدات والكيديات، وباتت معها صياغة أي توافق او تفاهم او إحداث ثغرة انفراج في حائط انتخاب رئيس للجمهورية، ضرباً من المستحيل، وعلينا في هذا الواقع ان نتوقع الأسوأ".

وأكّد أنّها "المرة الأولى في تاريخ لبنان التي نقف فيها على حافة مجهول مخيف يتهدّد كل الواقع السياسي، وحتى بنية النظام اللبناني برمّته. وأمام ما بلغناه من انسداد، صار الحديث عن توافق داخلي حول انتخاب رئيس للجمهورية، في جو رافض كليّاً للتوافق، غير ذي معنى على الاطلاق؛ ما بات يوجب البحث عن بدائل جدّية تكسر هذا الانسداد".

وأشار المرجع إلى أنّ "المجلس النيابي بتركيبته الراهنة، أثبت فشله في انتخاب رئيس للجمهورية، وسيبقى ساحة مفتوحة للفشل مع كل جلسة يعقدها لانتخاب الرئيس، طالما انّه لا يبدو في أفقه ما قد يعدّل من توجّهات الحهات السياسية والنيابية، على نحو ينقل المجلس من كونه حاليّاً عنواناً لأقليات متصارعة وكامنة لبعضها البعض، وساحة للعداوات والتناقضات والصدامات والصبيانيات والولدنات والتهريجات والاعتصامات الاعلامية، إلى حلبة تفاهم وشراكة في سلوك مسار الانقاذ، بدءًا بانتخاب رئيس للجمهورية، وهذا ما ليس ممكناً مع الأسف".

وعن البدائل الممكنة، وما إذا كان حل المجلس النيابي احد الخيارات البديلة، ركّز على أنّ "الانتخابات النيابية أنتجت هذا المجلس، وتوزعت فيه القوى السياسية على شاكلة اقليات ولا اكثرية حاسمة فيه، ودلّت التجربة منذ ما قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، انّ حسم الاستحقاقات الكبرى، ومنها انتخاب رئيس الجمهورية، يوجب تلاقي اقليات المجلس على هذا الانتخاب، ولكن ما شهدناه على مدى 11 جلسة اكّد استحالة التلاقي والتوافق على رئيس".

وتساءل: "في الوقت الذي يسقط لبنان فيه في مزيد من الاهتراء على كل مستوياته، هل نسلّم بهذا الامر، ونستسلم للسقوط والمناكفات الشعبوية او المسرحيات التهريجية والاعتصامات الاستعراضية، ونبقى مستمرين في مسلسل الفشل من جلسة إلى جلسة؟"، مشدّدًا على أنّه "آن الأوان لوقف هذا المنحى. لا اقول انّ ثمة بدائل جاهزة، وانما هذا الانسداد بات يوجب الانتقال من دائرة الفشل إلى مدار البحث الجدّي عن بدائل لكسر الانسداد. كل هذا المسار الذي نشهده لا ينتج رئيساً، وبالتالي لا يمكن ان يستمر، وإذا ثمة ما هو غافل عن حقيقة ما نحن فيه، نقول له انّ البلد يفلت منا، وقد نصل الى لحظة لا نجده فيها".

أي هدف للاعتصام؟

أوضحت مصادر مجلسيّة لـ"الجمهوريّة"، تعليقًا على مواصلة النّائبين ملحم خلف ونجاة صليبا ‏اعتصامهما داخل قاعة مجلس النواب، للمطالبة بعقد جلسات متتالية للمجلس حتى ‏انتخاب رئيس للجمهورية، أنّ "النائب غير مقيّد، حيث له الحق في ان يعبّر عن رأيه وموقفه بالطريقة التي يريدها، وهذا الامر لا جدال فيه على الإطلاق. ولكن كان الأجدى لو كان عنوان اعتصام بعض النواب في المجلس، للضغط على الأفرقاء للتوافق على انتخاب رئيس الجمهورية، وهنا نعتبره اعتصاماً بريئاً وصادقاً".

ولفتت إلى أنّه "لكن ان يَتعَنوَن هذا الاعتصام بالضغط لعقد جلسات مفتوحة لانتخاب الرئيس، في محاولة مقصودة او غير مقصودة، للتعمية على السبب الأساس لتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، الا وهو هروب البعض من التوافق، والإيحاء وكأنّ رئيس المجلس هو من يعطّل انتخاب رئيس الجمهورية. فهذا يجعلنا ننظر إلى هذا الاعتصام بعين التشكيك بالنوايا والاهداف".

وأكّدت المصادر أنّ "هذا المنحى مرفوض، ولا يمكن القبول به او تجاوزه او تمريره، فإن كان هؤلاء حريصين على انتخاب الرئيس فليضغطوا في اتجاه التوافق. وربما نسي هؤلاء او تناسوا انّ رئيس المجلس ومنذ ما قبل انتهاء ولاية عون والدخول في فترة الفراغ الرئاسي، كان اول من نادى بالتوافق، ولا يزال يعتبر انّ هذا التوافق يشكّل المعبر الإلزامي لإنجاز الانتخابات الرئاسية؛ ومن دون هذا التوافق سنبقى ندور في حلقة التعطيل المفرغة".

اجتماع باريس

على مسافة ايام من انعقاد الاجتماع الاميركي- الفرنسي- السعودي- القطري، أبلغت مصادر دبلوماسية من العاصمة الفرنسية إلى "الجمهورية"، قولها إنّ "لا موعد محدداً بصورة نهائية لانعقاد هذا الاجتماع، انما المؤشرات ترجح انعقاده خلال الاسبوعين المقبلين".

واعتبرت أنّ "مجرّد انعقاد الاجتماع، يؤشر الى انّ الملف اللبناني لا يزال في دائرة اولويات واهتمامات أصدقائه، وخصوصاً فرنسا، التي تضع ثقلها لإحداث انفراجات سياسية واقتصادية في لبنان"، مشيرةً إلى أنّ "مقاربة هذا الاجتماع، ينبغي الّا تخرج عن سياق الواقعية، وبالتالي عدم تكبير سقف التوقعات قبل انعقاده، وخصوصاً انّه في جوهره يشكّل مناسبة وفرصة جديدة لحث اللبنانيين والتمنّي عليهم مجدداً، ان يبادروا سريعاً إلى انجاز استحقاقاتهم الدستورية. على انّ نجاح هذه الفرصة اولاً واخيراً، مرتبط بمدى استجابة القادة السياسيين في لبنان، وشراكتهم في اختيار رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة ترعى عملية انقاذية للبنان، وخطوات اصلاحية واسعة على كل الصعد والمستويات".

لا نتائج نوعية

بيّنت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ"الجمهورية"، أنّ "من غير المتوقع بروز حركة خارجية ضاغطة بشكل مباشر على الملف اللبناني لتسريع انتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي فإنّ المؤشرات السابقة للاجتماع المرتقب في العاصمة الفرنسية، لا تشي بعرض مسودة مشروع حل للأزمة في لبنان، او ما يمكن ان تسمّى ورقة لبنانية". وفسّرت أنّ "هذا الاجتماع كناية عن مشاورات تكميلية لسياق التشاور الدوري الجاري بين حين وآخر بين الدول المعنية بهذا الاجتماع، وبالتالي ينبغي عدم تحميله اكثر مما يحتمل وتوسيع مساحة الآمال حياله".

وركّزت على "أنّها لا تتوقع خروج اجتماع باريس بنتائج نوعية، بل انّ نتائجه محدّدة سلفاً، لناحية التأكيد على ما تمّ تأكيده في البيانات الاميركية والفرنسية والسعودية والقطرية السابقة، لناحية التشديد بداية على دعم لبنان وسيادته واستقراره الأمني والاقتصادي، وكذلك لناحية حث القادة السياسيين اللبنانيين على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية، وتشكيل حكومة قادرة على تطبيق الإصلاحات اللازمة لمعالجة الأزمتين السياسية والاقتصادية".

وعمّا يوجب عدم رفع سقف الآمال من اجتماع باريس، قالت المصادر إنّ "المستويات الدولية على اختلافها، اكّدت انّها لن تكون في موقع الضغط المباشر على الملف اللبناني، ما يعني أن لا مبادرات من اي جانب دولي او عربي تجاه لبنان. فلبنان كما هو واضح منطقة ساخنة ومتوترة، لكنها تقارَب فقط من الموقع الإعلامي وضمن سياق المواقف التقليدية للدول، وخصوصاً لناحية تأكيد الدعم للبنان وسيادته واستقلاله وما إلى ذلك".

كما رأت أنّ "على لبنان الّا يتوقع اكثر من ذلك، خصوصاً انّ جدول الاولويات والاهتمامات الدولية المباشرة بات محصوراً في اماكن اخرى، وعلى وجه الخصوص حيال الملف الاوكراني، حيث انّ المؤشرات الحربية على الجبهة الروسية- الاوكرانية، وكذلك على الجبهة الروسية- الدولية، توحي بدخولها منعطفات تنذر بتطورات اكثر خطورة، وتداعيات على اكثر من ساحة دولية".

القضاة الأوروبيون أنهوا تحقيقاتهم اللبنانية وملفاتهم جاهزة لتوجيه الاتهامات

أفادت صحيفة "الشّرق الأوسط"، بأنّ "الوفود القضائية الأوروبية استكملت أمس، الجولة الأولى من التحقيق في الملفات المالية التي تحوم حولها شبهات "الفساد وتبييض الأموال"، على أن تعود إلى بلدانها (فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ)، لتقييم نتائج التحقيقات التي أجرتها على مدى 5 أيام؛ واستمعت خلالها إلى 3 من نواب حاكم المصرف المركزي السابقين وموظفين كبار في البنك المركزي وأصحاب مصارف تجارية لبنانية".

وكشف مصدر قضائي بارز، لـ"الشرق الأوسط"، أن الوفود الأوروبية :ستعود إلى لبنان على الأرجح، في النصف الأول من شباط المقبل، لاستجواب 18 شخصاً ممن وردت أسماؤهم ضمن الاستنابة التي تسلَّمها القضاء اللبناني مطلع الشهر الحالي، والتي أثارت التباساً بين الجانبين، قبل إدخال تعديلات على مسار الإجراءات القضائية بتوافق الجانبين".

وبيّن أنّ "مهمّة الفريق الأوروبي حقّقت أهدافها خلال 5 أيام متواصلة من الاستجوابات، إذ استحصلوا على ما يكفي من مستندات ووثائق وإفادات لتعزيز ملفاتهم"، مؤكّدًا أنّ "الملفات باتت جاهزة ومستكملة لكل المعطيات التي تتيح لأعضاء الفريق توجيه الاتهام لأشخاص لبنانيين ومسؤولين ماليين، تحوم حولهم شبهات تبييض الأموال والفساد والاختلاس".

وشدّد على أنّ "القضاة الأجانب سيستمعون حتماً في الجولة اللاحقة إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومقرَّبين منه، بينهم شقيقه رجا، حول التحويلات المالية من لبنان إلى أوروبا، والتي بلغت قيمتها 320 مليون دولار ومعرفة مصدرها"، لافتاً إلى أن "تجربة التحقيق المشترك كانت مشجِّعة للقضاة الأوروبيين، الّذين عبّروا للنائب العام التمييزي عن ارتياحهم للتعاون الذي أبداه معهم، خلال الأسبوع الماضي، والتي سار فيها التحقيق بشكل هادئ ومنتظم".