بعد 5 أيّام على تحرّك بعض نوّاب التّغيير واعتصامهم في المجلس النيابي، للضّغط في اتجاه إبقاء جلسات الانتخاب مفتوحة حتّى اختيار رئيس الجمهوريّة، كشف مصدر سياسي رفيع المستوى لصحيفة "الجمهوريّة"، أنّ "رئيس المجلس النيابي نبيه بري لن يدعو الى جلسة اخرى لانتخاب رئيس، في ظل هذا الجو العَبثي الذي لا فائدة منه سوى إطالة عمر الشغور".

ورأى أنّ "الخطوات الشعبوية التي يقوم بها البعض، وكل المحاولات لفرض واقع معيّن على الثنائي الشيعي وحلفائه من اجل التراجع الى منطقة رمادية للاتفاق على رئيس، لن تصل الى نتيجة، ما دام أن هذا الرئيس غير موجود وفقاً للمواصفات التي وضعها معظم الأفرقاء". وعمّا إذا كانت اجتماعات الخارج يمكن ان تساعد على انجاز الاستحقاق الرئاسي، شدّد على أنّ "هذه الاجتماعات لن تقرّب ولن تؤخر، والنتائج لا تترجم الا بتوافق داخلي بين جميع الجهات، والا ستتكسر على حدود لبنان".

على الشجرة

اعتبرت أوساط سياسيّة معارضة لتحرّك النّواب في المجلس، لـ"الجمهوريّة"، أنّ "النواب المعتصمين صعدوا الى أعلى الشجرة ولا يعرفون كيف سينزلون عنها"، مشيرةً إلى أنّ "الاعتصام يشبه مسلسل عشرة عبيد صغار".

الاعتصام والاستهزاء

لفتت مصادر نيابية رافقت الاتصالات الجارية مع صاحبَي المبادرة الى الاعتصام النائبين ملحم خلف ونجاة صليبا، لـ"الجمهورية"، إلى أنّ "الإستهزاء بها لا مكان له حتى الساعة، ولو بقي الأمر رهن التحرك المزدوج لهما والتعاطف الذي لقياه من مجموعة النواب التغييريين والمستقلين وعدد من الكتل النيابية المعارضة".

وركّزت على أنّ "المخاوف من الترددات الخارجية المنتظرة للخطوة، على أبواب بعض اللقاءات الاقليمية والدولية التي ستتناول الوضع في لبنان، ليس مكانه في ساحة الإعتصام، فالمبادرة تدعو النواب الى الخروج من اصطفافاتهم الإقليمية، توصّلاً الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية من صنع اللبنانيين. وهم يرفضون اي خطوة تؤدي الى اعاقة انتخاب الرئيس، ومنها تعطيل النصاب القانوني بعد كل جلسة انتخابية، والاستمرار في زج لبنان في أتون أحداث المنطقة أيّاً كانت النتائج السلبية التي تؤدي إليها مواقفهم".

وأكّدت المصادر أنّ "أخطر ما يمكن أن تؤدي إليه ​سياسة​ المنظومة الحالية، التي تدير الامور بقدرة قادِر على التعطيل وإضاعة الفرص، ان تستمر في أدائها الحالي لتزيد الامور تعقيداً. فبعدما نقلت التوترات الامنية الى الساحة اللبنانية قبل الأزمة المالية والنقدية، ها هي تساهم اليوم في استنساخ هذه الازمة النقدية التي تعيشها دول المحور، سواء نتيجة الأزمات الاقتصادية والمعيشية او نتيجة العقوبات الأميركية والدولية، وذلك بتسهيل اعمال تهريب العملات الاجنبية والمواد الغذائية والادوية والمحروقات من لبنان إليها".

"الحزب" و"التيار"

ذكرت "الجمهوريّة"، أنّ "في هذه الأجواء، قطعت الاتصالات الجارية بين قيادتي "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" محطة مهمة، أدّت إلى التوافق على اجتماع مشترك يُعقد عصر اليوم في مقر التيار في سن الفيل، بين رئيسه النائب جبران باسيل ووفد من "حزب الله"ـ يضم المعاون السياسي للامين العام حسين خليل ومسؤول الأمن والارتباط وفيق صفا".

المعارضة

أشارت أوساط معارضة لـ"الجمهورية"، إلى أنّ "تحريك الجمود الرئاسي، يتطلّب مبادرات سياسية في ثلاثة اتجاهات أساسية:

- الاتجاه الأول، مواصلة السعي للوصول إلى أكثرية الـ65 نائبا، وكل ما هو أدنى من هذا السقف يعني استمرار المراوحة الرئاسية، ومن هنا أهمية تجاوز كل العراقيل والعقبات والتباينات التي تحول دون وحدة الصف المعارض على مرشح واحد.

- الاتجاه الثاني، تطوير الاعتصام في مجلس النواب، من خلال تسريع اتفاق المعارضة على مرشح واحد وانضمام كل مكوناتها الى هذا الاعتصام، بما يمهِّد إما لانتخاب مرشحها في الجلسة التي تتم الدعوة إليها، وإمّا لكشف الفريق المعطِّل ورفع منسوب الضغط الشعبي والروحي والدولي ضده، وإمّا الدفع في اتجاه التوافق على الرئيس العتيد مع تراجع الموالاة عن مرشحها وتعطيلها.

- الاتجاه الثالث، حَضّ الناس على النزول إلى الشارع والتظاهر سلمياً، بعيدًا عن العنف والاحتكاك بالقوى الأمنية التي تشكل الضامن الوحيد اليوم للاستقرار، فمواكبة الناس سلمياً لنواب المعارضة مسألة في منتهى الأهمية من أجل تسريع إنهاء الشغور الرئاسي".

ورأت الأوساط أنّ "الوقت أكثر من مؤاتٍ لتكثيف الضغوط السياسية والشعبية، سعياً لإخراج الاستحقاق الرئاسي من جموده، لثلاثة أسباب أساسية:

- السبب الأول، عدم قدرة فريق "الممانعة" على إيصال مرشحه بسبب الخلاف بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، ولا مؤشرات إلى انّ الأخير سيتراجع عن موقفه ويتبنى مرشح "الحزب".

- السبب الثاني، كَون المعارضة التي لم تتمكن بعد من توحيد صفوفها حول مرشح واحد، تتقاطع حول رفض انتخاب مرشّح فريق 8 آذار.

- السبب الثالث، كَون الأزمة المالية المتفاقمة فصولاً وانعكاساتها الشعبية، ستدفع الموالاة عاجلا أم آجلا إلى التخلي عن مرشحها والتوافق على مرشح يشكّل مساحة مشتركة بين الجميع".

جنبلاط يرشح قائد الجيش وأزعور وحنين لخروج لبنان من المأزق

كشفت مصادر قيادية في "الحزب التقدمي الاشتراكي"، لصحيفة "الشرق الأوسط"، أنّ "رئيس الحزب وليد جنبلاط، تداول خلال اجتماعه بالمعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" حسين خليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، في "مجموعة من الأفكار، لإخراج انتخاب رئيس للجمهورية من الدوران في حلقة مفرغة، بالتوافق على مرشح لا يشكل تحدياً للحزب ويدعوه للاطمئنان".

ولفتت إلى أن "جنبلاط انطلق، في دعوته للتفاهم على رئيس لا يصنف على خانة التحدي لأي فريق، من أن مؤيدي ترشيح النائب ميشال معوض لرئاسة الجمهورية لا يستطيعون تأمين الأكثرية النيابية لضمان فوزه، وأن الأمر نفسه ينسحب على مؤيدي زعيم تيار "المردة" سليمان فرنجية".

ونقلت عن جنبلاط، قوله إنّ "هناك ضرورة أمام هذا الواقع للتلاقي في منتصف الطريق، لبلورة موقف موحد يدفع باتجاه وضع حد للمراوحة بانتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً أن الجلسات النيابية المخصصة لانتخابه تحولت إلى مهزلة، وهذا ما يضطرنا لإعادة النظر في مشاركة نواب "اللقاء الديمقراطي" في الجلسات".

وذكرت الصّحيفة أنّ "جنبلاط طرح أسماء ثلاثة مرشحين من باب استمزاج رأي الحزب فيهم لا الحصر، وهم: قائد الجيش العماد جوزف عون، النائب السابق صلاح حنين، والوزير السابق جهاد أزعور. وكان لافتاً أنه لم يعلق عليها لا سلباً ولا إيجاباً، باستثناء قول خليل بأن انتخاب عون في حاجة إلى تعديل للدستور، وهذا يتطلب موافقة أكثرية الثلثين على تعديله".

وأفادت مصادر مواكبة للأجواء التي سادت اللقاء، بأنّ "خليل رأى بأن الحزب يدعم ترشيح فرنجية، وإن كان لم يطرح موقفه في العلن بصورة رسمية، وقال إن فرنجية يؤمن بالشراكة ويبدي انفتاحاً على الجميع، ويأخذ ويعطي معهم ولديه علاقات خارجية وهو محل تقدير واحترام، ما يعني أن خليل تمهل في إبداء رأيه باقتراح جنبلاط ريثما يضع نصر الله في أجواء اللقاء".

واعتبرت أنّ "الحزب يدعم ترشيح فرنجية، لاعتقاده بأن الفرصة متاحة لإيصاله إلى سدة رئاسة الجمهورية، وبالتالي ليس في وارد حرق أوراقه بهذه السهولة"، مبيّنةً أنّ "خليل تطرق إلى علاقة الحزب بباسيل، من زاوية أنه اتفق مع نصر الله على مواصلة المشاورات بعد أن افترقا على خلاف حول دعم ترشيح فرنجية".