أكّد النّائب ملحم خلف، أنّ "إصراره والنّائبة نجاة صليبا على البقاء في المجلس النيابي وعدم مغادرتهما، ليس "show" لاستقطاب الأضواء أو نشاطًا دعائيًّا، بل هو وبكلّ بساطة واجب وطني ودستوري مُلزِم، لا نملك ترف التّهاون في تأديته".

ولفت، في حديث إلى صحيفة "الجمهوريّة"، إلى أنّ "المادّة 74 من الدستور واضحة، ولا تتحمّل أيّ التباس في محتواها الّذي يفرض على النّواب أن يؤدّوا مهمّةً وحيدةً عند الشّغور، وهي انتخاب رئيس الجمهوريّة، إذ تلحظ أنّه عند خلوّ سدّة الرّئاسة لأيّ سبب كان، يجتمع مجلس النّواب بحكم القانون لانتخاب الخلف فورًا". وركّز على أنّ "تمسّكي مع زميلتي بالبقاء في المجلس، يرمي إلى حضّ النّواب على التّقيّد بهذه المادّة، والانخراط في جلسات متتالية من دون انقطاع إلى حين ولادة الرّئيس".

وعمّا إذا كان وجوده المستمر في المجلس، هو حراك عاطفي لا يمكن أن يعطي مفعولًا سياسيًّا، تساءل خلف: "هل المطالبة بتطبيق الدّستور هي مسألة عاطفيّة، أم قاعدة إلزاميّة يجب احترامها؟ هل القضيّة أنّني مغروم بالمادّة 74، أم معنيّ كنائب بتطبيقها من غير مواربة؟"، مشيرًا إلى أنّ "الإقامة في المجلس ليست مريحة بالتأكيد، والنّوم على الأريكة وسط انقطاع شبه متواصل للكهرباء هو مُضن، ولكن لم يكن أمامنا سوى هذا الخيار، لمحاولة إيقاظ الضّمائر الّتي تغطّ في سبات سياسي عميق".

وعلّق على ما يُقال عن إنّهم لجأوا إلى خطوة شعبويّة للضّغط على الآخرين، في حين أنّهم كنوّاب تغييريّين عاجزون أصلًا عن التّفاهم فيما بينهم على اسم واحد للرّئاسة، قائلًا: "يا أخي... معهم حق، نحن نوّاب مبتدئون وغير متمرّسين في السّياسة، ولا نفهم... حسنًا، ماذا فعلوا من جهّتهم؟ هم يعتبرون أنّنا لسنا سوى "كَم فَركوح"، فلماذا لا يكونوا أشطر منّا وينتخبوا رئيسًا من دون تأخير؟ عندما أرادوا خدمة مصالحهم اتّفقوا على تَقاسم اللجان النيابية بين ليلة وضحاها، بينما عندما يتعلّق الأمر بمصلحة النّاس والبلد لا يتحرّكون".

ورأى أنّهم "يحاولون تبرير فشلهم، والتّغطية عليه عبر اتّهامنا بالشّعبويّة... والمفارقة العجيبة هي أنّه "لا هِنّي بيتحمّلوا مسؤوليّتهم بانتخاب الرّئيس، ولا بيقبلوا إنّه حَدن يضغط بهيدا الاتجاه". وعمّا إذا كلن يظنّ أنّه وصليبا أصبحا في مأزق، لأنّهما صعدا إلى أعلى الشّجرة ولم يعد بمقدورهما النّزول عنها بسهولة، شدّد على أنّهم "يجب أن يعرفوا أنّنا "طلعنا عالشّجرة" حتّى لا نسمح لأحد بأن يقطعها. ونحن متمسّكان بهذه الشّجرة، كما المرأة الفلسطينيّة الّتي غمرت شجرة الزيتون".

كما أعلن خلف أنّ "نٓفٓسنا طويل، وسنكمل ما بدأناه حتّى تستيقظ ضمائرهم. أنا ذهبت إلى المستشفى ثمّ عدّت إلى المجلس، "شو بدّو يصير بعد أكتَر من هيك؟"، لافتًا إلى أنّ "نجاة صليبا هي أوّل امرأة في العالم تنفّذ تحرّكًا من هذا النّوع في مجلس نيابي، ومن يعوّل على استسلامها أو استسلامي، سيكون عليه ان ينتظر كثيرًا".

وحذّر من "مغبّة الانزلاق إلى أيّ نوع من أنواع الدّيكتاتوريّات في لبنان"، مؤكّدًا "التّصميم على مواجهة هذا المنحى". وأعرب عن استغرابه "نمط التّعاطي مع الاستحقاق الرّئاسي، كأنّهم تفاجأوا بانتهاء ولاية رئيس الجمهوريّة السّابق ميشال عون في 31 تشرين الثّاني الماضي".

وركّز على أنّ "انتخاب الرّئيس لا يتمّ من خلال العودة إلى التّسويات المعلّبة، الّتي تعكس محاصصةً سلطويّةً على حساب الحدّ الأدنى من الدّيمقراطيّة، وإنّما يتحقّق عبر البقاء تحت قبّة المجلس، والمشاركة في جلسات مفتوحة ومتتالية من دون انقطاع، وفق الآليّة الواردة في الفقرة الثّانية من المادة 49، على أنّه من الممكن أن يحصل بين الجلسة والأخرى أخذ ورَدّ، حتّى يستطيع أحد الأسماء نيل الأكثريّة المطلوبة".

إلى ذلك، وجد خلف أنّ "عمليّة الانتخاب لا يمكن أن تُنجز إلّا تحت ضغط أو ديناميّة الجلسات المتواصلة، أمّا التّأجيل من مرّة إلى أخرى فيؤدّي إلى استرخاء في المقاربات". وأبدى اقتناعه بـ"أنّني نجحت وصليبا على الأقل في تحريك المياه الرّاكدة، والأهمّ أنّنا نشعر خلال كلّ يوم نقضيه في المجلس، بأنّنا متصالحان مع نَفسينا وكذلك مع النّاس؛ لأنّنا نعكس وجعهم ونوصِل صوتهم".