على الرغم من أن الأسبوع الماضي كان مسرحاً لمجموعة من الصراعات، التي أوحت بأن الأمور ذاهبة إلى الفوضى على كافة الصعد، هناك في المقابل بعض المؤشرات المناقضة التي تستحق التوقف عندها، أبرزها دخول قطر، بشكل رسمي، على خط تحالف الشركات المسؤول عن التنقيب عن النفط في بعض البلوكات البحرية، الأمر الذي لا يمكن أن يتم في بيئة مرجّحة إلى التصعيد أكثر في المرحلة المقبلة.

في هذا السياق، تعود أوساط سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى ما حصل خلال الايام القليلة الماضية من تطورات، لا سيما على المستويين القضائي والمالي، حيث تشير إلى أنّ السؤال المركزي الذي كان يطرح نفسه بقوة يتعلّق بمسألة واحدة: هل مصدر التصعيد خارجي بالدرجة بالأولى أم أنه ناجم عن الصراعات الداخلية المعروفة؟ بالإضافة إلى سؤال آخر لا يقل أهمية يتعلق بمدى التصعيد المسموح به؟!.

في هذا الإطار، تلفت الأوساط نفسها إلى أنّ الجواب على الأول لا يزال يحتاج إلى المزيد من التدقيق، خصوصاً أنّ ما حصل، على المستوى القضائي، جاء مباشرة بعد مغادرة الوفود القضائيّة الأوروبيّة، التي كانت مهمّتها الأساسية التحقيق في قضية حاكم مصرف لبنان ​رياض سلامة​ ومتابعة ملفّ التحقيقات في إنفجار ​مرفأ بيروت​، أما الجواب على الثاني فهو معروف مسبقاً، ويستند إلى معادلة أنّ المسّ بالإستقرار الأمني من الخطوط الحمراء.

بناء على ما تقدم، ترى هذه الأوساط، إنطلاقاً من معطيات السؤال الثاني، فإنّه في حال كان مصدر ما حصل هو من الخارج، من المفترض أن يكون من ضمن الضغوط التي تصب بإتجاه تسريع إنجاز الإتفاق الرئاسي، أيّ إستعجال التسوية، أما في حال كان المصدر من الداخل بالدرجة الأولى، فهو يؤشر إلى أن القوى المحلّية وصلت إلى المكان الذي تشعر فيه بأنّ المطلوب إستعجال التدخّل الخارجي، طالما هي تسلم بعجزها عن إنجاز تسوية داخلية.

من جانبها، تلفت مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أنّ لبنان هو جزء من الصورة القائمة على المستوى الإقليمي، حيث هناك الحراك الذي يوحي ان مسار التسويات لم يقفل، الأمر الذي يتم التعبير عنه من خلال إستمرار التشديد السعودي-الإيراني على الحوار، من دون تجاهل الخطوات التي تقوم بها قطر، من زيارة أميرها تميم بن حمد إلى ​السعودية​، وصولاً إلى زيارة وزير خارجيتها محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى طهران، حيث تم الإعلان عن أنه كان يحمل رسائل من الجهات المشاركة ب​الإتفاق النووي​.

في المقابل، تشير هذه المصادر إلى التصعيد الإسرائيلي المتمثل بالهجوم، عبر طائرات مسيرة، الذي استهدف منشأة عسكرية إيرانية في مدينة أصفهان، بالإضافة إلى ما يجري في الداخل الفلسطيني من مواجهات، مع التشديد على أنّ ​الولايات المتحدة الأميركية​ لا تريد إنفجار أيّ صراع عسكري جديد في منطقة الشرق الأوسط، في ظل ذلك القائم بين الجانبين الروسي والأوكراني، وتضيف: "هذا المشهد يوحي بأن هناك ما يشبه الصراع التصعيدي والتسوية في المشهد العام".

في المحصّلة، تدعو المصادر نفسها إلى التوقف عند الحراك المستجد لرئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" ​وليد جنبلاط​، الذي يدرك جيداً متى يحين الموعد المناسب للتحرك، الأمر الذي عبر عنه من خلال الكشف عن طرحه مجموعة من الأسماء المرشّحة ل​رئاسة الجمهورية​ مع "​حزب الله​"، الأمر الذي ترى أنه لا يمكن أن يكون قد جاء من فراغ، بالرغم من أن التعويل على إمكانيّة نجاح أيّ حراك داخلي، من دون قوة دفع خارجية، قد لا يكون في مكانه.