على الرغم من حالة الغموض التي لا تزال ترافق ​الإستحقاق الرئاسي​، يبدو أنّ الأيام المقبلة ستشهد المزيد من التحرّكات التي تهدف إلى كسر المراوحة القائمة منذ أشهر، لكن وفق المعادلة الأساسية التي كانت قائمة منذ اليوم الأول على مستوى المرشحين، أيّ رئيس تيار "المردة" النائب السابق ​سليمان فرنجية​ وقائد الجيش ​العماد جوزاف عون​.

في الفترة الماضية، طُرحت أكثر من فرضيّة تتعلق بالذهاب إلى الإتفاق على إسم ثالث، من خارج هذا الإنقسام، لا سيما أنّ "​التيار الوطني الحر​" كان قد أبدى رفضاً واضحاً للإسمين المطروحين، إلا أنّ الأمور عادت، في نهاية المطاف، لتصب في الإطار نفسه، نظراً إلى أنهما يحظيان بالعدد الأكبر من الأصوات المؤيدة.

في هذا السياق، تلفت مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى ضرورة التوقف عند تطورين بارزين، الأول هو تسريب قوى الثامن من آذار معلومات عن إمكانية الذهاب إلى إنتخاب فرنجيّة بأكثريّة 65 صوتاً، من دون موافقة "التّيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية"، على قاعدة أنه يحظى بتأييد مجموعة من النواب المسيحيين المستقلّين، بينما الميثاقيّة المطلوبة هي في نصاب جلسة الإنتخاب، أي حضور 86 نائباً من مختلف الطوائف.

بالنسبة إلى التطوّر الثاني، فتشير المصادر نفسها إلى ذهاب رئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" النائب السابق ​وليد جنبلاط​ إلى تبنّي ترشيح قائد الجيش بشكل علني، من ضمن مجموعة من الأسماء التي يطرحها، الأمر الذي عاد رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ إلى تأكيد عدم ممانعته له، في حال كان أيّ إتفاق من هذا النوع يقود إلى معالجة الأزمة.

بين هذين التطورين، توضح هذه المصادر أنّ الجميع يبحث عن الغطاء الدولي الذي من الممكن أن يتوفّر لصالح أحد المرشحين المذكورين، فبالنسبة إلى رئيس تيار "المردة" الكثير من الكلام عن عدم وجود ممانعة دوليّة لإنتخابه، بينما بالنسبة إلى قائد الجيش الجميع يدرك أن تزكية التوافق عليه أكبر، مع العلم أنّ طرح الأسماء من جانب جنبلاط جاء بالتزامن مع زيارة عضو كتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب وائل أبو فاعور للرياض.

على هذا الصعيد، تلفت المصادر المتابعة إلى أنّ ما ينبغي التوقف عنده هو أن رئيس "الاشتراكي" بادر إلى التواصل مع مجموعة من القوى السياسية للوصول إلى تسوية، لكن الأهم من وجهة نظرها هو لقاءه مع رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، نظراً إلى أن الأخير كان من المراهنين على إمكانية إقناع جنبلاط بالتصويت لصالح فرنجيّة، وهو ما كان قد ترافق مع الحديث عن أن رئيس المجلس النيابي بدأ بإحتساب الأصوات التي من الممكن أن يحصل عليها رئيس تيار "المردة".

وتوضح المصادر نفسها أنّه حتى الساعة لا تزال قوى الثامن من آذار متمسكة بترشيح فرنجيّة، وهي تعمل على تأمين وصوله إلى رئاسة الجمهورية ولو بأكثرية 65 صوتاً، على قاعدة أنّ تسويق رئيس تيار "المردة" لنفسه في الخارج، الأمر الذي يتم التعبير عنه بالحديث عن عدم ممانعة سعودية، بالإضافة إلى موافقة بكركي، من الممكن أن يقودا إلى تغيير مواقف بعض الأفرقاء.

في المحصّلة، ترى هذه المصادر أنّ المعادلة باتت تتوقّف عند نقطة مفصليّة، تقوم على أساس من يقنع الآخر بمرشحه، أيّ جنبلاط وبري، خصوصاً أن إنتخاب عون يتطلب تعديلاً دستورياً، بحسب ما تؤكد أوساط قوى الثامن من آذار، من دون تجاهل أن إستمرار حالة الإستعصاء قد تقود إلى فتح الباب أمام مسارات أخرى، لا سيما أن "التيار الوطني الحر" لا يزال يرفض الإسمين.