اكد بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي "الحاجة الماسة الى علامة رجاء تقصي الخوف واليأس وتؤسس الى نهوض الوطن". وقال في كلمة القاها في اطلاق فعاليات شهر التسوق في زحلة برعاية وزارة الاقتصاد: "لست خبيرًا في الأمور الاقتصاديّة والماليّة لأتكلّم أمامكم في موضوعها. إنّما كمسؤول في الكنيسة أرغب في هذه المناسبة في أن أقدّم لكم باختصار وجهًا سمعتم وقرأتم عنه، أعني القدّيس بولس الرسول، عمل في صناعة وتجارة الخيم وصار في الوقت عينه قدّيسًا، لنسمع منه كيف مارس هذه المهنة وكان في الوقت عينه رسولًا ليسوع وشاهدًا للإنجيل، لنرى ما هي المبادئ التي كان يهتدي بها في عمله لعلّ في ذلك ما يوحي لكلّ واحد منّا ما يستطيع أن يستخلص منها لحياته وعمله، ولا ريب أنّ هذه المبادئ مشتركة ومطبّقة في نواحٍ كثيرة بينه وبينكم".

واشار الى ان" المبدأ الأوّل هو القدوة في سلوك بولس الشخصيّ، فمن حيث السلوك الشخصيّ نلاحظ أنّ الرسول بولس كان يعيش ما يدعو إليه ويبشّر به ويعطي بذلك المثل الصالح والحيّ للمؤمنين. وكان بذلك حقًّا بالقول والفعل متضامنًا مع المحتاجين. فلقد كان أوّلاً يعمل بيديه، في مهنة كان يتقنها وهي حياكة الخيم، ويكدّ ليلاً ونهارًا رافضًا أن يكون عالة على الذين يحمل إليهم بشرى الإنجيل، كما قال لأهل كورنثس: "نتعب عاملين بأيدينا" "وإذ كنت عندكم واحتجت لم أثقل عليكم، وذلك بالرغم من اعتقاده بأنّ خادم الهيكل يجب أن يأكل من الهيكل.كما قال : "إن كنّا نحن قد زرعنا لكم الروحيّات أفيكون أمرًا عظيمًا أن نحصد منكم الجسديّات؟... أولا تعلمون أنّ الذين يتولّون الأعمال الكهنوتيّة يأكلون من الهيكل، والذين يلازمون المذبح يقاسمون المذبح؟" وقد أراد بكلّ ذلك أن يبرهن على مجّانيّة الإنجيل. وإن حدث له أن طلب مساعدة فلغيره من المحتاجين، وليس لنفسه، كما نراه يفعل مع أهل رومة إذ يقول لهم: "أُبذلوا للقدّيسين في حاجاتهم واعكفوا على ضيافة الغرباء" .

اضاف العبسي : لقد كان بولس من الذين يكتفون بالضروريّ من متاع هذه الحياة. فإن توفّرت له اللقمة والكساء اعتبر نفسه مكتفيًا وشكر الله على ذلك. هكذا نراه يوصي تلميذه تيموثاوس قائلاً: "إنّا لم ندخل العالم بشيء ولن نستطيع أن نخرج منه بشيء، ومن ثمّ إذا ما كان لنا القوت والكسوة فلنقتنع بها". وقال :" كان بولس من الذين يعرفون أن يتكيّفوا مع ظروف الحياة ويتحمّلها من دون تذمّر. فإن توفّرت له وسائل العيش أخذ بها، وإن لم تتوفّر يرضى شاكرًا. في هذا نسمعه يقول "قد تعلّمت أن أكون قنوعًا في كلّ حال، فأعرفُ أن أعيش في العوز وأعرف أن أعيش في السَّعة. لقد روّضت نفسي في جميع الأحوال وفي كلٍّ منها، على الشِّبَع وعلى الجوع، على الرفاهة وعلى الفاقة. إنّي أستطيع كلّ شيء في الذي يقوّيني" .

وتابع: المبدأ الثاني هو العناية بالفقراء فكم مرّة أذلّ بولس نفسه في طلب المعونة لفقراء الكنيسة، لا بل كلّف نفسه عناء نقلها إلى أصحابها بنفسه أو بواسطة معاونيه. و يفتخر بانه عرف دومًا أن يتواضع لكي يوفّر للفقراء لقمة العيش فيطلبها لهم من الأغنياء. ها هو يقول لأهل كورنثس: "رأيت من اللازم أن أطلب من الإخوة أن يسبقونا إليكم ويعدّوا مِن قبلُ مبرّتكم الموعودَ بها" وأيضًا: "ينبغي أن تفيضوا أيضًا في هذا العمل الخيريّ، ولست أقول هذا على سبيل الأمر، ولكن لأختبر باجتهادِ".