بعيداً عن التوقعات والتنجيم الذي لا نؤمن به اصلاً، فإن بورصة الاسماء الرئاسية سجلت تطورات جديدة في الفترة الاخيرة، بعد ان كانت تراوح مكانها من دون اي قدرة على تحريكها بفاعلية، وعليه بات الوضع اكثر قابلية للبحث مع مرور الوقت وتنشيط الحركة الداخلية لمواكبة الحركة الخارجية الخجولة الا انها تبقى موجودة.

وتوقفت مصادر متابعة للملف الرئاسي عند ما سجلته التطورات على صعيد الاسماء في الآونة الاخيرة، وخلصت الى انه لا يمكن انكار الصراع بين الاسمين الاكثر تداولاً للوصول الى قصر بعبدا وهما قائد الجيش العماد جوزاف عون، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وفي وقت سجلت المصادر للاول بداية تحرك قطاره على صعيد الترشيح وتأمين الدعم، لفتت الى انه لا يزال امام عقبة مهمة تكمن في اقناع الاطراف المعارضة لانتخابه (وفي مقدمها التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحتى رئيس مجلس النواب نبيه بري) تغيير رأيهم ليس فقط لاختياره، بل ايضاً لتأمين العدد الكافي من الاصوات لاجراء التعديل الدستوري المطلوب الذي يضمن انتقاله من اليرزة الى بعبدا. ولكن المصادر لفتت الى "قطبة مخفية" في ها السياق تضع الموضوع في عهدة بري الذي، وفق المصادر، بامكانه ايجاد المخارج اللازمة لتخطي شرط التعديل اذا لزم الامر.

وعلى الرغم من "مرونة" رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، والكلام المطمئن الذي اطلقه رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط والحديث عن دعم اميركي له، يبقى وضع العماد عون غير محسوم حتى الساعة، في ظل تمسك الثنائي الشيعي بفرنجية ومحاولة تأمين الدعم الخارجي اللازم له للتفوق على عون واعتماده كخيار للمرحلة ولو بالنصف زائد واحد فقط، وهو ما قاله فرنجية نفسه من بكركي في هذا السياق.

وفي ظل تشتت الاصوات هنا وهناك وعدم سعي الخارج الى ضبط الايقاع الانتخابي الرئاسي، اتجهت الانظار الى بكركي لتأمين الغطاء المسيحي كي لا يقال انه تم "فرض" رئيس جمهورية مسيحي على المسيحيين في لبنان. غير ان بكركي غير متحمسة لايّ من المرشحين الاثنين، طبعاً هي لا تضع فيتو على ايّ منهما، ولكن المصادر المتابعة تذكّر بأن بكركي لا تحبذ "كسر" ايّ طرف مسيحي خصوصاً اذا كان يتمتّع بشعبية مهمة، وهي تؤيد بالعلن الجميع، ولكنها خلف الكواليس لا تخفي دعمها لروجيه ديب غير المحظي بدعم القوات اللبنانية والثنائي الشيعي.

اما في حال الاتفاق على عدم وجود حظوظ للمرشحين الرئيسيين، فإنه من المسلّم به، تقول المصادر نفسها، ان النائب ميشال معوض لن يكون في قصر بعبدا، كما هو حال جهاد ازعور ايضاً، فيما قد يكون السعي عندها الى استكشاف حظوظ ناجي البستاني الذي تربطه علاقة جيدة بالجميع، ولكنها تبقى غير كافية حتماً ليصبح رئيساً وعليه تعزيزها وتكثيف شبكة اتصالاته الداخلية والخارجية لانضاج التوافق عليه، وهو امر ليس بالصعب اذا ما تم السير بهذا المسار.

وتلفت المصادر الى انّ صورة حركة الاستحقاق الرئاسي بدأت الآن، وليس من قبل، وهو ما يفسّر كثرة الكلام عن المرشحين الجديين اي عون وفرنجية، فيما الاسماء الاخرى التي تمّ وضعها في صندوق الاقتراع خلال الجلسات السابقة، قد ادّت ما عليها، وباتت بعيدة عن خط النهاية وهي ستبتعد اكثر فأكثر. وابقت المصادر، من جهة ثانية، الكلام عن ترشح النائب جبران باسيل في اطاره من دون ايّ تضخيم له، بمعنى انها اعتبرت ما قاله عن ترشّحه بمثابة صرخة بأنّ صوته لا يزال مسموعاً وانّ دوره مهمّ في الاستحقاق الانتخابي ولا يجب تجاهله، ليحذّر من ان ايصال عون او فرنجية الى الرئاسة هو بمثابة اقصائه عن المسرح وهو ما لن يقبل به، اي انه من المهم اعطاؤه الضمانات التي تخوّله البقاء بفاعليّة على الساحة.