اشارت صحيفة "الديار" الى ان الحراك الدبلوماسي الفرنسي فرض نفسه على الواقع اللبناني خلال الساعات القليلة الماضية مع الاعلان رسميا عن عقد اجتماع "خماسي" يوم الاثنين المقبل للبحث بالملف اللبناني، تزامنا مع وجود السّفير المكلّف تنسيق الدعم الدولي للبنان بيار دوكان في بيروت، وزيارة وزير الخارجية كاثرين كولونا الى السعودية التي زار سفيرها الوليد البخاري وزارة الدفاع دون اسباب "موجبة"، والتقى بالامس قائد الجيش العماد جوزاف عون على وقع كلام لافت في الاعلام السعودي عن تقدمه في السباق الرئاسي، وفيما حط رئيس الدبلوماسية السعودية في بغداد دون ان تلوح في الافق ملامح استئناف الحوار مع الايرانيين، لا يزال الحراك الفرنسي محط تساؤلات كبيرة لجهة امكانية الرهان عليه لأحداث خرق جدي في جدار الازمة السياسية، واذا كان لقاء اليرزة "استطلاعيا" لا "تقريريا" بحسب مصادر متابعة لهذا الملف، فان فرنسا تمضي في طريق محفوف بالمخاطر مع استمرار رفع وتيرة التصعيد مع ايران، سواء عبر اعلان كولونا ان اهداف زيارتها الخليجية مواجهة ​سياسة​ طهران المزعزعة للاستقرار، او عبر توقيف البحرية الفرنسية لباخرة محملة بالاسلحة الايرانية متوجهة الى "انصار الله" في اليمن.

وفي الخلاصة، يمكن القول انه حتى الان لا خرق جوهريا ولا افضلية رئاسية لاحد، ووفقا لمعلومات "الديار" قطع الايرانيون "الطريق" مبكرا على اي تواصل فرنسي بشأن الملف اللبناني، عندما ابلغ مصدر كبير في الخارجية الجانب الفرنسي كلاما واضحا بان بلاده لا ولن تتدخل في هذا الشأن، وليست بحاجة لذلك بوجود حزب الله. وفي انتظار نتائج اللقاء الباريسي المنخفض المستوى دبلوماسيا،بدأت بكركي تتحرك رئاسيا، واعاد حزب الله تمسكه بالعلاقة مع التيار الوطني الحر بزيارة لافتة الى الرابية عشية توقيع اتفاقية مارمخايل، اما الترقب فيبقى سيد الموقف قضائيا، في ظل استمرار "الكباش" في العدلية حول تحقيقات جريمة المرفأ، مع اقتراب موعد الاستجوابات المحددة من قبل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار يوم الاثنين المقبل، فيما لم تنجح الاجراءات المالية والنقدية في وقف انهيار الليرة، وسط قلق مبرر من تداعيات بدء تطبيق رفع سعر الدولار رسميا الى 15000 ليرة.اما "كهربائيا" فقد "طار" قرض البنك الدولي المخصص للكهرباء بضغط من واشنطن التي تصر على ابقاء الضغط على حدته.

على خط الاستحقاق الرئاسي ، اثار توقيت زيارة السفير السعودي الوليد البخاري الى قائد الجيش العماد جوزاف عون الكثير من علامات الاستفهام لدى البعض، والذعر لدى البعض الآخر، حيال احتمال حصول توافق اقليمي ودولي على تزكية ترشيحه للرئاسة، عشية الاجتماع الباريسي يوم الاثنين المقبل. واذا كان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قد جاهر بدعم هذا الخيار وطرحه كمخرج للمازق الراهن، فان القوات اللبنانية التي تخشى حرق ورقته، تقترب من تبني هذا الاقتراح، اذا لمست وجود تبنٍ سعودي صريح له، وقد مهد رئيسها سمير جعجع لذلك بالقول انه إذا كان انتخاب قائد الجيش يحل المشكلة فهو لا يمانع بذلك. لكن مصادر مطلعة على هذا الحراك، تؤكد ان الرياض لم تتخذ بعد قرارا نهائيا في تبني قائد الجيش ولم تدخل بعد مع الجانب الفرنسي في التسميات، هي لا تزال عند موقفها السابق بعدم التدخل مباشرة في التفاصيل الا اذا كان ثمة تفاهم اشمل واوسع حول ملفات متعددة في المنطقة مع الايرانيين، ولهذا يمكن اعتبار زيارة البخاري الى اليرزة بانها استطلاعية لتعزيز التواصل مع عون كمرشح محتمل للرئاسة، لا اعلانا عن تبنيه، في ظل رغبة لدى الرياض في اجراء عملية جس نبض لمواقفه من بعض الملفات الحساسة بالنسبة لها. وكان النائب وائل ابو فاعور قد ابلغ القيادة السعودية في زيارته الاخيرة وجهة نظر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بضرورة الانفتاح على قائد الجيش واجراء حوار معمق معه باعتباره اكثر المرشحين المحتملين ليكون تسوية محتملة عند بلوغ الامور حدود الغليان. واذا كانت هذه الزيارة قد اثارت الريبة في ميرنا الشالوحي باعتباره مؤشرا على وجود جوقة داخلية وخارجية بدات جديا تعمل للتسويق لقائد الجيش.

اما موقف الثنائي الشيعي من طرح قائد الجيش، لا يزال على حاله، لجهة عدم التعليق السلبي على شخصه، وانما الاستمرار بدعم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وعدم القبول بالدخول في مرشح بديل حتى الآن، باعتبار انه لم يفقد فرصته بعد في الوصول الى بعبدا، لكن الكلام اللافت جاء من عين التينة حيث نقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري موقفا متشددا من خلال تاكيده ان المشكلة المرتبطة بقائد الجيش تتعلق بتعديل الدستورحيث يفترض به الاستقالة من موقعه قبل انتخابه بـ 6 أشهر، وهو ما لم يحصل، وهو يشدد على ضرورة احترام الآليات الدستورية، منتقدا القوى التي لا تمانع تعديل الدستور لإيصال قائد الجيش، بالسؤال: اين ذهب شعار أن البرلمان هيئة ناخبة فقط ولا يمكنه التشريع؟

قضائيا، الترقب لا يزال سيد الموقف، بعد وصول محاولات رأب الصدع بين المحقق العدلي طارق البيطار ومدعي عام التمييز غسان عويدات الى «حائط مسدود»، وفشل كل المحاولات لدفع مجلس القضاء الأعلى للاجتماع لمناقشة التطورات الأخيرة، ووفقا للمعلومات، لم تصل الاتصالات بين رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبّود ووزير العدل هنري الخوري وعويدات إلى نتيجة وقد رفض كل من البيطار وعويدات التراجع عن مواقفهما المتشددة ويترقب الجميع استحقاق يوم الاثنين المقبل، موعد استئناف البيطار، تحقيقاته بجلسة مخصصة لاستجواب وزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق، والنائب غازي زعيتر، ويتجه عويدات الى سحب المساعدين القضائيين الموضوعين بتصرّف المحقق العدلي لتدوين محاضر التحقيق، وعاد الى التلويح بالضغط لتنفيذ مذكرة اعتقال بحقه اذا اصر على الاستمرار باجراءاته. وتجنبا لوقوع المحظور ستشهد الساعات المقبلة اتصالات ولقاءات مكثفة يتولاها عبود، الذي يرفض حتى الآن انعقاد مجلس القضاء الأعلى، خوفا من «تطيير» البيطار، والحل الذي يعمل عليه لتبريد الاجواء يقضي بتجميد البيطار إجراءاته وإلغاء جلسات التحقيق المحددة هذا الشهر، والتراجع عن الادعاءات ، مقابل تراجع عويدات عن ادعائه على البيطار ومنعه من السفر، والنظر في كيفية وقف مفاعيل إطلاق سراح الموقوفين بملف المرفأ. لكن هذا الحل لا يزال بعيد المنال، وتبدو الامور معقدة وتتجه الى التصعيد.