هناك ارتباط عضوي تاريخي تأسيسي رسولي بين ​الموارنة​ و​لبنان​ يتخطى هذا الارتباط الجذري، خاصة في الليتورجيا ومجموعة الاناشيد والصلوات المرتبطة بالارض والجبل بالوادي المقدّس، بالعائلة الكنسية، بالأعياد والاحتفالات في جميع الأزمنة الطقسية والعبادات المرتبطة بالقديسيين والحياة الرهبانية الرجالية والنسائية، في الفولكلور والاحتفالات الشعبية وطقوس الحياة والموت والجنازات والاعراس ورتب الاسرار والطقوس واللعب والترفيه والتسلية.

أكان ذلك هنا في لبنان ام في بلاد الانتشار. هويّة ذاتيّة ومميّزة شخصيّة فريدة تؤسّس على الحوار مع السماء والارض والانسان والاحياء والاموات في جميع ظروف الحياة. طقوسية ادونيسية تبنى على البعث والموت والعودة والجمال ووفرة الغلال والخير إنها "ميثة" (Myth) التأسيس في جميع مواسم وظروف الحياة. دماء ادونيس المقتول من الوحش في غابات لبنان تظهر اقحوانا احمرَ بعد الحياة الدائمة، وهذا هو لبنان حياة دائمة بالرغم من الموت والخراب والدمار، ولو اكلته النار التي يتكلم عنها أشعيا في نبؤاته انها "ميثة" الحياة والفرح والبعث والربيع العائد من الثلج والبرد، ولو دمر الانفجار القاتل الوحشي ​بيروت​ فستقوم من الدمار والخراب والموت، هذا هو طائر الفينيق يقوم من الرماد جميلا، ما زال لبنان بهيًّا كوجه ادونيس ووجه عشتروت، لذلك ارسل الله القديسين في هذا الزمن الأسود: شربل، رفقة، نعمة الله الحرديني، اسطفان، يعقوب، ومجموعة من الشهداء الابرار، ليقول لنا لا تخافوا لأن يد الله لن تترك لبنان للموت والخراب والدمار وستعود بيروت من فم الوحش، ومن رمال البحر ست الدنيا والعالم، هذا هو الرجاء الذي يقرع أجراسه الموارنة في لبنان قائم دائما من الخراب والدمار والموت. من هنا فإن مستقبل الموارنة في مسارهم التاريخي هو دوما من حمل رسالة حضارية انسانية فكرية روحية صوفية مليئة بالفرح والأمل والرجاء. هذا المستقبل سيشهد على اوجه رجال عظام كتبوا تاريخ النهضة العربية والثورة الشعرية والفكرية والفلسفية والسياسية والديمقراطية والتنوّع، من يوم قرروا ان يكتشفوا حروف الأبجدية حتى ثورة المجمع اللبناني والمطبعة والابداعات الملحمية والشعرية والفلسفية والنسكية والتأسيس الرهباني، الجامعي، السياسي، الاقتصادي، الملحمي، التقني والفلوكلور اللبناني الغني بالابداع والاثارة والغنج والدلال والبطولة والمراجل وتحديات الفرسان والخيالة والرجال الأبطال.

كل ذلك مع الالتزام بما تعلمه ​الكنيسة​ وبعهدة السيد البطريرك، وثقة البطل يوسف بك كرم أكبر مثال على ذلك الوطن الذي اعطى القديسين شربل، رفقة نعمة الله، اصطفان، يعقوب لا خوف عليه، فلا نولول ولا نندب ولا نرفع صوتنا للبكاء والنحيب، انما لتكن أصواتنا صلوات ورجاء وايمان وشكر لله الذي يرسل دوما لنا الخلاص والفرح في ساعة لا ننتظرها.