شدّد متروبوليت بيروت وتوابعها للرّوم الأرثوذكس المطران الياس عودة، على "أنّنا لا نرى حولنا في هذا البلد، إلّا مسؤولين فرّيسيّين يتلطّون خلف حجّة تطبيق القوانين الّتي طوّعوها لمصالحهم، لكنّهم في الواقع يقهرون شعبًا بكامله"، مشيرًا إلى أنّ "على أولئك أن يتذكّروا أنّ خلاصهم مرتبط بخلاص إخوتهم، أبناء شعبهم، وأنّ القوانين وُضعت لتحدّد الحقوق والواجبات، ولمحاسبة كلّ مقصّر ومجرم وهارب من العدالة".

ورأى، خلال ترؤّسه خدمة القداس الإلهي في كنيسة القديس نيقولاوس، أنّ "الواقع المرير الّذي نعيشه، سببه الكبرياء والأنانيّة، أمّا المحرّك فهي الارتباطات المشبوهة والمصالح والمكاسب والانقسامات الطّائفيّة"، مؤكّدًا "أنّنا بحاجة إلى التّخلّص من بقايا صراعات قضت على سنوات من حياة اللّبنانيّين وأضاعت آمالهم، وإلى زرع بذار التّواضع والمحبّة والتّفاهم، من أجل لبنان جديد قائم على الديمقراطية الحقيقية، مرتكز على المساواة والعدالة وقبول الآخر واحترامه".

وركّز المطران عودة على أنّ "الكلّ سينقضي لكنّ الوطن باق"، متسائًلا: "هل نريده أشلاء وطن يضمحلّ مع الزّمن، أم نريده برعمًا لمستقبل يعد بالإشراق والإبداع؟ نحن بحاجة إلى العبور من الظّلمات إلى نور الحقيقة، والحقيقة أنّ التعنّت والمكابرة والحقد وتصفية الحسابات لم توصلنا إلّا إلى التّراجع والانهيار".

وبيّن أنّه "حان وقت التّعقّل والتّواضع والعودة إلى الدستور الذّي وحده ينظّم حياتنا، وليقم كلّ مسؤول وزعيم ومواطن بواجبه من أجل إنقاذ هذا البلد، كي لا نبكي عليه لاحقًا لأنّنا لم نحسن الحفاظ عليه". وتوجّه إلى الجميع، قائلًا: "أتركوا خلافاتكم وتخلّوا عن مصالحكم وتكاتفوا بتواضع ومحبّة. الظّرف الّذي نعيشه استثنائي، وفي الظّروف الاستثنائيّة نحتاج قامات وطنيّة. نحن بحاجة إلى الحزم في تطبيق القوانين لكي لا يستقوي أحد، فلا يفلت فاسد أو مستغلّ أو معطّل للعدالة أو مهرّب أو مستبدّ، أو مضارب يساهم في انهيار الليرة أكثر فأكثر وفي جوع النّاس أكثر".

كما لفت إلى "أنّنا نعيش في اهتراء سياسي وأخلاقي مقلق. استشراء الفوضى والفساد، وانهيار الليرة، وازدياد السّرقة... كلّها عوامل تدلّ على حجم الخطورة الّتي بلغها الوضع؛ ولكي تستقيم الأمور نحن بحاجة إلى انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن". وسأل: "كيف يتقاعس المجلس النيابي، المؤتمن على تطبيق الدستور، عن انتخاب رئيس؟ وما هي مصلحة المعطّلين؟ هل يخدم الفراغ أحدًا؟ وهل يعلي الانهيار شأن أحد في عيون المواطنين؟".

وشدّد عودة على أنّ "هذا الصّراع بين من يريد تطبيق الدّستور بحذافيره، ومن يفسّر الدّستور بحسب مصلحته يجب أن ينتهي، وعلى النّواب أن يتخطّوا خلافاتهم، والقيام بواجبهم حفاظًا على ثقة الشّعب وعلى دور المجلس النيابي". وذكر أنّ "صلاتي أن يلهم الرّبّ قادة هذا البلد لينصرفوا إلى البنيان، بنيان الثّقة بالدّولة وفرض هيبتها، بنيان المؤسّسات وتفعيل دورها، خاصّةً الرّقابية منها، من أجل فرض المحاسبة وعدم إفلات أيّ مجرم أو مذنب من العقاب، وأخيرًا بنيان المواطن على احترام وطنه والانتماء إليه وحده والعمل من أجله، بنيانه على المحبّة والتّسامح وعدم المساومة ورفض الولاءات الحزبيّة والطّائفيّة على حساب الولاء للوطن".