ذكرت صحيفة "الأخبار"، أنّ "بشكل مفاجئ، وعلى عكس كل الإجراءات التصعيدية التي اتخذها المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، قرّر أمس إرجاء كل الجلسات التي حدّدها في شباط لاستجواب المدعى عليهم، وأطلق البيطار مواقف "مُهادنة"، مشيراً إلى "أنني أجّلت الجلسات لأنّ مصلحة ملف التّحقيق العدلي تقتضي حصول تعاون بين المحقّق والنّيابة العامّة التّمييزية، وحالياً هذا التّعاون غير قائم، ويُفترض أن يُحلّ، وعندها نستأنف العمل". وأضاف: "نريد وضع التحقيق في ملف المرفأ على الطريق الصحيح والحفاظ عليه، ولا يمكن السير بالملف في جوّ متشنّج".

وأشارت إلى أنّ "خطوة البيطار فتحت باباً للأسئلة عمّا إذا كانت مرتبطة باتفاق قضائي، أم لشعوره بعدم وجود غطاء شعبي وسياسي كافٍ للمعركة التي يخوضها"، مبيّنةً أنّ "ما جرى أسهم في تهدئة الأجواء المتشنجة في قصر العدل منذ أسابيع، إلا أن المعلومات تضاربت حول أسبابه".

وأوضحت الصّحيفة أنّ "التسريبات من مصادر المحقق العدلي، في الأيام القليلة الماضية، كانت تؤكّد أنه يتجه إلى إصدار مذكرات توقيف في حق من لا يمثل من المدّعى عليهم، مقابل ما نقِل عن مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات عن إصدار مذكرة توقيف في حق البيطار، في حال استكمل إجراءاته".

وعزت مصادر قضائية، عبر "الأخبار"، تهدئة البيطار إلى "مشاورات مستمرة منذ أيام، بينَ رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود وأعضاء المجلس والبيطار وعويدات، بهدف تجميد الإجراءات وتخفيف التصعيد والبحث عن سبل للخروج من هذه الأزمة القضائية، لأن استمرار الأمور على هذا النحو فلن تؤدي إلى مكان".

ورأت أنّ "البيطار وجد في هذه المشاورات فرصة للنزول عن الشجرة، لكونه لم يلقَ الدعم السياسي والشعبي المطلوب، ولا حتى المؤازرة الدولية، فضلاً عن معرفته بأن أي جهاز أمني لن ينفّذ قراراته، ولأن لا مخرج قانونياً لكل إجراءاته قرر التراجع، خصوصاً أن الجيش يمكنه أن يحميه في منزله ومكتبه؛ لكنه لن يستطيع مخالفة أي مذكرة إحضار تصدر في حقه".

في المقابل، أعربت أوساط العدليّة، لـ"الأخبار"، عن تخوّفها من أن "تكون خطوة البيطار مجرد "استراحة محارب" منسقة مع عبّود، في انتظار الوقت المناسب لاستئناف التصعيد"، ملمّحةً إلى إمكانية أن "يكون هذا التراجع مرتبطاً بتداول اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون مرشحاً رئاسياً ولعدم إحراجه، علماً أن الأخير أبلغ البيطار سابقاً رفضه أن يكون طرفاً في الصراع القضائي".

واشنطن وباريس: لا مرشّح لنا للرئاسة

خُماسي الدوحة يعود من بوّابة باريس

لفتت "الأخبار" إلى أنّه "يُنظر الى اجتماع الدول الخمس في باريس، على أنه نافذة أمل في استحقاق محكم الإغلاق من الداخل. لا يستعجله أفرقاؤه إلا كلٌ بحسب شروطه، ولا يريده أيّ منهم بشروط سواه. وحدهم هؤلاء يملكون مفاتيح الأقفال. أما اجتماع باريس فليس له سوى أن يقرع على الباب".

وركّزت على أنّه "قد تكون مصادفة، أو متعمّداً، أن أفرقاء الاجتماع الخماسي في باريس، الولايات المتحدة وفرنسا ومصر والسعودية وقطر، هم عرّابو اتفاق الدوحة عام 2008. رافقوا، كلٌ من موقعه ودوره وموطئ قدمه، شغور رئاسة الجمهورية طوال ستة أشهر بين تشرين الثاني 2007 وأيار 2008، وتوالوا على تقاسم الأدوار".

وأفادت بأنّ "تَشابُه الأحداث وبقاء الأبطال أنفسهم في اللعبة ذاتها، أضف شغور الرئاسة وانقسام القوى كما انقسامها على الحكومة وفائض القوة لدى "حزب الله"، فرصة للعودة الى ما حدث عام 2008. وقتذاك استمرت جهود ذلك الخماسي طوال مدة الشغور، دونما التوصل الى نتيجة من جراء إصرار كلٍ من الأفرقاء اللبنانيين على شروطهم، هم المنقسمون بين فريقَي 8 و14 آذار، إلى أن وقعوا في مستنقع الاقتتال في 7 أيار"، مبيّنةً أنّ "على الأثر، تمكّن الخماسي من التوصل الى تسوية اتفاق الدوحة. ذلك ما لا يملكه الشرط الفعلي لإنجاد لبنان وإخراجه من مآزقه المضاعفة اليوم، وقد انضمّ إليها تفتّت الاقتصاد وانهيار الوضع المعيشي".

واعتبرت الصّحيفة أنّ "اجتماع الدول الخمس البارحة، ليس سوى استعادة للأيام الأولى من شغور 2007، وليس خاتمة مطافه في ما بعد. ثمّة ما لا يزال ينقص المجتمعين في باريس، هو الوصول الى لحظة الانفجار التي تجعل التسوية متاحة، يتهيّبها الأفرقاء اللبنانيون وينصاعون إليها"، مشيرةً إلى أنّ "لذا، قد يكون صائباً الظنّ أن من المبكر على الخماسي توقّع استجابة بلا ثمن باهظ، وقد يكون من الأوهام المستعجلة الاستنتاج بأن الاجتماع الأول في باريس يشبه رفع العصا في وجه أولئك".

وأكّدت أنّ "غير المتوقع من العواصم الخمس في باريس على غرار ما رافق اتفاق الدوحة قبلاً، فالخوض في الاستحقاق الرئاسي بتفاصيله، سواء في اجتماع المندوبين أمس أو في الاجتماع التالي على مستوى وزراء الخارجية في ما بعد، على أنه تكملة مفترضة لنجاح الاجتماع الأول. في الحصيلة، يُنظر الى دول الخماسي على أنها المعنية مباشرة بإخراج لبنان من مآزقه الحالية، على أن يتولى اللبنانيون بأنفسهم إدارة تسويتهم الجديدة".

كما كشفت "الأخبار" أنّ "المعطيات المحلية السابقة لاجتماع باريس والمرافقة له، سمعها مسؤولون رسميون من السفيرتين الأميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو أخيراً، حيال مقاربتيهما للانتخابات الرئاسية اللبنانية"، موضحةً أنّ "ما قالته السفيرة الأميركية أن التعليمات المعطاة لها من إدارتها، أن لا مرشّحَ معيّناً لواشنطن، بل ما تلحّ عليه هو انتخاب رئيس أيّاً يكن، يختاره اللبنانيون بأنفسهم".

وأفادت بأنّ "ما قالته للمسؤولين الرسميين ان على حزب الله، تسهيلاً لانطلاق آلية انتخاب رئيس للجمهورية، سحب مرشحه رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية. في ظل الإصرار عليه، وإن مداورة من خلال الاقتراع بالأوراق البيض، لن يصير الى انتخاب رئيس للجمهورية ولن يُصوَّب مسار جلسات الانتخاب التي تجرى عبثاً. قالت كذلك إنها تعرف، كما إدارتها، أن أيّ رئيس للبنان من الأسماء المتداولة حالياً، لن يكون معادياً للولايات المتحدة. لذا فهي غير معنيّة بالأسماء ولا تهتمّ لتسمية أحد مقدار اهتمامها بحصول الاقتراع".

وأكّدت أنّ "ما قالته السفيرة الفرنسية، مطابق لنظيرتها الأميركية. فهي كشفت أن الرئيس الفرنسية إيمانويل ماكرون استدعاها قبل أيام الى باريس، وعقد معها اجتماعاً دام ساعتين، أظهر لها في خلالهما أن لبنان يهمّه ويعنيه، وأكد أن ليس لباريس مرشح، بل تؤيد من ينتخبه اللبنانيون أياً يكن، وهي ستتعاون معه في المرحلة المقبلة. قالت كذلك ما قالته شيا: لا رئيس للجمهورية يُنتخب سيكون مناوئاً لفرنسا".