تعيش الأسواق اللبنانية فلتاناً حقيقياً نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، التجار يحتكرون، أصحاب المولدات يلجأون الى ابتزاز المواطنين والتسعير على هواهم بأرباح خيالية، والدولة اللبنانية في "غيبوبة" وتتأرجح الأسباب ما بين التواطؤ وعدم القدرة على ابتكار حلول فعلية. وفي النهاية الضحية الكبرى في هذا كلّه هو المواطن اللبناني!.

مع بداية الشهر وعند استيفاء فواتير المولدات ارتفعت الأصوات التي تحدثت عن ارباح خيّالية جناها أصحاب المولدات نتيجة التلاعب بتسعيرة الدولار، اليكم مثلاً ما يحصل في بعض مناطق كسروان الفتوح. صاحب المولد وعند دفع استيفاء الفاتورة لا يرضى الا أن يتقاضاها بالدولار، فماذا يفعل؟ يلجأ الى حاصل الفاتورة بالليرة اللبنانية ويقسمه على 51 الف ليرة (متوسط سعر الدولار خلال كانون الثاني بحسب ما وضعته وزارة الطاقة) هذا لمعرفة القيمة النهائيّة بالدولار ولكن إذا اراد استيفاءها بالليرة بعدها يلجأ الى ضرب المبلغ النهائي على سعر الدولار في السوق السوداء. ماذا يعني هذا؟.

يعني أن صاحب كلّ مولد في بعض مناطق كسروان كبلّونة وعجلتون وسهيلة مثلاً وذوق مصبح يربح بكل مئة دولار، 21 دولارًا تقريبا أيّ بدل أن تكون الفاتورة النهائية 79 دولارا تصبح 100 دولار.

هذه ليست رواية ولا قصّة خيالية هذه حقائق تحصل، رواها لـ"النشرة" رؤساء بلديات في كسروان الفتوح رفضوا الكشف عن اسمائهم، مؤكّدين أن "أصحاب المولدات "يتمرجلون" علينا وإذا لم ندفع لهم ما يريدون يلجأون الى اطفاء المولّد او قطع الكهرباء عن الزبائن والمنطقة وعندها ستعلو الصرخة".

هذه عيّنة من المخالفات التي ترتكب في مختلف الأقضية.

تؤكد مصادر وزارة الاقتصاد أن "المخالفات تعدّت هذا القضاء الى أقضية أخرى منها المتن، إذ سطّرت محاضر ضبط بحقّ أصحاب مولدات في البوشرية والدكوانة وغيرها وفي مناطق في الجنوب كحاصبيا ومرجعيون وفي كسروان حتى".

تشير المصادر الى أن "الحكم النهائي هو للقضاء، وبحسب المعلومات فإنّ القضاء اللبناني كلّف أمن الدولة بمراسلته مباشرةً عند تسطير المحاضر ،ويبدو أن الإتجاه هو لاصدار أحكام بحق المخالفين بمصادرة المولد ربما"، تذهب المصادر أبعد من ذلك لتضيء على مشكلة أخرى سيتم الوقوع فيها في حال اصدار الأحكام الا وهي أن أصحاب المولدات سيلجأون الى اطفاء مولداتهم، وهنا على البلديات أن تكون جاهزة لتستلم مكانهم وهذا الامر ليس بالسهل، والواضح أن أغلب البلديات ترفض القيام بهذا الأمر أو حتى أنها ليست جاهزة لتستلم هذه المهمّة من هنا يُمكن فهم سكوت أغلب رؤساء البلديات عن المخالفات التي يقوم بها أصحاب المولدات، في وقت أشارت فيه المعلومات عن تواطؤ مقصودٍ من رؤساء البلديات في بعض المناطق من أجل منفعة خاصة، رغم تذرّع بعضهم خفية بالانزعاج ممّا يحصل، في حين أنّهم يقومون بتغطية التجاوزات وغض الطرف عن سابق تصوّر وتصميم.

ليس منطقياً أبداً لجوء أصحاب المولدات الى ابتزاز الناس بالقول إما أن تقبلوا بالدفع على هوانا أو نقطع عنكم الكهرباء، وليس منطقيًّا أبدا الهمس من باب حيال من يمكن أن يستلم المولّد في حال المصادرة عند المخالفة. وتحت ذريعة عدم وجود بديل للاستلام يُترك صاحب المولد على "ذوقه إذا كان يعرف معنى الذوق والضمير المفقود لديه" ليبتزّ الناس ويجني الأرباح الخيالية ويسرح ويمرح و"يعنتر ويتنمّر" والدولة تدفن رأسها بالرمل تماماً مثل النعامة!.