قبل أيام كان كل شيء يوحي بوضع لبناني متفجر هذا الأسبوع، لكن يبدو أن اللبنانيين سيكتفون حالياً بالزلازل الأرضيّة التي ضربت تركيا، والهزات الإرتداديّة عليهم، فما كان متوقعاً ان يتفجّر، لم ينفجر بسبب نزع فتيل التفجير، ولو موقتاً.

بعد عرض الفيلم الوثائقي الفرنسي، والذي تبيّن أنّ الإعلان الترويجي له باللغة العربيّة كان مبالغاً فيه، وخلوّ الفيلم من تقديم أيّ جديد على صعيد المرفأ، وتبنّيه رواية مروان حمادة وأشرف ريفي، حول علاقة حزب الله بالإنفجار، كان مفاجئًا ما حصل يوم الاثنين بالنسبة لقاضي التحقيق في ملف انفجار المرفأ طارق البيطار، فبعد أن كان قد حدد جلسات للإستماع الى بعض الشخصيات السياسية، وكانت التوقعات تتحدث عن نيته تسطير مذكرات توقيف بحقهم، جمّد كل شيء، معتبراً أن التأجيل يأتي بالنّظر للظّروف المستجدّة المرتبطة بقرارات صادرة عن النّائب العام التمييزي، وحفاظًا على سلامة التّحقيق وحسن سيره، مشيراً إلى أنه أجّل الجلسات لأنّ مصلحة ملف التّحقيق العدلي تقتضي حصول تعاون بين المحقّق والنّيابة العامّة التّمييزية، وحاليًّا هذا التّعاون غير قائم، ويُفترض أن يُحلّ، وعندها نستأنف العمل.

سُحب فتيل التفجير القضائي، بعد أن كان التوجّه هو لحصول معركة بين القاضيين غسان عويدات والبيطار، وتسطير مذكرات توقيف بحق بعضهما البعض (حسب ما أسيع بغض النظر اذا ما كان من المُستطاع فعل ذلك أم لا قانونيًّا)، وهذا التبريد بحسب مصادر متابعة يأتي بعد نصائح تلقاها البيطار بضرورة خفض التوتر، لأن القاضي عويدات لا يمزح بخصوص مذكرة التوقيف، خاصة أنّ الأجهزة الأمنية لا تزال الى جانبه، وجهاز أمن الدولة كان واضحاً بأنه سينفذ المذكّرة بحق البيطار فور صدورها.

تُشير المصادر الى أن تراجع المحقّق العدلي يعطي فرصة لمجلس القضاء الاعلى لالتقاط أنفاسه ومحاولة السيطرة على الخلاف الذي كان يتجه ليكون طائفياً بين أعضائه، ويمنع سقوط هيكل العدالة بشكل كامل، كاشفة عن وجود مساعٍ يقودها وزير العدل لإيجاد حلول لهذا الملف، رغم أن إعادة فتح الباب على مصراعيه باتجاه المعركة لا يزال أمراً وارداً بحسب التطورات السياسية، فكل شيء يتعلق بالسياسة في لبنان.

الإنفجار الثاني الذي كان متوقعاً هذا الأسبوع وتمّ تأجيله، هو انفجار الشارع العمّالي، إذ اعلن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر تأجيل الإضراب الذي كان مقرراً بالأمس حتى 16 شباط بسبب الطقس العاصف، وهو بالتأكيد ما لا يمكن اعتباره السبب الرئيسي لذلك.

في هذا السياق يمكن الحديث عن عدّة سيناريوهات لمعادلة التراجع عن التصعيد التي ظهرت هذا الاسبوع، الأوّل هو انتظار مرحلة ما بعد لقاء باريس الخماسي، نظراً إلى أنه رغم عدم إمكانية التعويل عليه لجهة مستوى إنتاج الحلول، إلا أنّ أحدا لم يكن ليستطيع أن يتوقع بشكل كامل مسبقاً ما قد ينتج عنه من تداعيات خاصة لناحية دخول قطر على خط التفاوض وهو سيظهر خلال الفترة المقبلة.

السيناريو الثاني هو شعور غالبيّة الأفرقاء المحليين بأن كل ما طرح من سيناريوهات، في الفترة الماضية، يقع دون القدرة على التحقّق، وبالتالي ليس هناك ما يستدعي إحراق المراحل بهذه الطريقة السريعة، والثالث هو أن الجميع ينتظر نتائج الحراكات الداخليّة، التي كانت قد ظهرت الأسبوع الماضي على أكثر من صعيد، سياسياً ودينياً بحراك البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي لم يجد طريقه نحو التطبيق بسبب موقف القوات اللبنانية الذي يريد ربط اللقاء المسيحي بتحقيق نتائج تتعلق بتسمية شخصية للرئاسة ولو عبر تصويت المشاركين في لقاء بكركي، وبالتالي من المفترض أن تُعطى كل هذه المعطيات بعض الوقت قبل أن يُبنى على الشيء مقتضاه.