أشار حاكم مصرف ​لبنان​ ​رياض سلامة​ في حديث لقناة "القاهرة الإخبارية"، إلى أن "​مصرف لبنان​ حاول أن يخفف من آثار الأزمة، والأكيد أنّ المصرف المركزي ليس سبب الأزمة، لكن تحويل الأنظار إليه جعله كبش محرقة"، معتبرًا في إشارة إلى المستفيد من تحويل الأنظار إلى المركزي، أنّ "هناك عدة جهات سياسية هي من تضع القوانين والموازنات، ولا يريدون أن تأتي النقمة الشعبية عليهم فقاموا بتحويلها نحو البنك المركزي".

وأوضح أنّ "مصرف لبنان ليس هو من يصرف الأموال، فالأموال تُصرف بحسب الموازنات التي تأتي من الدولة، والمركزي ليس المسؤول عن التهريب وغياب الخدمات الاساسية ومصاريف الصحة في البلد والأدوية، وليس هو المسؤول عن تمويل القطاع الخاص وخاصة المحروقات".

وشدد سلامة على أنّ "لبنان يتأثر كثيرا بالوضع السياسي الذي يعيشه، وهذا التأثير له تأثيره على الاقتصاد، وفي 2019 أصبح هناك تحركات شعبية أدت لإقفال المصارف، وهذا ما خلق خوف عند المودعين، وذهبوا إلى المصارف ليقوموا بسحب كل أموالهم، وهذا ما حول الاقتصاد إلى اقتصادي نقدي، فانعدام الثقة أدى إلى "زعزعة" في أنظمة الدفع وأثر على الاقتصاد".

وذكر سلامة، أنّ "الأزمة السياسية التي عاشها لبنان، لم تساعد في إيجاد الحلول السريعة، وكان على مصرف لبنان ضمن القوانين أن يتحرّك بتعاميم، وبالتأكيد لا يمكننا حل الأزمة، إنما لنضع الأمور تحت السيطرة، لكي لا يكون هناك إنهيار"، مشيرًا إلى أنه "يوجد صعوبات إنما لا يوجد إنهيار وذلك بالأرقام. القطاع المصرفي خلال 3 سنوات سدد ودائع بحدود 35 مليار دولار، وهذا القطاع لا يزال ينفّذ تعاميم مصرف لبنان"، معتبرًا "أننا أنشأنا ​منصة صيرفة​ من أجل أن يكون هناك شفافية وحوكمة".

وأوضح أنّ "السوق السوداء سوق خارج النظام الذي يمكن لمصرف لبنان أن يسيطر عليه، وهو يأتي بحسب الحاجة، فتأمين ​الدولار​ للاستيراد لا يمكن أن يأتي من المصارف وصيرفة فقط. التجار يحددون أسعارهم على سعر السوق الموازي، لأن في صيرفة لا نقبل تمويل الاستيراد، فهي في خدمة المواطن والأفراد".

وذكر سلامة، أنّه "كان هناك نموذجًا في لبنان خلق بيئة لا يوجد فيها تضخم، وهذا النموذج "تخربط"، وما زاد ذلك عدم وجود بديل لحل الأزمة، وكان هناك بحث عن إيجاد مسؤول عن الأزمة لأنهم عجزوا عن إيجاد بديل، ومصرف لبنان كان يمكنه أن يقول أن هذه ليست مسؤوليتي وليكن هناك حكومة تنظر إلى الأمر"، مشيرًا إلى أنّ "ما فاقم الدّين في لبنان، تخلقه الدولة من خلال الموازنات، والعجز المتراكم وغياب الاصلاحات، وهم من وضعوا خطرًا على استقرارنا، وكان هناك عدة محاولات لم ينفذ أي شيئ منها".

ولفت الى ان "ال​سياسة​ في لبنان تؤثر على الإقتصاد ومصرف لبنان لم يبِع دولاراً واحداً حتى العام 2015"، مشيرا الى ان "حكومة رئيس الحكومة السّابق ​حسان دياب​ أصرّت على توقف لبنان عن دفع الدَّين الخارجي، ومصرف لبنان كان معارضًا لعدم سدادا اليوروبوندز، لأننا نرى ما حصل في الدول التي تأخذ هذه الخطوة، وكان هناك من يريد تغيير النموذج اللبناني ويصرّ على عدم الدفع، وهم يعرفون اليوم أنهم لم يأخذوا القرار الصحيح، لكنهم يصرّون على إيجاد مكامن الأزمة في مصرف لبنان".

وأشار سلامة، الى أن "لبنان توقف عن دفع المستحقات على الديون الخارجية للسندات اللبنانية المشترية ب​العملات الأجنبية​ دوليا، فحالة التعثر وضعت الدولة في مكان العاجز على تمويل احتياجاته".

وأوضح أن "كل هذه الأزمات تم ترجمتها بارتفاع سعر صرف الدولار تجاه ​الليرة اللبنانية​"، مؤكدًا أن الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان في الفترة الحالية لم تساعد في إيجاد حلول سريعة للاقتصاد اللبناني.

واشار الى أزمة الفراغ على صعيد الحكومة، فعلى مدار الـ 3 سنوات الماضية كان مجموع الأشهر التي كانت هناك حكومة فعالة لا يتعدى الـ 12 أو 13 شهرًا، وفي الوقت نفسه حدث بشكلٍ كبير تزعزع في المؤسسات الدستورية، فضلاً عن إجراء الانتخابات النيابية، ومن ثم حدوث فراغ في منصب رئيس الجمهوريّة. وأشار إلى أن هناك بالفعل أسواق موازية للدولار في لبنان تُلبّي الحاجات، موضحًا أن الحرية متروكة للسوق.

وأكّد "أننا لا نملك احتياطات كافية للتدخل، ولا نملك الثبات اللي كان موجود قبل الأزمات، وبنفس الوقت السوق لم يكن بمقدوره تأمين موارده عند الحاجة، لكن الحمد لله كل شي متوفر في لبنان".

وأعلن سلامة أن "احتياطيات لبنان الحالية من النقد الأجنبي تبلغ عشرة مليارات دولار وأن احتياطيات الذهب تقدر بنحو 17 مليارا". واوضح "الاحتياطي اليوم 15 مليارا، 10 مليارات بقدر استعملهم بالخارج والباقي دولارات محلية، والذهب بلبنان قيمته تساوي بحدود 17 مليارا". واكد ان "الخسارة تصل إلى 50 مليار دولار بين القطاعين الخاص والعام في، والودائع باقية ما دام مصرف لبنان لم يُفلس".

وأشار الى ان "قوى سياسية نجحت في عرقلة النظام الماليّ في لبنان وقد أسميتهم سابقاً بـ"صانعي اليأس"، ونأمل أن تستمرّ مؤسسة مصرف لبنان بقدراتها"، كاشفًا "أنّنيقررت ترك المنصب بعد إنتهاءولايتي، ولم يتحدث أي أحد معي بشأن التجديد لي في مصرف لبنان. ومع خروجي من المركزي أكون قد طويتُ صفحةً من حياتي".