رأى رئيس حزب "القوّات اللّبنانيّة" سمير جعجع، أنّ "التّحدّي الأساس في هذه المرحلة، يكمن في عبور الصّحراء السّياسيّة الّتي دخلها لبنان، في ظلّ شغور رئاسي وانهيار مالي وانقسام سياسي وغضب شعبي. ومن يَعبر هذه الصّحراء ويبقى على قيد الحياة سياسيًّا، يكون المنتصر القادر على إعادة هندسة أمور البلاد طبقًا للدستور القائم والمرجعيّات الّتي يُجمع عليها أهل البلد".

وشدّد، في مجلس حزبي، على "حتميّة الصّمود في الأرض والخيارات والمبادئ والقناعات، ولا خيار آخر غير الصّمود، الّذي من خلاله نستطيع تجاوز صعوبات الحياة اليوميّة قبل السّياسيّة"، مبيّنًا أنّ "تجارب التّاريخ لا تُعدّ ولا تحصى، إذ زالت حضارات وجماعات وشعوب عن الوجود بسبب عجزها عن الصّمود، واضطّرارها إمّا إلى الرّحيل أو الاستسلام والذّوبان".

وأشار جعجع إلى أنّ "عدة محطّات في الحرب وبعدها كانت كفيلة بتغيير وجه لبنان، لولا صمود "القوات اللبنانية" وعبورها الصّحراء السّياسيّة من مرحلة إلى أخرى"، لافتًا إلى أنّ "من يجتاز صحراء الاحتلال السوري، حيث اعتُقلنا واضطهدنا ولوحقنا ووُجهنا وحظرنا، قادر على اجتياز الصّحراء الحاليّة الّتي خطورتها ليست في الجانب السّياسي فقط، إنّما في الجانب التّجويعي والتّفقيري للنّاس؛ ولكن مجتمعنا اللبناني صمد وصامد وعزيمتنا السّياسيّة لا تُقهر ولا تلين.

وأكّد أنّ "معظم المجتمعات في التّاريخ شهدت مراحل من المدّ وأخرى من الجزر، وما يميِّز مجتمعًا عن آخر يكمن في قدرته على الصّمود في مراحل الجزر، وإعداده العدّة في الوقت نفسه لمدّ جديد، لأنّ الجزر المتواصل كفيل بالقضاء على شعوب ومجتمعات، ولا يجب إطلاقًا التكيُّف معه؛ إنّما إبقاء الهدف دائمًا على الخروج منه إلى مدّ جديد يجسِّد تطلّعات هذا الشّعب بوطن ودولة ونمط حياة".

كما ركّز على أنّ "من صمد في هذه الجبال لقرون وقرون أصبح الصّمود جزءًا من جيناته وتكوينه لا خوف عليه، ولكن هذا لا يعني التّعامل بخفّة واستسهال مع الأحداث، إنّما الحفاظ على الجدّيّة المطلوبة دائمًا أبدًا. وعلى كلّ جيل أن يسلِّم شعلة الصّمود والبقاء إلى من سيخلفه، والتّاريخ سيدين من يتخلّف عن مهمّة الاستمراريّة".

ووجد جعجع أنّ "المجتمعات النّاجحة هي الّتي يهتمّ كلّ فرد فيها باختصاصه ويصبح مرجعًا في مهنته، ولكلّ مهنة أربابها، والسّياسة مهنة إلى جانب كونها رسالة ونضال ومقاومة"، معتبرًا أنّ "مَن يمتهنها عليه أن يكرِّس حياته من أجلها، وأن يصوِّب مسارها في ظلّ من يعمل على تشويه هذه المهنة بتحويلها إلى هدف للكراسي حينًا، والمحاصصة أحيانًا، والفساد دومًا، فيما هدفها الفعلي خدمة الإنسان وترقية المجتمعات؛ والتّنافس لما فيه خير المواطن وحقّه في العيش في كرامة ودولة واستقرار ودستور ونظام وحرّيّة وازدهار".

وأبدى ارتياحه إلى "التّوجّه الشّعبي اللّبناني الّذي يريد دولةً فعليّةً، ولا يهاب الخطابات الايديولوجيّة الّتي تهدِّد بالحروب ولا وجود لأوليّات النّاس في توجّهاتها وأهدافها، فلا أيديولوجيّة خارج إطار أولويّة الإنسان في كلّ زمان ومكان"، مضيفًا أنّ "المنافسة الفعليّة هي بين من هو الأقدر على توفير كرامة هذا الإنسان وحرّيّته ورفاهيّته، وحقّه في العيش بسلام وأمان وازدهار واستقرار ونموّ وتطوّر وحداثة".

إلى ذلك، شدّد على أنّ "القوّات" تقوى كلّ يوم عن اليوم الّذي سبقه، وسرّ قوّتها يكمن في صمودها وثباتها ونضالها وإيمانها بقضيّة شعب ووطن، وقافلة من الشّهداء الّذين نستلهم من تضحياتهم ومسيرتهم، وآلاف المناضلين المتمسّكين بخطّ "القوّات" السّياسي، والتفاف النّاس حولها ورهانهم عليها لقيام الدّولة المنشودة".

وأكّد رئيس "القوّات" أنّ "لا استمراريّة لأحزاب وقوى وشعوب ومجتمعات، إذا لم يكن لديها مشروع، وأحد أبرز شروط هذا المشروع أن يحاكي المستقبل وأن يكون هدفه دائمًا الإنسان، و"القوّات اللّبنانيّة" لديها مشروع واضح المعالم، ومشروعها كان وسيبقى القضيّة اللّبنانيّة".