لم يستوعب أهالي بلدة القرقف العكارية بعد حجم الجريمة التي راح ضحيتها الشيخ أحمد الرفاعي، فالقتلة من داخل البلدة، ومن نفس العائلة، وهو ما يجعل القرية تعيش قلق حصول تداعيات سلبية لهذه الجريمة التي شغلت الرأي العام بسبب مواقف الشيخ ومحاولات استغلال اختفاءه في السياسة، كالعادة.

عندما تم العثور على سيارة الشيخ أحمد نهار الجمعة الماضي، بدأ بحسب مصادر قضائية خاصة العمل القضائي الفعلي، بقيادة قاضي التحقيق الأول في الشمال سمرندا نصار، والامني الدقيق بقيادة شعبة المعلومات، وبناء على تتبّع مسار السّيارة من جهة، وشهادة م. م الذي كان لدى مخابرات الجيش اللبناني، من جهة اخرى، تم توقيف 10 أشخاص، تم إطلاق سراح 5 منهم، والإبقاء على 5 متهمين بجريمة القتل، هم رئيس البلدية ونجله، وأولاد أخته الثلاثة.

بحسب المصادر، خطّط المتهمون لعمليتهم بتنفيذ الجريمة منذ فترة من الزمن، فالخلافات العائلية بينهم بدأت منذ سنوات، وهي مستمرة ولم تتوقف، وهذه الإتهامات ترتدي طابعاً بلدياً شخصياً عائلياً، فالشيخ، الذي كان يتحضّر للترشّح الى رئاسة البلدية في الانتخابات المقبلة، على سبيل المثال يتّهم رئيس البلدية بالسطو على عقارات المشاع، ويتّهم البلدية بالسرقة، ورغم الخلافات السياسية بين الشيخ والمتهمين بقتله، يبقى أساس الجريمة هو الخلافات الشخصيّة والعائليّة والبلديّة، تؤكّد المصادر القضائيّة، التي تكشف أن بين الطرفين دعاوى قضائيّة سابقة ناتجة عن حوادث إطلاق نار.

نهار الإثنين الماضي استدرج المتّهمون الشيخ لاختطافه في منطقة تقع خلف الجامعة العربيّة في ميناء طرابلس، تقول المصادر، مشيرة عبر "النشرة" الى أنهم بعد وضعه في السيارة عمدوا الى التجول في مناطق مجاورة، وصولاً الى مناطق كأنفه وشكا من أجل تضييع التحقيق بحال قرّر المحقّقون تتبع مسار السيارات أو إشارة الهواتف الخلويّة، ومن ثم توجّهوا نحو مكان إخفاء الجثة في منطقة عيون السمك المجاورة لبلدة القرقف.

تُشير المصادر عبر "النشرة" الى أنّ حجم التخطيط للجريمة جعل الفاعلين يحفرون الحفرة التي تم وضع الجثة فيها قبل أيام من تنفيذ الجريمة التي حصلت بنفس يوم اختفاء الشيخ الرفاعي، مستعملين آلية تابعة للبلدية، على عمق يزيد عن ثلاثة أمتار، وقاموا بعد دفنها برمي المخلّفات فوقها لأكثر من يوم لإخفاء أي معالم قد تُشير الى فعلتهم.

اعترف الموقوفون بارتكاب الجريمة، ومكان إخفاء الجثّة المصابة برصاصة في الرأس، وبحسب المصادر فهناك إفادتين، الاولى تقول أن القتل حصل بعد الخطف بقليل، وأنه تم وضع الجثة في صندوق السيارة، قبل التوجه بها الى مكان الدفن، والثانية تقول أن القتل حصل عندما وصل المتهمون الى مكان وضع الجثّة، مشيرة الى أنّ التحقيقات ومعاينة الطبيب الشرعي للجثّة ستكشف التفاصيل المتبقّية للجريمة، التي تصفها المصادر القضائيّة "بالجريمة المتشعبة".

لا يزال التوتر سيد الموقف في بلدة القرقف، التي تعرضت لاستغلال بشع من قبل أحزاب وسياسيين وصحافيين حاولوا تعبئة أبنائها بوجه أحزاب وقوى وجهات أمنيّة لتفجير الوضع الأمني، تحاول اليوم لملمة شتاتها بعدالكشف السريع عن خلفيّات الجريمة، إلا أنّ اللافت أن لعبة استثمار الدم لم تنتهِ رغم ذلك، فهل يكون لهذه الجريمة تداعيات كارثيّة على هذه البلدة العكاريّة، أم يكون لبيان آل الرفاعي الداعي "إلى التحلّي بروح الصبر وعدم الانجرار وراء الفتنة"، أثره الإيجابي على الجميع؟!.