منذ بروز معالم الإنفتاح العربي على ​سوريا​، خصوصاً بعد الزلزال الذي كان قد ضرب مناطق من تركيا وسوريا، بات من الواضح أن القوى اللبنانية دخلت في مرحلة إنتظار ما قد ينجم عن هذا الواقع الجديد على مستوى المنطقة، لا سيما أن من الطبيعي أن يتأثر لبنان بها على كافة المستويات.

هذا الواقع، يتأكد أكثر من خلال تزامن هذه التحولات مع حالة المراوحة القائمة على مستوى ​الإستحقاق الرئاسي​، حيث يراهن الجميع على ما قد يأتي من الخارج من تحوّلات، طالما أن أفق الحلول الداخلية مقفلة بشكل شبه كامل، بسبب غياب التوازنات القادرة على إنتاج تسوية ترضي مختلف اللاعبين الخارجيين والمحليين.

في هذا السياق، تشير مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى معطى أساسي ينبغي التوقف عنده، يكمن بأن هناك من يذهب بعيداً في هذه الرهانات، بالرغم من أن المؤشرات العملية تثبت أن النتائج لا تزال تحتاج إلى الكثير من الوقت، وتلفت في هذا المجال إلى الموقف السعودي تحديداً، على إعتبار أن الرياض، على ما يبدو، تربط الإنفتاح السياسي بخطوات مطلوبة من الجانب السوري، على عكس ما هو الحال بالنسبة إلى الضرورات التي تفرضها الظروف الإنسانية.

إنطلاقاً من ذلك، ترى هذه المصادر أن من المبكر الحديث عن نتائج مرتبطة بالواقع اللبناني، نظراً إلى أنه، كما هو الحال في الملف السوري، يبقى الأساس في ما قد تقدم عليه ​السعودية​ من خطوات عملية، بالرغم من مبادرة بعض حلفائها العرب الى زيارة دمشق في الأيام الماضية، وتضيف: "الرياض لا تزال متردّدة وهي تربط أيّ خطوة بالثمن السياسي المقابل الذي ستحصل عليه، مع أن الحوار الأمني مع سوريا قائم منذ فترة ليست بالقصيرة".

في هذا المجال، لم يكن تفصيلاً أن يبادر رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​، الذي يعتبر حليف السعودية الأول في لبنان، إلى مهاجمة الوفود البرلمانيّة العربيّة التي زارت دمشق مؤخّراً، معتبراً أن "السلطة هناك اليوم هي في يد النظام ال​إيران​ي تماماً، ومن يطبّع مع هذه السلطة فهو يطبّع مع إيران وليس مع الشعب السوري".

بالنسبة إلى مصادر سياسية متابعة، على المستوى اللبناني يمكن الحديث عن إختلاف واضح بين القوى المحلّية في قراءة الإنفتاح العربي على سوريا، حيث هناك من يأمل أن يصبّ ذلك في صالحه، لا سيما القوى الداعمة لترشيح رئيس تيار "المردة" النائب السابق ​سليمان فرنجية​ إلى ​رئاسة الجمهورية​، بينما هناك من هو قلق، تحديداً من حلفاء الرياض، من إمكانية أن يقود ذلك إلى تبدل في التوازنات اللبنانيّة، مع وجود شريحة هي في موقع المنتظر، الذي يراقب ما يحصل لركوب الموجة في نهاية المطاف.

وتلفت هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أنه داخل كل فريق من الأفرقاء المذكورين في الأعلى هناك أيضاً رهانات مختلفة، لكنها تشدد على أن الأكيد هو أن الأمور ليست بالسهولة التي ينظر فيها البعض، لأن طبيعة الساحات غير متطابقة بشكل كامل، وبالتالي حتى الإنفتاح السعودي السياسي على دمشق، في حال حصوله، قد لا يكون له نتائج مباشرة وسريعة على الواقع اللبناني، بسبب إرتباط الساحة المحلّية بالواقع السعودي الإيراني أكثر.

في المحصّلة، هو تطور جديد تنتظر القوى المحلّية ما قد ينجم عنه في المرحلة المقبلة، تأكيداً على عجزها عن إنتاج الحلول الداخلية التي من المؤكد أن نتائجها ستكون أسرع، كما المحطات العديدة التي مرت منذ السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019 حتى اليوم، من دون أيّ إنعكاسات حاسمة، خصوصاً أن الملف اللبناني ليس أولويّة عند العديد من الجهات المؤثّرة.