على الرغم من كل التسريبات التي تتناول البحث عن تسوية رئاسية، يكون عمادها رئيس تيار "المردة" النائب السابق ​سليمان فرنجية​، لا تزال القوى المعارضة لترشيحه متمسكة بموقفها الرافض، الأمر الذي يحول دون قدرة القوى الداعمة له على جمع المزيد من الأصوات المؤيدة لفرنجية، مكتفية بالرهان على إمكانية حصول تطورات إقليمية تصب في صالحه في المرحلة المقبلة.

في هذا الإطار، من الضروري التذكير بأن المواقف الرافضة لا تقتصر على قوى المعارضة، فـ"التيار الوطني الحر" هو من أبرز الرافضين لهذا التوجه، بالرغم من التداعيات التي تركها ذلك على علاقته مع "​حزب الله​"، وهو ما قاد للحديث عن أن البحث في مصير التفاهم بين الجانبين رُحّل إلى ما بعد الإنتهاء من ​الإستحقاق الرئاسي​.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى عدم إمكانية تجاهل ما كان قد أدلى به رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ مؤخراً، لناحية تلقيه عرضين: الأول دولي والثاني محلي، للسير بترشيح فرنجية، الأمر الذي أكّد أنه مرفوض من جانبه، حيث تلفت إلى أن ذلك يكشف عن جانب من المناقشات التي كانت تجري في المرحلة الماضية حول الإسم، في وقت كانت فيه القوى المؤيّدة لرئيس تيار "المردة" تسعى إلى جمع 65 صوتاً له.

في المقابل، تعتبر المصادر نفسها أن الأبرز هو تراجع تداعيات ما كان قد نُقل عن السفيرة الأميركية دوروثي شيا حول عدم ممانعة بلادها إنتخاب فرنجية خلال لقاء جمعها ورئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، نظراً إلى أنّ هذا الموقف، الذي من الممكن أن يوضع في خانة التساهل من جانب واشنطن، لا ينبغي أن يُفصل عما يُنقل من مؤشّرات مصدرها السعوديّة، الأمر الذي يوحي بأن ​الولايات المتحدة​ تضع كرة الإستحقاق الرئاسي في ملعب ​الرياض​، وبالتالي هي لن تمانع تسوية تسير بها المملكة، التي لا تزال حتى الآن ترفض إسم رئيس تيار "المردة".

بناء على ما تقدم، من الممكن الحديث عن أنّ إستراتيجية القوى الداعمة لفرنجية تقوم على معادلة الإنتظار، على أمل أن تحصل تطورات تصب في صالحه، خصوصاً ما يتعلق منها بإمكانيّة إستثمار الإنفتاح العربي على سوريا، لكن في المقابل هذه المرحلة قد يكون من الصعب أن تستمر طويلاً، بعد تمدّد حالة الشلل إلى قلب المجلس النيابي، من دون تجاهل أنّ عوامل التصعيد الداخلي قائمة على أكثر من صعيد، وبالتالي من الممكن الإستثمار فيها بأيّ لحظة.

على هذا الصعيد، تؤكّد مصادر نيابية معارضة، عبر "النشرة"، رفضها السير بأي تسوية يكون عمادها رئيس تيار "المردة"، وتلفت إلى أن هذا الموقف بات معروفاً لدى غالبية الجهات المعنية بالإستحقاق الرئاسي، وبالتالي على الفريق الآخر الإنتقال إلى مرحلة جديدة، خصوصاً أنه لا يزال يتمترس خلف ترشيح فرنجية رافضاً البحث في أي خيارات أخرى، بينما الدعوات المتكررة إلى الحوار تنطلق من فرضيّة أنه سيكون على كيفية تأمين وصوله لا كيفية إنجاز الإستحقاق الرئاسي.

بالنسبة إلى هذه المصادر، لن يكون من المقبول تكرار ما حصل مع الرئيس السابق ميشال عون، لناحية التنازل لأنّ الفريق الآخر قرّر إغلاق كافة الأبواب، حيث تلفت إلى أنّ الظروف اليوم مختلفة، وبالتالي ليس هناك من هو مستعد للذهاب إلى تسوية، من المرجّح أن تعيد ما حصل على مدى السنوات الست الماضية، لا سيما أن رفض إنتخاب رئيس محسوب على قوى الثامن من آذار لا يقتصر على الأفرقاء المحليين، بل يشمل أيضاً قوى خارجيّة مؤثرة لا غنى عنها في حال كان هناك رغبة جدّية بالخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد.

في المحصّلة، رغم الهدوء الذي تشهده الساحة الداخليّة، في الوقت الراهن، يبدو أن غالبية الأفرقاء دخلوا في معادلة عضّ الأصابع، التي كانت قد دفعت أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، في الفترة الماضية، إلى رفع سقف خطابه بإتّجاه الولايات المتحدة، لكن في المقابل يبدو أنّ قوى المعارضة ليس في وارد التراجع، وهو ما يمكن الإستدلال عليه عبر الإشارة التي تصب في خانة تعطيل جلسات الإنتخاب، الأمر الذي كانت ترفضه في الماضي، في حال نجحت قوى الثامن من آذار تأمين الأغلبية اللازمة لانتخاب مرشحها.