كشفت مصادر فلسطينية مسؤولة لـ"النشرة"، عن صعوبة الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة، حيث عاد إلى نقطة الصفر، لجهة الأمن بالتراضي وعودة المربعات الامنيّة والأخطر انه أسس لتوترات لاحقة عند أقل الأسباب وذلك على خلفية الاشتباك الذي حصل بين عناصر من حركة "فتح" في منطقة "البركسات" وناشطين إسلاميين في منطقة "الصفصاف" في الشارع الفوقاني، والذي أدى إلى مقتل العنصر "الفتحاوي" محمود زبيدات، إضافة إلى أضرار جسيمة بالممتلكات من المنازل والمحال التجارية والسيارات.

الاشتباك الذي اتفقت فيه القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية على قرار بتسليم مُطلق النار وقد أُشير اليه بالبيان (خالد.ع) بانتمائه إلى "عصبة الأنصار الإسلامية"، التي لم تنكره بدورها، بل دانت التصرف على اعتباره فرديا وليس وفق قرار تنظيمي، واجه عقبات كثيرة في عملية التسليم لجهة تقاذف الالية بين قيادة "العصبة" نفسها وبين ذوي المتهم بدأ بالموافقة ثم التراجع، ليراوح في دوامة المماطلة والتسويف دون الوصول الى التطبيق.

وعلى وقع الصورة الضبابية والرمادية، بقي الوضع الأمني على حاله من التوتر ورهن الشائعات والاستنفارات المتبادلة بين الحين والآخر، وقد زاد من التوتر اقفال المحال التجارية تحسبا لأي تطور مفاجئ، خلو الشارع من المارة وحركته المعتادة، والاهم استمرار وكالة "الأونروا" بتعطيل كل مؤسساتها الصحية والخدماتية بما فيها المدارس، حيث يسود أبناء المخيم عرفا بأن إغلاق المدارس مؤشر على عدم الإستقرار وبقاء فتيل الاشتعال قابلا للتفجير في أي وقت.

وعلى مر السنوات الماضية، تميزت العلاقات "الفتحاوية–الاسلامية" بمراحل من الوئام والتعاون أو التوتر والاشتباكات، خلصت الى انضمام "عصبة الانصار الاسلامية" والحركة الاسلامية المجاهدة برئاسة الشيخ جمال خطاب، كما "أنصار الله" بزعامة جمال سليمان، إلى "هيئة العمل المشترك الفلسطيني" في لبنان والتي تمثل القيادة الموحدة للمخيمات سياسيا وأمنيا واجتماعيا. غير أن التوافق لم يمنع من حصول اشكالات متعددة فردية حينا وعائلية حينا آخر أو مناطقية أو سياسية احيانا، كرست الأمن بالتراضي الذي بقي يحكم المخيّم، نتيجة تداخل القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية والانقسام الداخلي، حيث لعبت حسابات النفوذ والحضور دوراً في الاصطفاف وتكريسها على قاعدة عدم إقصاء أحد أو الغاء دوره وحضوره مهما كان.

ولا يخفي أبناء المخيم استياءهم الكبير من خطورة الاشتباك لاسباب كثيرة أبرزها:

-الخسائر البشرية والمادية، ولجهة التوقيت قبل أسابيع قليلة من شهر رمضان المبارك، وأعاد بهم الذاكرة الى سنوات خلت حيث عاش المخيم أكثر من توتر واشتباك نغص عليهم الصوم، ناهيك عن عدم التعويض عن الأضرار بعد تقاذف المسؤولية فيها.

-ضرب التلاقي الفلسطيني الوطني والإسلامي على تحصين أمنه واستقراره وقطع الطريق على أي توتير، مع الحرص على التنسيق والتعاون على عدم التدخّل في الشؤون اللبنانية في ظلّ الخلافات السياسية والازمة المعيشية والاقتصادية المتفاقمة.

-المخاوف من وقف حملات التضامن السياسية والشعبية في المخيم مع المقاومة في الداخل لمواجهة الاعتداءات الاسرائيلية المتصاعدة بعد تنظيم أكثر من نشاط ووقفة إحتجاج موحّدة، بعثت رسالة واضحة أننا شعب واحد في الداخل والخراج، واننا موحدون في دعم صمودهم في التصدي لمحاولات اقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه وتهودي القدس وطرد ابنائها من منازلهم فمع قرارات الحكومة الاسرائيلي الفاشية والمتعصبة والمتصهينة.

بالمقابل، لم تهدأ الاجتماعات الفلسطينية الداخلية ولا الفلسطينية اللبنانية وأبرزها في ثكنة محمد زغيب العسكرية في صيدا بمشاركة مدير مخابرات الجنوب العميد سهيل حرب، وممثلين عن حركة "فتح" و"عصبة الانصار الاسلامية" وحركة "أمل" واجتماع مماثل للقيادة السياسية في منطقة صيدا خلص إلى اتخاذ قرار حاسم بتسليم مطلق النار وتأكيد حرمة الدماء، ووجوب الحفاظ على أمن المخيم وجواره.

وأكد قائد "القوة المشتركة" الفلسطينية العقيد عبد الهادي الأسدي "النشرة"، أن لا عودة إلى الأمن بالتراضي... ولا حتى المربعات الامنية، طالما ان جميع القوى الوطنية والاسلامية متفقة على تحمل المسؤولية كاملة وعلى تسليم الجاني، قد يأخذ الأمر بعض الوقت ولكن القرار حاسم بضرورة ان يتحمل المرتكب ما اقترفت يداه".

وشدد الاسدي "ان هذه الحادثة غير سياسية ولم تسقط الإجماع الفلسطيني بدليل التلاقي واجتماع بشكل متواصل ومفتوح لمعالجة ذويلها، نحن حريصون على أمن واستقرار المخيم وجواره اللبناني"، مشيرا الى ان الاجتماعات مفتوحة ومتواصلة ولن تتوقف من اجل تفادي الوصول الى ما لا يحمد عقباه، من خلال عملية التسليم".