اشار العلامة السيد علي فضل الله إلى "أن كل مسؤول في هذا الوطن، وفي كل موقع كان، صغيرا أم كبيرا سيقف أمام محكمة التاريخ ومحكمة الله، ويسأل عن هذا الوطن الذي عشنا فيه كيف تركناه هل تركناه عزيزا حرا له قواعد ثابتة ومتينة او شرعنا أبوابه لكي ينفذ منها الاخرون ويتلاعبون بصيره ويملكون قراره من دون ان نضع السدود التي تساعده على مواجهة العواصف والتحديات".

وخلال حفل تأبيني في بلدة جلالا البقاعية، شدد فضل الله على "ضرورة سد الثغر ومعالجة نقاط الضعف التي تتسلل منها القوى الخارجية المعادية للعبث بهذا الوطن وفرض مصالحها والتي تتخذ مظاهر كثيرة، من سوء الإدارة والتفريط بالمال العام وإدمان المحاصصات والعيش على استنفار المشاعر المذهبية والطائفية وتعميق الانقسامات"، مشددا على "أن هذه المسائل هي التي يجب أن تعالج ما يتطلب ان لا تكتفي بتحميل الخارج المسؤولية عن كل مشكلاتنا وهو بالطبع له نصيب غير قليل منها"

واعتبر فضل الله على انه "ليس من الدقة التفكير بأن الواقع الذي نعيشه يمكن لنا أن نغيره بانتخاب رئيس جمهورية جديد أو بتعيين رئيس حكومة جديد او بانتخاب مجلس نيابي جديد وحتى بتغيير للقوانين أو ابتداع صيغة جديدة فلا تغيير حقيقيا إلا بتغيير العقلية التي تحكم واقعنا، وإلا سوف نلتف على كل الصيغ والقوانين لتعطيلها ، لا تغيير إلا عندما نعيد الاعتبار لمفهوم المسؤولية ونتصرف كرجال دولة يعملون لتدبير شؤونها وفق القواعد الإدارية العقلانية ومعايير المصالح العامة، لا كما يحدث ويتم التعامل مع الدولة كمواقع سلطة ونفوذ وغنائم ،كما أن لا تغيير إلا عندما نفكر بحجم هذا الوطن لا بحجم طائفة أو مذهب أو جماعة أو أي إطار ضيق"، مضيفا :"لقد آن الأوان وبعد هذا الخراب الذي صنعناه بأيدينا وأدى إلى هذه المعاناة الإنسانية الشديدة، أن يعود الذين يديرون الواقع السياسي إلى ضمائرهم وإلى إنسانيتهم، ليفكروا بهذا الإنسان التائه ما بين البحث عن لقمة العيش أو اللجوء إلى الانتحار او الفرار من هذا البلد رغم كل ما يعترض ذلك من مخاطر".

وشدد على "أن هذه المعاناة الذي يجب أن تدفع الجميع لتصحيح المسار العام المسار الفردي والاجتماعي والسياسي لبلسمة الجراح التي تمتد إلى كل مساحات الوطن ونتعاون معاً لإنقاذه، وإلا فلن نستطيع مواجهة العواصف التي نتعرض لها وعندها سيغرق مركب الوطن بالجميع ولن ينجو أي فريق او طائفة".

وحث كل المهتمين بقضايا الإيمان والدين "ألا يكونوا متفرجين أو صامتين أمام هذا التقاسم والنهب لموارد البلد أو يقفوا حائلا دون محاسبة الناهبين أو الفاسدين عبر تأمين الغطاء الطائفي لحمايتهم من دون أن يسأل احد عن موقع الإنسان في هذا البلد وعن حاجاته وتطلعاته".