أظهر التقرير الذي أصدرته "​هيومن رايتس ووتش​" حول أزمة الكهرباء و"تقاعس ​لبنان​ عن ضمان الحق في الكهرباء"، تحت عنوان "كأنك عم تقطع الحياة"، كيف يؤدي نقص الكهرباء النظيفة والرخيصة إلى تفاقم الفقر وعدم المساواة في لبنان، ويؤثر على قدرة الناس على الحصول على الغذاء والماء والرعاية الصحية، كل ذلك إضافة إلى التأثير على البيئة وصحة الناس.

وأشارت "هيومن رايتس ووتش" في التقرير، الى إن "السلطات اللبنانية تقاعست عن ضمان الحق في الكهرباء بسبب سوء إدارتها للقطاع على مدى عقود. فالكهرباء أساسية بالنسبة إلى جميع مناحي الحياة تقريبا، وهي ضرورية للمشاركة في المجتمعات المعاصرة، وبالتالي فإن الحق المحمي دوليا في مستوى معيشي لائق يشمل حق كل شخص، من دون تمييز، في الحصول على كهرباء كافية، وموثوقة، وآمنة، ونظيفة، ومتاحة بتكلفة معقولة. توفر الحكومة حاليا الكهرباء فقط لمدة تتراوح بين ساعة وثلاث ساعات في المتوسط، بينما يسد الأشخاص القادرون على دفع تكاليف إضافية نقص التغذية الكهربائية بمولدات خاصة".

وأوضحت أن "الكهرباء التي يوفرها القطاع العام و​المولدات​ الخاصة، تعتمد على ​الوقود الأحفوري​ الملوث بشدة وذي التأثير الكبير على المناخ، فأزمة الكهرباء فاقمت عدم المساواة في البلاد، وقلصت بشكل حاد من قدرة الناس على التمتع بأبسط الحقوق الأساسية، ودفعتهم نحو مزيد من الفقر"، موضحة أن "الانتقال السريع إلى مصادر الطاقة المتجددة سيساعد لبنان على توفير المزيد من المال وخلق المزيد من فرص العمل، وسيزيد من انقاذ الأرواح وسيخفض من تلوث الهواء. ينبغي للسلطات أيضا اتخاذ خطوات لإنشاء نظام حماية اجتماعية شامل يضمن منافع للناس طيلة حياتهم، مثل منح الأطفال وإعانات البطالة ومعاشات الشيخوخة.

في هذا السياق، لفتت مديرة قسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا لما فقيه، الى أن "أزمة الكهرباء في لبنان تترك الناس في العتمة، وتحد كثيرا من حصولهم على حقوقهم الأساسية الأخرى مثل الحق في الماء والتعليم والرعاية الصحية. الوضع البائس في لبنان يبين أن الحصول على كهرباء آمنة ونظيفة وبتكلفة معقولة ليس من الكماليات، بل هو حق من حقوق الإنسان التي يتعين على الدولة إعمالها".وأكدت أنه "يتعين على لبنان اتخاذ اجراءات فورية لتعزيز قطاع الكهرباء والتصدي للتآكل المستمر للحقوق الاقتصادية الأساسية".

وذكرت الباحثة في مجال الفقر وعدم المساواة لينا سميث، أن "الحصول على الكهرباء مولد خاص أو تجاري لسد الفجوة الحاصلة في كهرباء الدولة يعتمد على الدخل، ففي فئة الـ20% من الأسر الأكثر فقرا، هناك أسرة من كل خمسة أسر لا تحصل على الكهرباء من مولد. بالإضافة إلى ذلك، تنفق الأسر ذات الدخل المنخفض حصة أكبر بكثير من دخلها على فواتير المولدات مقارنة بالأسر الأكثر ثراء، مما يفرض ضغوطا على ميزانيات الأسر ويجعلها أكثر عرضة للتخلف عن سداد النفقات الأساسية الأخرى".