لفتت صحيفة "الأخبار"، إلى أنّه "لا يبدو أن كرة ثلج ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية تراوح مكانها، وإن كان البعض لا يعتقد بأن تدحرجها سيكون حكماً على الصورة التي يريدها الفريق الداعم لهذا الترشيح. ما حصل حتى الآن، لم يقتصر على إطلاق النقاش الجدي داخلياً وخارجياً، بل فرض على كل اللاعبين إعداد الأوراق المستورة، لكشفها في أقرب وقت ممكن".

وركّزت على أنّ "في هذا الوقت، يزداد الشرخ بين المسيحيين، الذين رغم تفاهم قواهم البارزة على معارضة ترشيح فرنجية، إلا أن اختلافهم على البديل يسمح لأنصار "الخيار الثالث" بالعمل من خارج أجندة هذه القوى البارزة، كما يفسح في المجال لأن يكون الرأي الحاسم للخارج؛ وهو ما أظهرته الاتصالات التي جرت في الساعات الماضية".

وكشفت معلومات "الأخبار"، أنّ "الجانبين الأميركي والسعودي قد سارعا الى التحرك صوب بكركي، خشية أن يبدر عنها موقف يُفهم منه استعداد جدي للبحث في ترشيح فرنجية، ولو من زاوية مقايضة موقع الرئاسة الأولى بموقع رئيس الحكومة. وفيما أبلغ السعوديون البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنهم ليسوا في وارد القبول بهذه المقايضة، كان الضغط الأميركي على الراعي أكبر، عبر توجيه "نصيحة" إليه بألّا يبادر الى أي موقف من شأنه الإيحاء بانقسام كبير في الشارع المسيحي، أو ملاقاة داعمي فرنجية في منتصف الطريق".

وأوضحت مصادر متابعة، للصحيفة، أن "الأميركيين عبّروا صراحة عن عدم تأييدهم لترشيح فرنجية، وأن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا قالت إن ما نقله رئيس مجلس النواب نبيه بري عنها، لجهة عدم ممانعة واشنطن لانتخاب فرنجية، "كان جواباً دبلوماسياً طبيعياً ومتوقّعاً من أي سفير، وأن موقف الإدارة الاميركية يعارض أيّ مرشح يدعمه حزب الله".

وشدّدت المصادر على أنّ "الأميركيين يخشون من "خطأ" في التعامل مع دعوة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الى الحوار حول الترشيحات"، شارحةً أنّ "منبع الخشية الأميركية، أنه في حال استجابة البطريرك الراعي لدعوة الحوار، وطلبِ اجتماع للقوى المسيحية، يكون قد وقع في الفخ، لأن لا مجال في الوقت الحالي لأي توافق بين القوى المسيحية على مقاربة موحدة للملف الرئاسي. وهو أمر يتعزّز يوماً بعد آخر، مع رفض حزب "القوات اللبنانية" أن تكون بكركي مرجعية حصرية لبتّ الموقف المسيحي من الملف الرئاسي، واعتبارها أن البطريرك يتعامل مع طروحات رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بإيجابية مبالغ فيها".

وذكرت أنّ "الأمر الثاني الذي تخشاه السفارة الأميركية، هو صدور موقف ملتبس عن الراعي في عظة الأحد، التي يبدو أن كثيرين ينتظرون ما إذا كان سيعلّق فيها على دعوة نصر الله كل الأفرقاء الى إعلان أسماء مرشحيهم. إذ يفضّل الأميركيون أن تبقى بكركي بعيدة عن هذا السجال الآن، وهم متوافقون مع السعوديين على أن بتّ هذا الملف ليس محصوراً بالقوى اللبنانية، وأن انتخاب رئيس من دون غطاء خارجي سيبقي الأزمة مفتوحة".

كما علمت "الأخبار" أن "التشدد السعودي والأميركي حيال الأفكار الفرنسية بالمقايضة بين رئاستَي الجمهورية والحكومة، يرتبط بمفاوضات تجرى مع جهات لها تأثيرها على الساحة اللبنانية. إذ يجري تبادل رسائل بين سوريا والسعودية من جهة، وبين دمشق وعواصم أخرى معنية من جهة ثانية. والواضح أن هناك مغريات تقدم إلى دمشق لإعادتها الى الجامعة العربية، مقابل مواقف تصبّ في خدمة الأجندة السعودية".

السعودية: لا مقايضة بين رئاستَي الجمهورية والحكومة

أشارت "الأخبار" إلى أنّ "منذ اللقاء الخماسي في باريس، ثمة رغبة في التعامل مع الموقف السعودي بالملف اللبناني على أنه يحمل التباسات وتدوير زوايا، وبأن الرياض بدأت تتماهى مع مواقف فرنسية وتدخل في لعبة أسماء المرشحين لرئاسة الجمهورية. هذه المقاربة للموقف السعودي، وفق معلومات مطّلعين، تحاول تحميل الرياض مواقف لم تتخذها لا قبل لقاء باريس الخماسي ولا بعده".

وأفادت المعلومات بأنّ "تبعاً لذلك، لم تبادر الدبلوماسية السعودية الى إبلاغ القيادات السياسية رفضها لترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجيه كردّة فعل. في الشكل، زيارة السفير السعودي وليد بخاري لبكركي، أعطت ملامح أولى عن مبادرة سريعة للردّ على إعلان قوى الثامن من آذار اسم مرشحها، وكأنه موقف سعودي مستجدّ. إلا أن المعلومات السعودية تتحدث في شكل مغاير".

وفسّرت أنّ "الزيارة لم تكن للتبليغ عن موقف سبق أن أعلن أكثر من مرة، وهو يتناول في شكل مفصّل موقف الرياض من لبنان والانتخابات الرئاسية، ولم يستجدّ تبعاً لذلك أي تطوّر يفترض مقاربته في شكل مختلف. وما سئلت عنه الدبلوماسية السعودية في بيروت والرياض، حول التطورات الأخيرة، وجد الجواب نفسه عبر مجموعة مواقف عادت وتكررت خلال الساعات الأخيرة".

وركّزت الصّحيفة على أنّه "لا بدّ طبعاً من أن يكون السؤال الأول الذي وجّه في أعقاب إعلان بري ترشيح فرنجية ودعم السيّد نصرالله هذا الترشيح: ما هو الموقف السعودي؟ وقد تضمّن الجواب مجموعة مواقف:

- أولاً، السعودية لم تطرح أيّ اسم ولم تناقش الأسماء المطروحة لترفض أيّ اسم بالتحديد، لكنها أعطت مواصفات وحدّدت مبادئ وخطوطاً تفصيلية، ويفترض أن تكون الرسالة قد وصلت عبرها الى جميع المعنيين. فالرياض لا تؤيد وصول أيّ مرشح حليف لـ"حزب الله" إلى سدّة الرئاسة، وهذا يشمل كلّ من قد يكون مرشحاً، بمن فيهم فرنجية أو غيره.

- ثانياً، إذا انتخب لبنان مرشح "حزب الله"، فإن الرياض ستواصل سياستها الانكفائية، ما يؤدي حكماً الى تكرار تجربة العلاقات التي شهدها لبنان مع السعودية خلال عهد رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، أي إضافة سنوات ست جديدة من عمر الأزمة اللبنانية وأزمة العلاقات مع الرياض، مع ما يستتبع ذلك من تأثيرات اقتصادية ومالية.

- ثالثاً، لا مقايضة سعودية بين رئيس جمهورية من جهة ورئيس حكومة من جهة أخرى. السلّة الواحدة من موقع المفاضلة بين انتماءين سياسيين غير مطروحة، والأكيد أن الرياض لم تطرحها. ما ينسحب على رئيس الجمهورية ينسحب على رئيس الحكومة، ولا مجال كي يكونا حليفَي "حزب الله"، ولا مجال لتسوية مع أحد الموقعين على حساب الآخر".

كما شدّدت على أنّ "هذا الموقف الذي يجمع تحت سقفه مجموعة لاءات، يطرح أمام حلفاء السعودية وخصومها على السواء تحدّي مقاربة الانتخابات الرئاسية. فالرسالة السعودية لم تبلغ اليوم فحسب، في ما يتعلق برفض أيّ مرشح يدعمه "حزب الله". لكنه عملياً يضع حلفاء السعودية في موقف مريح، لجهة الاطمئنان الى خوض المعركة ضد مرشح "حزب الله"، ويزيد الضغط على رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، في تحديد أشكال استمرار التوازن في العلاقة مع بري و"حزب الله"، مقابل تماهي رافضي فرنجية من حلقة جنبلاط مع الموقف السعودي؛ كما يضع النواب السنّة أمام خيارين لا ثالث لهما: مع مرشح الثنائي أو ضده".

بدء حلحلة العقَد بين سليم وعون

لفتت "الأخبار" إلى أنّ "بخُطى يشوبها الحذر، تسلك "المُصالحة" بين قائد الجيش العماد جوزف عون ووزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، طريقها نحو التنفيذ".

وعلمت "الأخبار" أن "خلال اللقاء الذي عُقد أمس بين عون وسليم في مكتب الأخير في وزارة الدفاع، اتُّفق على حل النقاط العالقة بينهما، تمهيداً للبدء في تدابير للتراجع عن القرارات والإجراءات المتضاربة التي اتخذها الجانبان أخيراً، وعطّلت باعترافهما، مصالح الجيش ووزارة الدفاع على السواء، إلى جانب فتح حوار تلافياً لتكرار ما حدث".

وكشفت المعلومات أنّه "قد بُدئ فعلياً بهذه التدابير، مع تراجع وزير الدفاع عن قراره عدم استقبال البريد الوارد من قيادة الجيش، مقابل تراجع قائد الجيش عن إجراءات اتخذت في حق زوار الوزير كمنعهم من ركن سياراتهم داخل حرم وزارة الدفاع"، مشيرةً إلى أنّ "ما أمكن تسجيله حتى الآن، هو تراجع محدود عن بعض الإجراءات "الشكلية"، على أن يتم التوصل إلى حلول لملف تعيينات المفتشية العامة والتعيينات لدى هيئات المحكمة العسكرية، والمناقلات التي أجراها قائد الجيش في الدائرة القانونية في وزارة الدفاع، وإيجاد مخرج للقرارات المتخذة في مسألة تراخيص السلاح، والتضارب الحاصل بين قرار قائد الجيش اعتبار بطاقة "تسهيل المرور" الصادرة عن مديرية المخابرات بمثابة رخصة حيازة سلاح لحاملها، واعتبار وزير الدفاع أن أمر إصدار رخص مماثلة مناط به، طالباً عدم تطبيق ما ورد عن قيادة الجيش".

في هذا الإطار، علمت "الأخبار" أنّ "قرار "تسهيل المرور" لا يزال سارياً لدى قطعات الجيش كافة وبقية الأجهزة الأمنية الباقية، التي حصّنت نفسها بذريعة عدم صدور أي مُذكّرة من جانب وزير الداخلية في هذا الشأن، مفضّلةً اللجوء إلى النيابة العامة العسكرية في حالة صادفتها حالة مماثلة".