ارتفعت، في الماضي القريب، حالات الانتحار بسبب الوضع الاقتصادي الصعب، وعدم قدرة المواطنين على العيش لمتطلبات الحياة الباهظة، والتي تقضّ مضاجع معظم العائلات التي بات مدخولها لا يساوي شيئاً أمام حاجياتها.

في الأيام الماضية، سجلت 6 حالات انتحار: مواطن في دير الزهراني، آخر في الزرارية، في الوردانية، مواطن من داريا قتل زوجته وطفله ثم انتحر، شخص من الجنسية السورية في النبطية شنق نفسه لأسباب عائليّة، وسبقه شخص من ال عليق في يحمر على الانتحار، باطلاق النار على نفسه من خلال سلاح حربي أواخر العام الماضي وتكرّ السبحة في مناطق لبنانية عدّة أيضًا.

في هذا السياق، تلفت مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن المنتحرين يعمدون إلى قتل أنفسهم بأسلحة حربية أو بارودة صيد أو من خلال الشنق أو من خلال رمي النفس، وبالتالي فالوسائل المستخدمة متعددة لكن النتيجة واحدة بغض النظر عن الأسباب. وتوضح أنه المنتحر في دير الزهراني سجّل رسالة على هاتفه قبل أن يقدم على الخطوة، حيث وجّهها إلى عديله طالباً منه الاهتمام بولديه وزوجته، بينما المنتحر في الزرارية كان قد اتصل بزوجته وأبلغها بأنه سينتحر.

في هذا الإطار، يكشف الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، عبر "النشرة"، أن المتوسط السنوي لعدد حالات الإنتحار، من العام 2013 حتى العام 2022، هو 143 حالة، بينما خلال شهري كانون الثاني وشباط من العام الحالي بلغ عدد الحالات 21.

من جانبه، يشير رئيس المحكمة الجعفرية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى المفتي علي مكّي، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن هذه الظاهرة ليست طارئة على المجتمع الإنساني بل تعد عاشر الأسباب لوفيات البشر، وتذكر التقارير أنه يموت نحو 800 الف شخص انتحاراً في كل عام، ومن ابرز الأسباب حالات الاضطراب النفسي، الاكتئاب، فقدان عزيز، النزاعات الزوجية والاسرية، الأزمات المالية والفقر والجوع.

ويوضح المفتي مكي أن الشريعة ميزت بين الحرمة وبين حدود المسؤولية، فالإنتحار كقتل للنفس البشرية، التي منحتها السماء حقّ الحياة ولا يحق لأحد أن يغتالها، ولذا كان الانتحار من المحرمات الكبرى وقد يترتب عليه الخلود في النار، مشيراً إلى أنه بالنسبة إلى المسؤولية فإن من يقدم على الانتحار يتحمّل الجزء الأكبر من المسؤولية، دون اعفاء الذين تسببوا بالاضطراب النفسي، كالدولة المقصّرة أو التدخّلات البشريّة الظالمة أو من لا يساهم في رفع الحرمان عن كاهل المواطن، فهؤلاء يتحملون في الحساب جزءاً من المسؤولية.

ورداً على سؤال حول تحريم الشرع الصلاة على المنتحر، يلفت المفتي المكي إلى أنه "اذا انتحر رداً على العزّة الإلهية وطعنا بها إنما يكفر بذلك عندها لا يُصلّى عليه، أما اذا كان هناك حجم من الضواغط افقدته صوابه، يكون فاسقاً لا كافراً، وعندها تبقى الصلاة واجبة".