لفت رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، إلى أنّ "الواضح من الاتّفاق الإيراني- السّعودي، وليس ما يحاك حوله، أنّ عنوانه العريض إعادة العلاقات إلى سابق عهدها، مع كلّ ما تحمل من فرص جديدة للمنطقة، استنادًا الى مبدأين أساسيّين وردا على لسان أكثر من مسؤول سعودي، مقابل صمت إيراني مطبق: احترام سيادة الدّول وسلامة الجوار، والعمل بالأعراف الدّوليّة والقانون الدّولي".

وأوضح، في حديث مع "المركزيّة"، أنّ "التّرجمة الفعليّة الأولى تجلّت في اليمن، من خلال وقف الإمدادات الإيرانيّة إلى الحوثيّين، ما يعني عمليًّا أنّ المبدأين يعنيان وقف إيران دعمها لكلّ الميليشيات في كلّ الدّول الأخرى، انطلاقًا من وجوب احترام السّيادة وحسن الجوار والعمل بالقانون الدولي".

وأشار جعجع إلى أنّ "على ذمّة الرّوايات المتناقلة، بدأت في الضاحية الجنوبية لبيروت عمليّة "ضبضبة" المعارضة البحرينيّة وجماعة الحوثيّين، وهذا مؤشّر إلى مسار الاتفاق"، مركّزًا على "أنّني لا أعرف ما إذا كان هذا الاتّفاق سيُترجَم فعليًّا، وأبقى في موقع المتحفّظ، في انتظار ما ستحمله الأيّام والأسابيع المقبلة، لرصد ما يجري على أرض الواقع من خطوات عمليّة وحسّاسة".

وفي شأن ملف الاستحقاق الرّئاسي اللّبناني، بيّن أنّ "بعد نحو أسبوع على الاتّفاق، لم نلمس أيّ تبدّل في المواقف والمعطيات. وفي اعتقادي، أنّ الاتّفاق لن يؤثّر على محور الممانعة على أرض الواقع، حتّى أنّ رئيس مجلس النّواب نبيه بري ومسؤولي "حزب الله" يبدو أنّهم تمسّكوا أكثر برئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجية، خصوصًا أنّ الزّمن ليس لصالحهم بحسب الظّاهر من الاتّفاق".

كما رأى أنّ "الأمين العام لـ"حزب الله" لم يكن على علم بما يدور في الفلك الإقليمي، بدليل أنّه قال في خطابه ما قبل الأخير، ما مفاده أنّ من يراهن على اتّفاق السعودية وإيران لحلّ أزمة الرّئاسة عليه أن ينتظر كثيرًا جدًّا".

وعمّا يتردّد عن أنّ رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط يسوّق مجدّدًا للحوار، ويطرح أسماء للرّئاسة يعتبرها على قدر المرحلة كشبلي الملاط والوزير السّابق جهاد أزعور، شدّد جعجع على أنّ "الصّديق وليد جنبلاط يكره الفراغ ويحاول تعبئته بما تيسّر، لكنّني لا أرى شيئًا من هذا القبيل. لدينا مرشّحنا الصّلب الإصلاحي السّيادي ولن نتخلّى عنه".

وأكّد أنّ "أقصى أمنياتنا التّفاهم مع الفريق الآخر، لكن وحتّى إشعار آخر، أعتقد أنّ هذا الفريق لا يريد رئيسًا جدّيًّا قويًّا وصلبًا، وفي أفضل الأحوال قد يقبل برئيس تكنوقراط لا حول ولا قوّة له في السّياسة؛ وهذا ما نرفضه لأنّه لا يحلّ المشكلة في ظلّ انتخابات رئاسيّة محوريّة. وحتّى إشعار آخر، سنبقى على تمسّكنا برئيس فعلي قادر على التّغيير".

وعلى ضفّة استجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والادّعاء عليه في سابقة خطيرة، لفت جعجع إلى أنّ "الأزمة طبعًا أبعد من أزمة مصرف مركزي، لكن من دون شكّ ثمّة دور تقني ما للمصرف يمكن أن يسهم في تخفيف تبعات الأزمة ككلّ. وبعد ما جرى خلال الأسبوعين الماضيين، لا سيّما قضائيًّا، باتت الحاجة إلى حلّ للحاكميّة ضرورة قصوى".

واعتبر أنّ "دور الحاكميّة في الأزمة ليس كبيرًا، إلّا أنّها لو ساهمت في انفراجات بنسبة 10 في المئة، فذلك أمر جيّد، في انتظار انتخاب رئيس جمهوريّة واستقامة العمل السّياسي. وإذا ثبتت معلومة أنّ الحاكم وضع استقالته في تصرّف رئيس الحكومة، فثمّة ما هو طارئ ومستعجل وخطير، ذلك أنّ تَرك المصرف من دون حاكم أمر بالغ الخطورة، ولا يمكن ترك المنصب لنائب الحاكم لتسيير الأعمال، في ظلّ أزمة ماليّة وجوديّة". وأوضح أنّ "ما سرى على منصب مدير عام الأمن العام، لا يمكن أن يسري على حاكميّة مصرف لبنان".

وركّز على أنّ "من هنا، وإذا قبِل رئيس الحكومة الاستقالة أو أُقيل رياض سلامة، تقع المسؤوليّة الكبرى على رئيس الحكومة شخصيًّا والحكومة، أن تجد وتعيّن حاكم مصرف أصيلًا من خارج المألوف ويوحي بالثّقة، وليس على شاكلة الطّقم الحاكم. ضروري أن يكون شخصًا أبيض ناصعًا، يملك الخبرة اللّازمة ويستعيد الثّقة بالحدّ الأدنى وينظّم العمل المصرفي". وشدّد على أنّ "أمر الحاكميّة اليوم ضرورة قصوى، لا يجوز التّغاضي عنها".

وعن التّطوّرات الحدوديّة وما أُثير عن تسلّل فسطيني من جنوب لبنان إلى داخل إسرائيل لتنفيذ عمليّة أمنيّة، أعرب رئيس "القوّات" عن قلقه البالغ "نسبةً للغموض الّذي يكتنف الحادثة في مجمل جوانبها، والاهتمام الإسرائيلي بها، لدرجة تفقّد الطّاقم الأمني الإسرائيلي برمّته الحدود مع لبنان". وأفاد بـ"أنّني لا أستنظف ما حصل، وأرسم علامات استفهام كثيرة حوله. فليتنبه المعنيّون جدًّا، لأنّ الوضع في لبنان لا يحتمل أيّ خطأ".