يدخل احد المحامين الى ​قصر العدل​ في الجديدة ليبحث عن طوابع قضائيّة لشكوى جزائيّة يريد تقديمها الى النيابة العامة بقيمة خمسين الف ليرة ولكنه لا يجدها أبدا. الامر لم يحدث، ف​المحامون​ لم يجدوا طوابع منذ تاريخ تغيير رسم الطابع المذكور، وأحدهم استغرب ذات مرّة فسأل وكان الجواب "لم يُطبع هذا الطابع بل تم الاكتفاء بطابع المئة الف ليرة".

طوابع قضائيّة مفقودة؟!

بالعودة الى النصوص القانونيّة، في السابق كانت أيّ شكوى تحتاج الى طابع بقيمة عشرة الاف ليرة، إلاّ أنه وفي قانون الموازنة الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 15/11/2022 تغيّر هذا الأمر، وأشارت المادة التاسعة والتسعون منه بعنوان "استيفاء رسم مقطوع لصالح صندوق تعاضد ​القضاة​" ما يلي "يستوفي صندوق تعاضد القضاة رسماً مقطوعاً قدره خمسون الف ليرة عن كلّ شكوى جزائية أو ادعاء مباشر، يدفع عند تقديم الشكوى او الادعاء المباشر، وكذلك في كلّ مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة. وايضا عند تقديم الدفوع والبت بها، وعلى كل تقرير صادر عن خبير او طبيب شرعي او وكيل تفليسه او مراقب عقد صالح ويستوفى هذا الرسم لصقا بواسطة طابع لصالح الصندوق وتبقى سائر الرسوم المتعلقة بصندوق تعاضد القضاة دون اي تغيير في قيمتها".

لا جواب؟!

أمام هذا المشهد توجّهت "النشرة" الى رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي ​سهيل عبود​ لتسأله عن الموضوع. فكان الجواب صاعقاً "ما عندي ولا أيّ فكرة عن الموضوع".

تابعنا البحث في القضيّة ووجدنا أنّ مشكلة حصلت بين القاضي أحمد مزهر وأحد المحامين تحديدا حول طابع الخمسين والمئة ألف ليرة نُشرت في الاعلام، قمنا بالاتصال به أيضا للاستفسار. بداية الكلام كانت "الدولة مش مأمّنة"، ليعود ويكمل "هناك شيء خاص من الصندوق وهناك طوابع من الماليّة وأخرى من صندوق تعاضد القضاة"، وأضاف ان "الاشكالية هي في الطوابع الخاصة بالنيابات العامة"، ليستكمل أنه "حصل اتفاق بين ​نقابة المحامين​ والصندوق و​وزارة العدل​".

إذا، هذا كان جواب القاضي أحمد مزهر، ليعود بعدها ويشير الى أن "لا دخل له بالأمر والمسألة لدى صندوق تعاضد القضاة". وعندما سألناه مَنْ مِنَ القضاة في الصندوق يمكن أن يفيدنا أجاب القاضي حبيب مزهر".

اتصلنا بالقاضي حبيب مزهر الذي أشار الى أن "لا تعاطٍ له بصندوق تعاضد القضاة وأن هذا الطابع مالي"، واضاف: "رئيس الصندوق هو القاضي ​علي ابراهيم​ وهو من يستطيع ان يفيدنا بالمسألة".

وزارة المالية: لا دخل لنا

اكملنا رحلة البحث عن طابع الخمسين واتصلنا بالقاضي علي ابراهيم ولكنه لم يجب على الاتصال. فتحدثنا مع مدير الخزينة في ​وزارة الماليّة​ اسكندر حلاّق لمعرفة حقيقة ارتباط الطوابع القضائيّة بوزارة الماليّة فأكد لـ"النشرة" أن "الطابع القضائي هو لدى صندوق تعاضد القضاة الّذي يتّخذ القرار بالطبع وليس وزارة المالية".

إذاً، رحلة البحث عن الطوابع القضائية بقيمة الخمسين الف ليرة لم تؤت بثمارها واستبدلت بمئة الف ليرة، بالمختصر "الطاسة ضايعة" والجميع يتنصّل والطوابع مفقودة والرسم يستوفى لصالح صندوق تعاضد القضاة، أيّ أن هذه الأموال تذهب الى الصندوق وفي يده قرار الطبع وله تعود الرسوم والمبالغ... والمحامون ملزمون باستعمال طابع المئة الف ليرة لتسيير امورهم مما يعني ضعف المبلغ الواجب دفعه.

يبقى تبيان الحقيقة في هذا الموضوع رهن الأيام المقبلة... فهل يكون الطابع المالي القضائي باباً من أبواب الفساد وادخال مزيد من الاموال الى صندوق تعاضد القضاة بشكل مخالف للقانون، الذي حدد قيمة الرسم الذي يستوفى لصالح الصندوق بقيمة 50 الف ليرة؟!.