يراقب ال​لبنان​يون، في هذه الأيام، مسار الإنفتاح الذي تشهده الساحة الإقليمية، خصوصاً بعد الإتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، الأمر الذي ترك تداعيات كبيرة على مسار العلاقة بين الجانبين، من دون تجاهل إستكمال مسار الإنفتاح العربي، الخليجي تحديداً، على ​سوريا​، الذي دخلت ​الرياض​ على خطه في الأيام الماضية.

وإنطلاقاً من معادلة أن بيروت ليست جزيرة معزولة عن محيطها، يتوقع الكثيرون أن تستفيد من الجو الجديد الذي يجتاح المنطقة، بعد أن كان في الماضي يتم الحديث عن معادلة أخرى تقوم على أساس "بتحبل بالمنطقة لتخلّف في لبنان"، في إشارة إلى أن هذه البلاد تدفع ثمن التوترات التي تحصل في الإقليم، لكن السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه هو عن موعد الوصول إلى التسوية المنتظرة، التي من المفترض أن يكون ​الإستحقاق الرئاسي​ بوابتها الإلزامية؟.

لدى مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، قناعة حاسمة بأن مسار الإنفتاح الإقليمي لن يستثني الساحة المحلّية، وبالتالي هي تشدّد على أنّ الرهانات في هذا المجال لا تأتي من فراغ، لكنها في المقابل ترى أن هذا الأمر لن يكون بالسهولة التي يتصوّرها البعض، بل على العكس من ذلك هو قد يحتاج إلى الكثير من الوقت قبل أن يترجم من الناحية العمليّة.

وتلفت هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أنّ الأجواء الحاليّة، في ظلّ الإهتمام الواضح بالساحتين اليمنية والسورية، ترجّح أن يكون لبنان هو الصورة النهائيّة لهذا المسار، على قاعدة أنّ الأمور فيه، بالرغم من أنها لم تصل إلى الحدّ العنفي الذي شهدته العديد من الساحات، معقّدة إلى حدّ ما، لا سيّما أنّه على المستوى المحلّي يتعدّد اللاعبون الدوليّون والإقليميّون المؤثّرون، ما يعني أنّ التسوية لن تكون محصورة بالجانبين السعودي والإيراني، حيث لا يمكن تجاهل حضور كل من ​الولايات المتحدة​ و​فرنسا​.

من وجهة نظر المصادر نفسها، المرحلة المقبلة قد تشهد توضيحاً أكبرَ لمعالم الإختلاف في وجهات النظر بين هؤلاء اللاعبين، بالرغم من أن الفترة الماضية كانت حافلة بالمؤشرات التي تصب في هذا الإتجاه، والتي قد يكون الموقف من ترشيح رئيس تيار "المردة" النائب السابق ​سليمان فرنجية​ على رأسها، خصوصاً لناحية طرح المقايضة بين موقعي ​رئاسة الجمهورية​ ورئاسة الحكومة، من ضمن تسوية شاملة تعيد إنتاج السلطة في البلاد.

في المقابل، توافق مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، على معادلة أن لبنان لن يكون جزيرة معزولة عن محيطها، لكن المسار الحالي بين الرياض وطهران لم يخرج بعد عمّا يمكن تسميته بـ"إختبار النوايا"، في حين أن التطورات المتعلّقة بالساحة السوريّة ليست بالجديدة، بل هي كانت مدار بحث منذ أشهر طويلة، لكن ترجمتها تمت في الوقت الراهن.

بالإضافة إلى ذلك، تشدد هذه المصادر على أن لبنان لا يحتمل أن يبقى في مرحلة الإنتظار طويلاً، نظراً إلى أنه سيكون خلال فترة قصيرة على موعد مع مجموعة من الإستحقاقات المهمة، أبرزها نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في بداية شهر تموز المقبل، التي تأتي بالتزامن مع إرتفاع وتيرة الإنهيار الإقتصادي والإجتماعي، كما تدعو إلى عدم تجاهل دور الخلافات الداخليّة في الأزمة، حيث تشير إلى أن اللاعبين المحليين يؤثرون في المسار العام، على عكس ما يروّج له البعض لناحية إلتحاقهم التلقائي بما قد يتم التوافق عليه في الخارج.

في المحصّلة، هذا الواقع يدفع المصادر نفسها إلى الحديث عن أن الساحة المحلية، في الفترة المقبلة، ستكون في حالة ترقّب لا أكثر لما قد ينتج عن المسار الإقليمي المشار إليه في الأعلى، لكنها لا تستبعد أن تشهد هذه الفترة بعض التصعيد من قبل العديد من الجهات الساعية إلى تحسين أوراقها التفاوضيّة، خصوصاً أنّ المؤشّرات الراهنة توحي بأن ليس هناك من إتفاق عام، بل من الممكن الحديث عن تفاوض سيحصل في كل ساحة على حدة.