أشارت صحيفة "الاخبار" الى انه خلال ثلاثة أشهر تضاعف سعر الدولار على منصة صيرفة نحو 3 مرات، آكلاً معه المساعدة الاجتماعية التي قدّمت على شكل ثلاثة رواتب، معيداً عقارب السّاعة إلى ما قبل إقرار موازنة عام 2022. واقع دفع بموظفي الإدارة العامة وأساتذة التعليم الرسمي إلى الإضراب منذ شهور، وها هو اليوم يدفع بالمتقاعدين مجدداً إلى الشارع ليخرجوا منه مؤقتاً في انتظار المشاورات التي سيجريها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في ما يتعلق بتثبيت سعر منصة «صيرفة» على 28.500 ليرة لرواتب القطاع العام

ورأت الصحيفة ان سعر صرف الدولار على منصة صيرفة يكاد يدخل البلاد في الشّلل التام. على إثر وصول قيمة الدولار عليها إلى 90 ألفاً في الأيام الماضية، واقتراب موعد دفع الرواتب آخر الشهر، المهدّدة بأغلبيتها العظمى بالنزول إلى ما دون سقف الـ100 دولار، يتوقف من يحضر من الموظفين إلى الدوائر عن العمل. من جهتها، استبقت روابط المتقاعدين كافةً من خلال المجلس التنسيقي المكون من (المجلس الوطني لقدامى موظفي الدولة، رابطة قدماء القوى المسلحة في لبنان، رابطة قدامى أساتذة الجامعة اللبنانية، رابطة الأساتذة المتقاعدين في التعليم الثانوي، رابطة المتقاعدين في التعليم الأساسي) نزول المعاشات في المصارف، وتحرّكت أمس على أكثر من اتجاه، فطالبت أولاً بـ"عدم سحب الرواتب على السّعر الأعلى لصيرفة"، وتظاهرت ثانياً في ساحة رياض الصّلح أمام السّراي الحكومي، قبل الانتقال إلى مصرف لبنان، حاملةً "تثبيت سعر منصة صيرفة على 28500" مطلباً أساسياً، وإلّا "اقتحام المصرف" بحسب العسكريين المتقاعدين.

انطلق التحرّك صباحاً من ساحة رياض الصلح، حيث حضر المتقاعدون من عسكريين وقوى أمن بتجهيزات المواجهة شبه الكاملة، وروحية قتال واضحة، لم تستطع سنوات التقاعد أن تغيّرها. ارتدوا بزاتهم العسكرية القديمة، مع قفازات سميكة، وحملوا الأدوات اللازمة لقطع الأسلاك الشائكة بمختلف القياسات، بالإضافة إلى أقنعة الغاز والنظارات الواقية من القنابل المسيّلة للدموع، التي لم تستخدم أمس. إلى جانب العسكريين المتقاعدين، كان هناك أساتذة وموظفو القطاع العام بروابط المتقاعدين، وحضور خجول للموظفين في الخدمة، عبر نقابيين من التيار النقابي المستقل، إذ "تفضّل روابط التعليم متابعة أعمالها في المدارس كي لا تخسر بدلات الإنتاجية الموعودة"، بحسب أستاذ متقاعد، على الرغم من أنّ المطالب لو تحقّقت، "ستكون لمصلحة الجميع، وأبرزها تثبيت سعر خاص بموظفي ومتقاعدي القطاع العام على منصة صيرفة، على أن لا يتخطى الـ28500 ليرة للدولار الواحد، ودعم الصناديق الضامنة لإعادة الاعتبار للاستشفاء والطبابة".

على الرغم من بعض المناوشات التي حصلت بين العسكر المتقاعد، ورفاقهم في الخدمة المولجين حفظ الأمن، سُجلّت تحية عسكرية متبادلة، وغضّ نظر عن بعض التحرّكات، بل ومساعدة لبعض المتقاعدين على تسلّق أسوار مصرف لبنان الذي انتقلوا إلى التظاهر أمامه، بعد عزوفهم عن القيام بالخطوة ذاتها في السّرايا بسبب غياب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عنه.

فقد حاول العسكريون المتقاعدون، الذين بقوا وحدهم في ساحة مصرف لبنان، اقتحام المصرف من بوابتيه مقابل وزارة الداخلية. "لا شيء أخسره، أرخص ما عندي حياتي"، يصرخ عسكري متقاعد في ضابط يحاول ثنيه عن تسلّق السور الخرساني مقابل المصرف، قبل أن يبدأ بتقطيع الأسلاك الشائكة ليلحق به زملائه، بعد فشل كلّ المحاولات بسبب الحضور الكبير لقوى مكافحة الشغب، التي استنكر المعتصمون حضورها، فهم "أولادنا الذين نطالب لأجلهم"، فيما يستنكر عميد متقاعد "وصول العسكر المتقاعد الذي دفع كلّ عمره في المؤسسة العسكرية إلى مرحلة استجداء المعاش".

ساعات الاعتصام انتهت بدخول لجنة ممثلة عن المعتصمين ومقابلة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي "نفض يده من سعر ثابت لمنصة صيرفة، ووضعها عند الحكومة ووزارة المالية، واعداً بالرّد قبل يوم الاثنين".

العميد المتقاعد شامل روكز، الذي استنكر "التسييج المبالغ به باستخدام الأسلاك الشائكة حول السّرايا الحكومي والمصرف" أكد أنه "إن لم يناسبنا سعر منصة صيرفة لن يكون أحد مرتاحاً"، مشدّداً على "ضرورة تثبيت سعر منصة صيرفة على 28500 للدولار، وإلّا قد تأخذ التحركات أشكالاً أخرى". يشبّه روكز المنصة بـ"تصريف الأعمال الضروري" على رغم عدم اقتناعه بها، كونها "مزراب هدر يستفيد منه أصحاب رؤوس الأموال". أما الحل برأيه "سياسي واقتصادي واجتماعي، يبدأ بانتخاب رئيس جمهورية، وتشكيل حكومة لتضع خطة للنهوض الوطني".

في ساحة رياض الصلح، أشار الأمين العام للحزب الشيوعي حنا غريب في حديث مع "الأخبار" إلى "مسؤولية الدولة المباشرة عن ما يقارب مليون مواطن، من موظفين وعسكريين وأبنائهم يعتاشون من رواتب القطاع العام»، ويطالب بـ«إصلاح الأجر النقدي والاجتماعي المتمثل بالاستشفاء والتعليم الرّسمي والنقل".

من جهتها، أكدّت عضو رابطة متقاعدي أساتذة الجامعة اللبنانية ليندا الحسيني على "رفض ​سياسة​ المساعدات التي لا تدخل في صلب الراتب"، مطالبة بـ"تثبيت سعر لمنصة، ودعم الصناديق الضامنة التي تسبّب تدهورها بوفاة أستاذ في منزله لعدم قدرته على الوصول إلى المستشفى".