أكّد رئيس حزب "القوّات اللّبنانيّة" سمير جعجع، أنّ"ع زحلة ما بيفوتوا، زحلة النَّجم الما بينطال". هذا ما حصل في نيسان 1981، وهذا ما سيحصل دائمًا. يتغيّر اسم المعتدي والمحتل، لكن زحلة تبقى زحلة، جارة قمم صنين وصانعة الأمجاد في الأزمات والأخطار. هكذا خُلّد اسمها في سجلات التّاريخ والمقاومة منذ زمن، وهكذا سيبقى".

ولفت، بعد الذّبيحة الإلهيّة لراحة أنفس "شهداء زحلة"، الّتي أحيتها منسقيّة "القوّات اللّبنانيّة" في مقام سيدة زحلة والبقاع، إلى أنّ "في زمن الهزّات الجيولوجيّة والأراضي الّتي تزحَل، تبقى زحلة بمبادئها وقِيمها وأصالة أهلها كصخور صنّين "لا بتهتزّ ولا بتزحَل"، فهي مدينة الشّموخ والمقاومة، حرقها الغُزات 3 مرّات، قبل أن يحرقها جيش الأسد المرّة الرّابعة في نيسان الـ1981 حين رفضت الخضوع".

وأشار جعجع إلى أنّ "بعد كلّ حريق، كانت تنفض عنها الرّماد لتعود وتعمر وتزدهر أكثر من قبل، واليوم مهما اشتدّت الصّعوبات على أهلها، في نهاية المطاف، ستزهّر مواسم خيرات وعِزّ، وستخرج التّركيبة الفاشلة الفاسدة الّتي أوصَلتها ولبنان إلى جهنّم الّذي نعيشه"، معتبرًا أنّ "زحلة ليست فقط أرض الكَرَم على وِسع السّهل، إنّما أرض الكرامة على وِسع الزّمن والمدى والحريّات والمسافات، وإحدى عناوينها معركة الصّمود والبقاء والمقاومة الّتي خاضها أبطال في نيسان 1981. كذلك ليست مدينة الشّعراء والأُدباء فقط، الّتي تضمّ خزّانًا من الكفاءات العلميّة والعمليّة، لا بل هي مخزون أكبر وأكبر من المقاومين والمقاومات، وتختزن في قلبها تاريخًا طويلًا من الصّمود والمقاومة والعنفوان، لنبقى، تبقى الحرّيّة ويبقى لبنان".

وبيّن أنّه "على قدر ما تسخى مواسمها خيرات وغلّات على أهلها، بقدر ما تسخى أرض زحلة شهداء وأبطالًا ومناضلين على مساحة كل لبنان". وشدّد على أنّ "أهل زحلة ليسوا مكسر عصا لعصابات وقطّاع طرق، يخطفون ويسْلبون مواطنين خلال تنقّلاتهم اليوميّة"، مؤكّدًا أنّ "المطلوب من الدّولة تحمّل مسؤوليّاتها، ووضع حدٍّ نهائي لهذه الاعتداءات، لأنّ الزّحالنة لديهم الكرامة والعنفوان و"مش كلّ مرّة بتسلَم الجرّة".

كما ذكر أنّ "زحلة تمتّعت بامتياز شقّ درب جمهوريّة العشرين يومًا ويوم، إذ تحلّت بشجاعة تحدّت فيها عنجهية الأسد "بنصّ دين المنطقة"

الّتي اعتبرها العمق الحيوي في البقاع، ولأنّ صُمودها وتضحياتها في تسعين يومًا ويوم كَسرت الموازين وبدّلت قواعد اللّعبة، الأمر الّذي منحها مفتاح القصر الجمهوري فسَلَّمته، على طبق من أكاليل الغار، لرئيس الجمهوريّة الرّاحل بشير الجميب، قائلةً: سيدي الرّئيس نُفِّذَ الأمر".

وركّز جعجع على أنّ "زحلة لم تقاوم في 1981 ولم تدفع التّضحيات الجمّة، كي يتعذّب ويعاني ويموت أهلها من جديد، جرّاء تركيبة سلطوية مهترئة مستقوِية بسلاح غير شرعي، وآخرهم كان الرّفيق بيار صقر، الّذي نجا من الموت مرّات ومرّات في زمن النّضال والمقاومة العسكريّة، على الرّغم من إسهاماته الكبيرة في مضمار المقاومة، ليعود في زمن السّلم ويدفع ثمن حياته وتحرّره وحرّيّته الأبديّة من الحصار المعيشي والسّياسي والصحّي والدّستوري والرّئاسي والسّيادي الخانق، على خلفيّة ما فرضته هذه التّركيبة على الشعب اللبناني؛ ولا تزال مستمرّةً حتّى الموت أو الهجرة أو اليأس أو الانتحار أو الانفجار".

وأوضح أنّ "هذه التركيبة السلطوية تختبئ خلف شِعار التعايش الوطني والوحدة الوطنية، إلا أنها في الحقيقة لم تدع اللبناني يتعايش سوى مع الفقر والعَوَز والسلاح غير الشرعي، ولم توحّد اللبنانيين مع بعضهم البعض إلّا على الذل والقهر والمُعاناة"، مطمئنًا"كل من أوصلته هذه التركيبة الى المكان الذي وصل اليه بيار"، أن "روحه أمانة لدينا نحن الأحياء، لذا يجب ألا نسمح لهذه المنظومة ومن خلفها خطفَ أرواح جديدة، ولن نسمح بأن تفقدنا الأمل و"تْرَكِّع" روح المقاومة فينا لنرضخ لهذا الوضع المذري، ونرضى بالمكتوب وبمشيئة القدر".

وجزم أنّ "في قاموسنا لا ركوع ولا رجوع، ولن نرتاح إلا عندما نعيد الكرامة والحرية للشعب اللبناني، ونحقق لبيار ورِفاقه وكلّ شهداء زحلة، حلمهم وتطلُّعاتهم بوَطن يليق بهم"، لافتًا إلى أنّ "معركة زحلة الـ1981 هي إحدى المعارك العسكرية والسياسية الكثيرة التي خاضتها المقاومة اللبنانية، منذ العام 1975 وما قَبل، ضد أيِّ انقلاب أو اختِلال بالمفاهيم السياسية والديمقراطية المتعارَف عليها، وليس فقط ضد الاحتلال والظلم والتَّبَعية والعَبَثية".

إلى ذلك، أضاف جعجع: "الصيغة السياسية أو التركيبة السلطوية وُجِدَت في الأساس لخدمة الإنسان وكرامته، وليس لإذلاله وإهانته وسَلبه الكرامة والحقوق، تماماً كما هو حاصل في الوقت الراهن بسبب التركيبة الحالية القائمة على الصفقات والسمسرات والفساد والمحسوبية واللاقانون واللادولة، وهمّها الوحيد حماية سلاح غير شرعي، و"تبيّض وِجّا" مع محور الممانعة لإرضاء طموحاته التوسعية؛ ولو على حساب لقمة عيش اللبنانيين وصحتهم وحياتهم ووجودهم وكرامتهم".

واعتبر أنّ "هذه التركيبة تشكِّل بيئةً حاضنةً مثاليّةً "لتْفَقِّس" وتستشري فيها أكثر كل أنواع الأزمات والتحديات، مثلما نشهد في موضوع الفراغ الرئاسي، اذ يتحدّثون عن حوار وتفاهم، فيما قرروا سلفاً من يريدون، تبعاً للطريقة التي يبغون". وتوجّه إلى "من يبتزّنا ككل مرة، ويخيّرنا بين المرشّح التابع له أو الفراغ"، بالقول: "روح بلّط البحر"، لأن أي مرشّح من محور الممانعة، مهما كان اسمه أو هويته هو الفراغ بحد ذاته، ولن يكون عهده الا تتمة للجزء الأول من العهد السابق".

وأفاد بأنّ "مشكلة العهد السابق لم تكن فقط بهوية الرئيس واسمه، بِقَدَر ما كانت في نهج دويلة محور الممانعة المُناقِض تماماً لمفهوم الدولة، ما أوصل لبنان الى الانهيار والافلاس والنَّبِذ عربيًّا ودوليًّا. لذا، ما دام لم يتغيّر هذا النهج، فأي مرشح من هذا الخط، مهما كان اسمه، سيؤدي إلى نتيجة مشابهة لتلك التي شهدناها في العهد السابق. زمن الترقيع والرمادية والتسويف ولّى، وأيُ مرشح لا هوية واضحة له ويفتقر إلى المعالم السيادية والاصلاحية مرفوض، بالتالي كل مرشح ترقيع "بوَقت ما بقى في شي بهالدولة يترقَّع"، غير مقبول".

كما أشار رئيس "القوّات" إلى أنّ "محور الممانعة تسلّم الرئاسة مرّة، ودمَّر البلد ألف مرة ومرة، لذا حان الوقت كي يبتعد ويفسح المجال أمام اللبنانيين الشُرَفاء الإِصلاحيين السياديين، ليُخرجوا الشعب من هذا الآتون الذي تسبب به هذا المحور، بدل أن يسعى إلى حوارات لطرح مرشحين والاتيان برؤساء أو إلى التفاوض حول شكل الحكومة العتيدة، فهذه المرة لن نترك "الفاجر يأكل مال التاجر". واستشهد بقول أهالي زحلة إلى جيش الأسد "ع زحلة ما بتفوتوا"، ليردد: "هيك منقول لمحور الممانعة، عالقصر ما بتفوتوا".

وتوقف عند الجلسات النيابية، مذكّرا "أننا شاركنا 11 مرة في الجلسات وانتخَبْنا مرشحاً واضح الهوية، بينما وضعوا أوراقاً بيضاء وأشباحاً في الدورة الأولى، ليعطّلوا النصاب في الدورة الثانية، وكأنهم "لا بِيحِسُّوا ع دمُّنْ ولا بيذوقوا"، كما لا يراجعون نتائج خطواتهم التعطيلية منذ العام 2006 الى الآن، ويتجاهلون ثمن سياساتهم على البلد وجشعهم وفشلهم وحُبّهم للسلطة وتمسُّكهم بسلاح غير شرعي".

وأعرب عن استغرابهم أنهم "يتحدثون عن المقاومة والصمود والكرامة وافشال المخططات الامبريالية، فيما الشعب اللبناني من جنوبه إلى شماله ومن غربه الى شرقه يبحث عن لقمة عيشه"، مشدداً على أن "الشي بالشي يذكر، حين قاومت زحلة المحتل وبدّلت المعادلات والحسابات عن حق وحقيقة، كان أهلها كسواهم من أهالي المناطق المحرَّرَة يتنعّمون بالبحبوحة ويستفيدون من الخدمات المؤمنة، في خضمّ القصف والضرب والحصار الفعلي".

إلى ذلك، أكد جعجع أنّ "هكذا تكون المقاومة الفعلية الحقيقية، التي ترفع رأس شعبها وتحمي شرفه وكرامته بالفعل، وتؤمن له مُقوِّمات الصمود اقتصادياً وخدماتياً وصحياً ومعيشياً، اما غير ذلك فيكون مجرد شعارات و"حكي وبحكي" عن العزة والكرامة، في الوقت الذي تعرّضه بالفعل الى الذل والفقر والحرمان وقوارب الموت والتهجير".

وتابع: "من يريد الدويلة والسلاح غير الشرعي، "يعمِلُن عندو"، لأننا نريد دولة، تؤمن ابسط الحقوق لمواطنيها، اذ من غير المسموح من الآن وصاعدا ان نسمع بحوادث انتحار بسبب القهر او هجرة جرّاء اليأس، و"يندفن شعب هوي وعايش" من كثرة الظلم والإهمال والفساد وقلة الحياء".