لا يحمل تاريخ 13 نيسان للبنان اي جديد، فهو بحد ذاته ذكرى أليمة كان متوقعاً ان تدوم سنوات قليلة، لكنها وللاسف، تحولت الى ذكرى دائمة ومتجددة، انما كل مرة بطريقة واسلوب مختلف عن السابق. القاسم المشترك الوحيد بين هذا التاريخ على مر العقود، هو اضافة الى الالم الذي يحييه، المأساة التي يجلبها معه. يعود 13 نيسان هذا العام بمصائب جديدة قرر ان يمدد تنوعها لتشمل كل المواضيع والقطاعات (السياسية، المعيشية، المالية، الاقتصادية، الامنية، الطبية...)، وبدل ان يتغنى لبنان (كما فعل خلال بداية الحرب السورية والحروب والاضطرابات التي ضربت دول المنطقة) بأنه الوحيد الذي نجا من هذه المصائب، انقلبت الامور رأساً على عقب، وباتت دول الجوار تنعم بالامن والاستقرار في حين ان لبنان هو الوحيد في المنطقة الذي يتلقى بصدر عار، الامواج الهائجة والصفعة تلو الاخرى، ولم يعد حتى يكفيه تقارب الدول العربية مع بعضها، مع عودة العلاقة بين س-س (اي السعودية وسوريا) الى قطار العلاقة الطبيعية اثر الزيارة التي قام بها وزير الخارجية السورية الى الرياض، وبدء العد العكسي لعودة دمشق الى الحضن العربي.

لم تنفع اصلاح الخطوط بين السعودية وايران من جهة، وبين السعودية وسوريا من جهة ثانية، لان الامر بات يحتاج الى تناسق "ابر الحياكة" الدولية بين فرنسا والولايات المتحدة، وفي غضون ذلك يعيش لبنان مجدداً تداعيات 13 نيسان، خصوصاً وان تضعضع الاتفاق بين التيار الوطني الحر وحزب الله سيلقي بأثقال اضافية على الوضع الامني في مناطق التماس وخصوصاً في عين الرمانة-الشياح التي يتواجد فيها حزب القوات اللبنانية بشكل قوي. ومع التسليم بأن فرضية الفلتان الشامل لم تصل بعد الى طاولة البحث الدولي، فإن الاحداث الامنية المتفرقة تبقى دائماً احتمالاً وارداً في اي لحظة.

اما التهديد الجدّي الآخر، فيتمثل في 13 نيسان منتظرة مع النازحين السوريين الذين تفيد المعلومات انهم توافدوا بشكل اكبر بعد الزلزال المأساوي الذي ضرب سوريا وتركيا في شباط الفائت، وهو امر غير مطمئن بتاتاً نظراً الى المخاطر الامنية والمعيشية والاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي تترتب عليه، مع الاشارة الى ان وجودهم في لبنان غير منظم، وان الاشكالات التي تزداد بينهم وبين المواطنين اللبنانيين (خصوصاً في الاسابيع الماضية)، خير دليل على اننا بتنا على مشارف 13 نيسان جديد لا يعرف توقيته المحدد بعد، ولكنه آت لا محال.

ليس هناك من مؤشرات مشجّعة تفيد بأن ما يقال في هذا الصدد هو مجرّد تخويف، وأن 13 نيسان (السوري وليس الفلسطيني) لن يكون بعيداً، ويبقى الامل الوحيد في ان تتجانس ابر الحياكة الدولية مع خيطان الحياكة الاقليمية لتنسج درع الامان للبنان، بعد ان تم "قتل" كل الآمال اللبنانية في تحسين ظروف البلد والمعيشة للمواطنين، الذين باتوا يحلمون ان تعود الامور الى ما كانت عليه قبل العام 2019، ويقبلون بأن يعيشوا في الاخطاء والمشاكل التي كانت سائدة في ذلك الوقت، لانه تبيّن ان البديل هو الكارثة بكل ما للكلمة من معنى.

من هنا، فإن الترقب هو سيد الموقف، وفي انتظار ألاّ يكون موعد 13 نيسان 2024 اسوأ من سلفه هذا العام، تنحصر الآمال في نضوج التسوية من الخارج لتطبيقها في الداخل، لانه من المستحيل عملياً ان تنضج أيّ تسوية داخليّة بمعزل عن الخارج، فاللبنانيون مشهورون بتفويت الفرص لتحسين اوضاعهم وتعزيز مستقبل بلدهم، وهذا على ما يبدو بات في جيناتهم من جيل الى جيل.