لو أرادوا فعلاً إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية في موعدها قبل التمديد الأول، لوضعوا صناديق البلديات والمخاتير الى جانب صناديق الإنتخابات النيابية داخل أقلام الإقتراع في أيار 2022، وحتى لو إحتاجت عمليات فرز الأصوات الى يومين بدلاً من يوم واحد.

ولو أرادوا فعلاً إجراءها في موعدها الممدّد أيّ في أيار 2023 ومن دون اللجوء الى تمديد ثان كما يخططون بين مجلسي النواب والوزراء، لصرفوا لها ملايينها الثمانيّة وبالدولار من حقوق السحب الخاصة كما صرفوا حوالي 13 مليون دولار منها لحلّ أزمة جوازات السفر وغيرها من الملايين الأخرى لغايات وغايات في نفوسهم.

نعم لو أرادوها فعلاً وفي موعدها فالقطار لم يفت والوقت لا يزال متاحاً على عكس ما يردّدون من كذب ونفاق. والدليل في هذه الواقعة.

ففي العام 2010 كانت الإنتخابات البلديّة والإختياريّة مقررة في أيار، وكان وزير الداخلية والبلديات آنذاك زياد بارود يحاول تمرير قانون جديد وعصري للإنتخابات البلدية والإختيارية. وعانى الأمرّين وقتذاك مع السلطة التنفيذية وعلى مدى 6 جلسات في مجلس الوزراء قبل أن يوافق الأخير على مشروعه الجديد في الأسبوع الأول من شهر آذار 2010. بعدها إنتقل بارود الى معاناة جديدة داخل مجلس النواب بين لجنتي الإدارة والعدل والمال والموازنة. معاناة لم تدم أكثر من أسبوع قبل أن يقتنع بأن السلطة السياسية لا تريد تعديل القانون وتبنّي مشروعه. عندها كان النصف الأول من آذار قد إنتهى وأصبحت وزارة الداخلية والبلديات مُجبرةً على تحضير الإنتخابات البلديّة والإخيتاريّة بأقلّ من شهرين، وهكذا حصل وأُجريت الإنتخابات في موعدها.

لو كانوا يريدون الإنتخابات البلدية والإختيارية في موعدها لما لعبوا مسرحيّتهم المعتادة والمكشوفة على خشبة اللجان النيابية المشتركة وقبلها في هيئة مكتب المجلس وبعدهما الأسبوع المقبل في الهيئة العامة .

يتصرّفون وكأنّ ذاكرتهم ضعيفة لا بل مضروبة كلياً. يتصرفون وكأنّ واقعة العام 1997 لم تحصل. فهل نسوا أو تناسوا أنّ المجلس الدستوري أبطل قانون التمديد البلدي والإختياري الذي أصدره مجلس النواب يومها، وأن الإنتخابات البلديّة والإختياريّة التي لم تكن ضمن حساباتهم قد أجريت؟.

هل نسوا أو تناسوا أن في مجلس النواب الحالي أكثر من عشرة نواب بكثير يريدون إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية في موعدها، وأن الطعن الذي يحتاج الى عشرة تواقيع نيابية حُكماً سيقدم الى المجلس الدستوري بقانون تمديدهم وأن المجلس الدستوري على الأرجح، كما يردد القانونيون، سيقبل الطعن ويُبطل قانون تمديدهم للبلديات والمخاتير؟.

يريدون التمديد للبلديات والمخاتير لأربعة أشهر بهدف إعطاء هذا التمديد طابعاً تقنياً آملين بأن يأخذ المجلس الدستوري بعين الإعتبار السبب التقني لردّ الطعن المرتقب، لكن حجّتهم هذه "ما بتقلي عجّة".

من أين سيأتون بالأموال بعد أربعة أشهر إذا كانت الأموال حقاً حجة التمديد الحقيقية؟.

وكيف سيُقنعون يومها القضاة بترؤس لجان القيد العليا والموظفون والأساتذة بتنظيم العملية الإنتخابية إذا كانوا اليوم حقاً عاجزين عن إقناعهم بذلك؟.

وهل يعتقدون أن سعر صرف الدولار في السوق السوداء في تشرين الأول 2023 سيكون أقل مما هو عليه اليوم بفضل "إصلاحاتهم" وسياساتهم المالية "العظيمة"؟.

فعلاً يبدو أنهم لا يزالون يصرون على إعتماد مقولة "إكذب إكذب حتى يصدّقك الناس" وكأنّهم لم يستفيقوا بعد من غيبوبتهم ولم يقتنعوا بأنّ كذبتهم هذه لم تعد نافعة حتى مع الأقلية من الناس.