منذ تاريخ الإعلان عن الإتفاق السعودي ال​إيران​ي، برعاية صينية، ارتفع مستوى الرهانات اللبنانية على إمكانية الوصول إلى تسوية، تنطلق من إنجاز ​الإستحقاق الرئاسي​ في وقت قريب، على قاعدة أن لبنان لا يمكن أن يبقى جزيرة معزولة عما يحصل من تطورات في محيطه الإقليمي.

هذه المعادلة قد تكون صحيحة إلى حد بعيد، لكن سرعة التحولات في الملفات الأخرى، تحديداً الملفين اليمني والسوري، في مقابل إستمرار الوقائع اللبنانية على حالها، تؤكد أن من الصعوبة في مكان توقع الوصول إلى تسوية في وقت قريب، خصوصاً أن الأفرقاء المعنيين لا يزالون في مرحلة رفع السقوف.

في هذا السياق، تؤكد مصادر نيابية متابعة، عبر "النشرة"، غياب المؤشّرات الحاسمة على قرب الوصول إلى تسوية رئاسية، بالرغم من المواعيد التي تطرح من قبل بعض الأفرقاء المحليين، حيث تشير إلى أن ما يمكن الحديث عنه في الوقت الراهن هو أن الملف اللبناني لم يدخل، حتى الآن، مرحلة البحث الجدي.

بالنسبة إلى هذه المصادر، البحث المطلوب لا يتعلق بمواقف الأفرقاء اللبنانيين، على قاعدة أن إمكانية الوصول إلى تفاهمات فيما بينهم شبه مستحيلة، لا سيما أن سبل الحوار الذي من الممكن التعويل عليه مقطوعة بشكل شبه كامل، بل بين اللاعبين الدوليين والإقليميين المؤثرين في هذه الساحة.

وتلفت المصادر نفسها إلى وجود مشكلة أساسية تتعلق بالملف اللبناني، تكمن بتعدد هؤلاء اللاعبين الذين لدى كل منهم وجهة نظره أو رؤيته الخاصة للحل المنتظر، على عكس ما هو الحال بالنسبة إلى الملفات الأخرى إلى حد ما، بالإضافة إلى مشكلة أخرى تكمن بتعدد المسارات القائمة في الوقت نفسه.

على هذا الصعيد، ترى المصادر النيابية المتابعة أنه في المرحلة الحالية من الممكن الحديث، على الأقل، عن مسارين: المسار السعودي-الفرنسي والمسار السعودي-الإيراني، حيث تلفت إلى أنه على مستوى الأول لا يبدو أن ​باريس​ قادرة على إقناع الرياض بوجهة نظرها، التي تقوم على أساس المقايضة بين رئاستي الجمهورية والحكومة، بدليل إستمرار المعارضة لها من قبل حلفاء المملكة في لبنان.

على مستوى الثاني، توضح المصادر نفسها أن الأمور لم تصل إلى مرحلة البحث في الملف اللبناني، حيث التركيز على الملف الذي تعتبره ​السعودية​ أكثر أهمية أو يمكن وصفه بساحة إختبار النوايا مع إيران، وبالتالي من الضروري تتبع ما يحصل على هذه الساحة تحديداً، بالإضافة إلى الملف السوري الذي يشهد تقدماً كبيراً في الفترة الحالية، بالرغم من الإعتراضات التي تزال قائمة على مستوى مواقف بعض الجهات العربية.

في المحصّلة، ترى هذه المصادر أن كل ما يطرح من قبل بعض الأفرقاء اللبنانيين هو عبارة عن تكهنات بشكل أساسي لا أكثر، لا يمكن الحديث عن أنها من الممكن أن تتحقّق منذ الآن، لا بل تذهب أبعد من ذلك لتشير إلى أن الإستحقاق الرئاسي لا يزال ضمن المعادلات القائمة منذ تاريخ الشغور الرئاسي، حيث تعتبر أن ليس هناك من تقدم لإسم على الآخر أو إستبعاد لإسم معين من السباق.