لا شك ان رئيس تيار المردة ​سليمان فرنجية​ يحظى بفريق تقني داعم له باع طويل في التعاطي مع الازمات وكيفيّة الخروج منها، قوامه ​حزب الله​ ورئيس مجلس النواب ​نبيه بري​. وعلى شاطئ ​الانتخابات الرئاسية​، كان المدّ والجزر (حركة السكون على حرف ز) يقرّب فرنجية من بعبدا حيناً ويبعده احياناً، وهو الحال نفسه الذي وجد قائد الجيش ​العماد جوزاف عون​ نفسه فيه، مع فارق اساسي وهو ان الثنائي الشيعي لم يكن في زاويته، على الرغم من عدم وجود حال عداء. قرّر الثنائي المذكور اعتماد النفس الطويل، وهي السياسة التي انتهجاها منذ سنوات طويلة لتقطيع مراحل قاسية اعترضتهما اهمها العام 2005 مع اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وما تلاها من احداث وتطورات.

اليوم، وبعد ان نعى العديد من الناس فرص فرنجية في الوصول الى الرئاسة، عاد الكلام عن ارتفاع حظوظه بضغط فرنسي، فيما لا يزال الموقف الاميركي ضبابي حول المسألة ما يلقي الكثير من الشكوك حول نجاح ضغط "الام الحنونة"، خصوصاً وان واشنطن لا تخفي تفضيلها قائد الجيش على فرنجية وارتياحها له، مع ارتفاع حظوظه بسبب عدم ممانعة حزب الله ولكن الافضلية بالنسبة للحزب تبقى لفرنجية، وهو وقف من اجل ذلك في وجه الجميع بمن فيهم رئيس ​التيار الوطني الحر​ النائب جبران باسيل. فهل يمكن القول ان حظوظ العماد عون باتت معدومة؟.

بعد ان تم طرح السؤال على شخصية سياسية معروفة، كان الجواب بالنفي، مع الاعتراف بأنه قد تكون نسبة نجاحه تراجعت بعض الشيء الا انها لم تضع كلياً، وما لم تقل الادارة الاميركية كلمتها في الموضوع، لن يتم حل الامر مهما قيل ومهما حاولت فرنسا واوروبا وغيرهما، لان الاميركيين لا يزالون يملكون خيوطاً قادرة على اعاقة اي اتفاق او تسوية تحصل من دون رضاهم، وهي حقيقة لا يمكن التغاضي عنها. وتضيف الشخصية السياسية ان قائد الجيش يعتمد حالياً استراتيجية "دفاعية" فخفّف من اطلالاته الاعلامية واطلاق المواقف واجراء اللقاءات، من دون ان يتوقف عنها كلياً، وبالتالي اعتمد تماماً ما اعتمده فرنجية في الفترة السابقة قبل ان يعود مجدداً الى الساحة بقوة. والواقع ان ما يجمع بين الرجلين هو محافظتهما على طريق العودة سالمة، بمعنى انهما لم يعلنا بشكل واضح وصريح عن ترشحهما الرسمي، ولا عن برنامج العمل الذي سيعتمده كل منهما في حال الوصول الى كرسي الرئاسة، وتم الاكتفاء بالعناوين العريضة التي تصلح لكل مرشح وفي كل زمان، مع افضلية واضحة لفرنجيّة على العماد عون لناحية التعاطي مع السوريين في المسائل الاساسية وفي مقدمها ملف النازحين السوريين، وهي نقطة يتعمد رئيس تيار المردة ومؤيدوه استغلالها واستهداف الموقف الاميركي والدولي منها المعارض لاعادة النازحين الى بلادهم، والترويج بأنه قادر على ايصال هذا الملف الى خواتيمه المرجوة على عكس غيره من المرشحين المعلنين وغير المعلنين.

انها لعبة التطمينات، فمن يؤمن القدر الاكبر منها سيضمن وصول من يدعمه الى قصر بعبدا، مع التشديد على انه لم يتم اعلان نعي حظوظ المرشحين في انتظار انتهاء تقديم طلبات الضمانات وقبولها، وهي فترة يقال انها لم تعد طويلة وقد تنتهي في غضون شهرين او اقل، ما لم يحصل ما لم يكن في الحسبان من تطورات مفاجئة، خصوصاً وان العد العكسي للانتخابات الرئاسية الاميركية انطلق ولا تفصلنا عن تشرين الثاني سوى اشهر قليلة ستكون حافلة بالتطورات في المنطقة والعالم.