في ظل ما يتم التداول به على مستوى ​الإستحقاق الرئاسي​، ظهرت مجموعة من المؤشرات، في الأيام الماضية، التي تؤكد صعوبة الحديث عن حل سريع، بالرغم من الرهانات التي كانت قد برزت بعد الإتفاق السعودي ال​إيران​ي برعاية صينية، نظراً إلى أن الملف اللبناني، على ما يبدو، لم يوضع بعد على قائمة أولويات اللاعبين الإقليميين والدوليين المؤثرين.

في هذا السياق، من الضروري التوقف عند مؤشرين أساسيين: الأول عبر عنه رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، عندما أشار إلى أن الجميع ينتظر جواب الرياض على الضمانات التي كانت قد نقلتها باريس إليها، إنطلاقاً من الأجوبة التي قدمها لها رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​، أما الثاني فهو حديث فرنجية نفسه عن أنه لن يذهب إلى جلسة يتحدى فيها ​السعودية​، بالتزامن مع إشارته إلى أنه ليس مستعجلاً.

في هذا الإطار، تلفت مصادر سياسية متابعة إلى أن ما يمكن التأكيد عليه، في الوقت الراهن، هو أن قوى الثامن من آذار ليست في وارد الذهاب إلى أي خيار "تحدي"، بالرغم من بعض المواقف التصعيدية، وتشير إلى أن هذا الأمر يعود إلى سببين أساسيين: الأول هو أنها لا تملك القدرة على تأمين الأصوات اللازمة لصالح مرشحها، سواء كان ذلك بالنسبة إلى أكثرية 65 صوتاً أو بالنسبة إلى نصاب جلسة الإنتخاب، أما الثاني فهو أنها ليست في هذا الوارد بسبب التداعيات التي من الممكن أن تترتب على ذلك.

وترى هذه المصادر، عبر "النشرة"، أنه في ظل رفض "​التيار الوطني الحر​" السير بترشيح فرنجية، بالإضافة إلى عدم موافقة رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" ​وليد جنبلاط​ وغالبية النواب السنة على ذلك من دون ضوء أخضر سعودي، يصبح الحديث عن قدرة رئيس تيار "المردة" على تأمين العدد اللازم لإنتخابه غير واقعي، نظراً إلى أن أقصى ما يستطيع جمعه لا يتجاوز 55 صوتاً فقط، مع العلم أن هذا السيناريو يوضع في إطار "التحدي" غير الممكن، خصوصاً في ظل الأجواء الإيجابية القائمة على مستوى المنطقة.

بناء على ما تقدم، تصبح المعادلة المطروحة، من جانب قوى الثامن من آذار، تقوم على أساس الذهاب إلى تسوية مع الجانب السعودي بالدرجة الأولى، سواء كان ذلك عبر الوساطة الفرنسية أو نتيجة الإنفتاح المستجد على إيران، على أن يعكس ذلك على مواقف الأفرقاء اللبنانيين المعارضين لإنتخاب رئيس تيار "المردة"، وبالتالي تسهيل إنتخابه من ضمن تسوية من المفترض أن تكون شاملة، أي تضمن الإتفاق على إسم رئيس الحكومة المقبلة وتركيبتها وبرنامح عملها.

من وجهة نظر مصادر نيابية معارضة، كل ما يطرح على هذا الصعيد يؤكد أن القوى الداعمة لفرنجية هي من تراهن على التدخلات الخارجية، نظراً إلى أنها هي من تنتظر نتائج المشاورات والإتصالات القائمة على الصعيدين الدولي والإقليمي، في حين أن موقف قوى المعارضة واضح برفض إنتخابه، وبالتالي هذا الأمر كان من المفترض أن ينقل البحث إلى مرحلة جديدة، تقوم على أساس إستبعاده من السباق الرئاسي، طالما أن مؤيديه غير قادرين على إيصاله، وتؤكد أن هذا ينطبق أيضاً على ترشيح رئيس حركة "الإستقلال" ميشال معوض.

في المحصّلة، تلفت هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أن كل ما يُحكى عن الموقف السعودي من قبل الفريق الآخر يأتي في إطار الرهانات، تشير إلى أنه حتى ولو كانت الرياض في وارد التساهل في هذا المجال فإن هذا الأمر لن يكون خلال وقت قريب، لكن الأهم، من وجهة نظرها، هو أن العديد من الأفرقاء المحليين لن يكونوا في وارد التراجع عن معارضته، خصوصاً بعد السقوف التي كانوا قد ذهبوا إليها في مواقفهم، وتسأل: "هل يحتمل البلد كل هذا الإنتظار"؟.