عقد المؤتمر المسيحي الدائم مؤتمرا صحافيا في مكاتب إتحاد أورا، حول ملف النزوح السوري وتداعياته، حيث جرى عرض لآثاره على الوضع في لبنان على مختلف الأصعدة مع عدد من أصحاب الإختصاص.

وفي كلمة له، تحدث رئيس مؤسسة لابورا الأب طوني خضره عن "واقع اليد العاملة اللبنانية أمام منافسة اليد العاملة السورية غير المنظمة، مشيرا الى انه "من منطلق خوفنا على وطننا وأهلنا دعونا إلى هذا اللقاء لنحاول الوقوف بطريقة علمية على ما يجري، في ظل التخبط العام في هذا الموضوع والأرقام المتضاربة حول أعداد النازحين والفوضى العامة التي تحيط به والمخاوف المتزايدة من جرائه".

واكد إن التداعيات الخطيرة للنزوح السوري عديدة ومتشعبة، تمس بجوهر كيان لبنان، نترك تفاصيلها الديموغرافية والإقتصادية والقانونية لأصحاب الإختصاص المشاركين معنا اليوم. ونعرض سريعا التداعيات التي لمسناها نحن على اليد العاملة اللبنانية من خلال تجربة لابورا:

أ – عدم ضبط الارتفاع الهائل في اليد العاملة السورية الأجنبية من ناحية تحديد المعاشات و انواع العمل وهذا أدى إلى ارتفاع هائل في هجرة الشباب بلغت 68%.

ب- ان ادخال العامل اللبناني بشكل قانوني الى العمل : دفع الضمان الإجتماعي، الضريبة على الدخل وغيرها تجعل كلفة اليد العاملة اللبنانية مرتفعة مقارنة مع اليد العاملة غير اللبنانية بدل أن تكون هذه الأموال لدعم اليد العاملة اللبنانية .

ت-تأثير وضع الطلاب السوريين النازحين في المدارس و الجامعات على المناهج التربوية و تدني المستوى العلمي بسبب الاهتمام بالطلاب النازحين و بدعمهم من الخارج في وقت كم من العائلات البنانية لا تستطيع دفع الاقساط.

من جهته، أكد رئيس حركة الأرض طلال الدويهي، أن "لبنان يمر في مرحلة حرجة حيث يواجه تحديات اجتماعية واقتصادية وسياسية على مختلف المستويات، والتحدي الأكبر هو مسألة التغييرالديموغرافي الذي لطالما رفعت الصوت في السنوات الماضية ولا أزال أحذر من خطر وجود مخطط وعقل إستراتيجي يدير عمليّة تقزيم دور مكوّن أساسي في البلد، من خلال تقزيم حجم هذا المكون، أي المسيحيين، على الأرض، واليوم لهذا التغيير الديموغرافي وجهان: الشراء الممنهج للاراضي من قبل الاجانب، والنزوح السوري الذي بات يشكل اليوم أزمةً تفوق بتعقيداتها ما حصلَ مع اللجوء الفلسطيني".

وكشف أن "إن الشراء الممنهج للاراضي من قبل الاجانب تجاوز المعقول، ويشكل مخالفة فاضحة للقانون، الذي لا يسمح للأجانب بتملك أكثر من3% من المساحة الإجمالية لكل قضاء لبناني، باستثناء بيروت، بحيث يسمح للأجانب بامتلاك ما يصل إلى10% من المساحة الإجمالية للعاصمة، وهنا نفاجأ بالمخالفات العديدة التي تمت من خلال مراسيم تملك الأجانب الصادرة عن مجلس الوزراء، بحيث أن 6 مراسيم فقط من أصل 1330، قد نفذت وفقا للقانون، من دون أن ننسى عمليات البيع الفرديّة للمُمتلكات والتي تتم عبرَ إبرام عقود البيع الممسوحة لدى عددٍ من كتّاب العدل، ما يُعَدُّ مخالفة قانونيّة فادحة، إذ يُعقّد عمليّات كشفها أو الحدّ منها راهناً، ما يفتحُ البابَ أمام التّلاعب في الاستقرار العقاريّ الذي تفوقُ مخاطره بأضعاف الانهيار الماليّ والاقتصاديّ الذي يصيب المجتمع".

واعلن الدويهي أنه "بحسب آخر الإحصائيات، فإن تعديات البناء على الأملاك العامة والمشاعات قد بلغت في الجنوب 1560 مخالفة، في البقاع 1439، في الشمال 475،

وفي جبل لبنان 47 مخالفة.

بدوره أكد الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة أن "هناك ثلاثة شروط إقتصادية يجب أن تتوفّر في البلد المُضيف في نفس الوقت، لاستقبال مهاجرين، لاجئين أو نازحين:

أولًا – أن يكون البلد المضيف يُعاني من نقص ديموغرافي؛

ثانيًا – أن يكون الاقتصاد في هذا البلد قويا كفاية لإستيعاب اليد العاملة المهاجرة، أو اللاجئة أو النازحة؛

ثالثًا – ألا تتخطّى نسبة المهاجرين أو اللاجئين أو النازحين 1% من شعب البلد المضيف سنويًا.

ورأى عجاقة أن "لبنان لا يستوفي أي شرط من هذه الشروط، وبالتالي فإن ردّة فعل الاقتصاد اللبناني على العدد الهائل للنازحين السوريين لن يكون في إطار الآليات المُعتادة.

فيما يخصّ النقص الديموغرافي: لبنان لا يعيش نقص ديموغرافي كما تُثبته الأرقام وبالتالي فإن حلته ليست كحالة ألمانيا التي تتطلّع إلى جذب مهاجرين كفؤين من أجل دعم إقتصادها وسدّ النقص الديموغرافي فيها".

وتابع :"أما فيما يخص الاقتصاد القوي فلبنان يعيش حال من التراجع الإقتصادي منذ العام 2011 أي عام بدء الأزمة السورية إزدادت حدّته في العام 2019، لينهار في العام 2019 والأعوام التي تبعته. أما في ألمانيا أو كندا أو غيرها من البلدان التي تبحث عن مهاجرين كفؤين للهجرة إليها، فإن إقتصاداتها قوية تؤمّن فرص عمل لهؤلاء المهاجرين من دون أن يكون هناك تداعيات سلبية على المواطنين أو على الاقتصاد".

واضاف :"فيما يخصّ نسبة المهاجرين أو اللاجئين أو النازحين المسموح بها إقتصاديًا أي أقلّ من 1% من عدد السكان سنويًا، فحدّث ولا حرج مع نسبة أكثر من 50% في لبنان على مدى 11 عامًا مقارنة بـ 0.83% من النازحين الأوكرانيين في أوروبا ومقارنة مع كندا التي لم تسمح سلطاتها باستقبال أكثر من 50 ألف مُهاجر سوري وهو ما يُشكّل 0.1% من عدد السكان".

وكشف أن "التداعيات الإقتصادية كارثية وهي على الشكل التالي:

-كلفة مباشرة على الخزينة العامة بمُعدّل 1.7 مليار دولار أميركي سنويًا من العام 2011 إلى العام 2019 وبنسبة أكبر منذ أزمة العام 2019 حيث تعاظمت عمليات التهريب! وتشمل هذه الكلفة الدفع المالي المرتبط بوجود نازحين على مدى 11 عامًا ومنها الدعم، والبنى التحتية، والخدمات العامة، والطبابة، والمحروقات، والمياه، والكهرباء، وحركة الصادرات، والتهريب، والترانزيت خصوصًا في العام 2015 عند إقفال معبر نصيب... وغيرها.

-كلفة غير مباشرة تشمل الفرص الإقتصادية التي خسرها لبنان بسبب النزوح والأزمة السورية على مثال حركة الترانزيت والإستثمارات وغيرها (قانون قيصر) وهي مُقدّرة بأربعين مليار دولار أميركي على مدى الأعوام الأحد عشر الماضية.

وبالتالي فإن الكلفة الإجمالية تصل إلى أكثر من 59 مليار دولار أميركي، مقابل 9 مليارات دولار أميركي تلقتها الحكومات المتعاقبة منذ بدء الأزمة. فهل رفض تحمّل هذه الخسائر يُعتبر عنصرية كما توحي المنظمات الدوليّة؟

التداعيات على الشعب اللبناني مباشرة بدأت بمنافسة اليد العاملة اللبنانية ومن ثم تحوّلت إلى منافسة للشركات اللبنانية. أضف إلى ذلك الإستهلاك الكبير للنازحين للمحروقات والمواد الغذائية والأدوية والكهرباء. ولا تقف التداعيات عند هذا الحدّ، بل طال العملة اللبنانية التي تحمّلت وزر التهريب وأفقرت أكثر من 80% من الشعب اللبناني بحسب تقرير الإسكوا.

إن تسييس هذا الملف هو أمر مرفوض جملة وتفصيلًا لأن التداعيات الإقتصادية والإجتماعية طالت كل فئات المُجتمع اللبناني، وأصبحت المطالبات الدولية بدمج النازحين بالمجتمع اللبناني مطالبات مشبوهة يتوجّب كل اللبنانيين معرفتها."

ومن جهته، عرض المحامي أمين بشير الرؤية القانونية للموضوع، موضحا انه في الشروط القانونية للجوء السوري الى لبنان:

١- يجب ان يكون اللاجئ قد تعرض للاضطهاد في بلده الاصلي بسبب آرائه السياسية او الدينية او العرقية او الجنسية .

٢- يجب ان يكون اللاجئ غير قادر على الحصول على الحماية في بلده الاصلي .

٣- يجب ان يكون اللاجئ قد دخل الى لبنان اي اصبح مقيماً على الاراضي اللبنانية إذ لا يصح ان يكون لاجئاً في لبنان وهو مقيم في بلد آخر .

٤- يجب ان لا يكون اللاجئ يشكل تهديداً للامن الوطني اللبناني ، إذ يمنع المس او العبث بالامن من قبل اللاجئين وبصورة اولى من قبل المقيمين غير الشرعيين. ولا يصح إطلاقًا ان يتحول اللجوء او النزوح او الإقامة غير الشرعية الى وجود مسلح.

٥- يجب على اللاجئ تقديم طلبه في لبنان الى المفوضية العليا للاجئين وتقديم المعلومات اللازمة من اجل الحصول على الحماية والاعتراف به كلاجئ سياسي في لبنان.

واكد أن هذه الشروط يجب ان تكون متوافرة حين حصول اللجوء وان تبقى قائمة طيلة فترته . انطلاقًا من ذلك ، نتساءل عما اذا كان العديد من اللاجئين السوريين تتوافر فيهم هذه الشروط ؟

فقد لاحظنا مؤخراً ان العديد منهم يذهب الى سوريا ثم يعود الى لبنان! فلو كانوا فعلا غير قادرين على الحصول على الحماية في سوريا ، فكيف يذهبون اليها ثم يعودون منها ؟ بل اكثر من ذلك فقد شهدت الانتخابات الرئاسية السورية الاخيرة مهرجانا سياسيًا كبيرًا لمؤيدي النظام في سوريا ، شاهدناه واقعاً وعلى مختلف وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي ، فكيف يكون اللاجئ السوري ما زال محتفظا قانوناً بهذه الصفة؟.