على الرغم من تسارع وتيرة الإتصالات والمشاورات الرئاسية، في الأيام الماضية، يبدو أن الأمور مرشحة إلى المزيد من التأجيل، حيث الجميع ينتظر نتائج القمة العربية التي تنعقد في السعودية، نظراً إلى أن الملف اللبناني سيكون حاضراً فيها بشكل رسمي، بالإضافة إلى حضوره بشكل غير رسمي على هامش اللقاءات الجانبية التي ستعقد بين الزعماء العرب.

في الوقت الضائع، لا يزال الحراك الداخلي هو المسيطر على المشهد العام، خصوصاً أن التطورات الدولية والإقليمية أعطت القوى المحلية هامشاً كبيراً للتحرك، قبل أن تعود الجهات الخارجية المؤثرة إلى الدخول على خط الأزمة بشكل أقوى، لا سيما في ظل الدعوات الواضحة إلى ضرورة إنجاز الإستحقاق الرئاسي قبل نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

وفي حين لا يزال مرشح قوى الثامن من آذار رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، الذي يعتبر المتقدم على باقي المنافسين المحتملين، يواجه العديد من العقبات التي ليس سهلا معالجتها، تشير مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أن ورقته الأقوى تكمن في فشل المعارضين بالإتفاق على مرشح بديل، بالرغم من كل الأجواء الإيجابية التي يتم ضخها في وسائل الإعلام من قبلهم، حيث تؤكد أنه لو تم الوصول إلى أي تفاهم لكانت هذه القوى سارعت للإعلان عنه.

بالنسبة إلى هذه المصادر، العقبة الأساس في طريق الوصول إلى مثل هذا الإتفاق تكمن في إنعدام الثقة بين القوى المعارضة لترشيحه، خصوصاً حزب "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر"، وتلفت إلى أن ما هو غير منطقي إستمرار قيادات في "القوات" في مهاجمة رئيس التيار النائب جبران باسيل، في الوقت الذي يتم فيه التفاوض معه، بسبب المخاوف من أن يكون هدفه تحسين أوراق تفاوضه مع "حزب الله".

بالإضافة إلى ما تقدم، تدعو المصادر نفسها إلى التنبه إلى الإشارات "الحيادية" التي كان قد أطلقها رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط، حيث تعتبر أن الأخير أكد أنه لا يريد الذهاب إلى أي خيار من الممكن أن يفسر على أساس أنه "تحدّ" لفريق وازن، الأمر الذي يسمح له بأن يكون "السدّ" أمام أي خيار قد يؤدي إلى تعميق الأزمة بدل معالجتها، سواء كان ذلك من قبل الأفرقاء الداعمين لرئيس تيار "المردة" أو المعارضين له.

في المقابل، لدى مصادر سياسية متابعة قراءة تؤكد أن فرنجية يستفيد من الواقع الراهن لتعزيز فرص وصوله إلى القصر الجمهوري، حيث تتحدث عن أن الرجل لديه أكثر من ورقة قوة يستطيع الإعتماد عليها للبقاء على موقفه، بالرغم من "التهويل" القائم لدفعه إلى الإنسحاب من المعركة، وتشير إلى أن أبرز هذه الأوراق هو إستناده على تحالف متين داعم له، حتى ولو لم يصل حجمه، حتى الآن، إلى أكثرية 65 صوتاً.

وتوضح هذه المصادر أنه بالإضافة إلى عدم إتفاق المعارضين على مرشح بديل، فإن ما ينبغي التوقف عنده هو الضغوط الدولية التي تصب في إطار دفع هؤلاء إلى التوافق، نظراً إلى أن هناك العديد من الجهات التي تريد الإنتهاء من هذا الإستحقاق لعدة أسباب، بعضها مرتبط بالإستحقاقات الداخلية الداهمة وبعضها الآخر مرتبط بالمسار العام على مستوى المنطقة، وتضيف: "هذا الواقع يمثل عامل إحراج للقوى المعارضة، التي ترفض الخيار المتاح لكن لا تقدم البديل المناسب".

في المحصلة، ترى المصادر نفسها أنه لم يعد أمام القوى المعارضة لترشيح رئيس تيار "المردة" من مخرج، إلا تقديم المرشح الذي من الممكن أن تتفق عليه، على أن يكون ذلك بوابة العبور إلى مرحلة جديدة من النقاش، على إعتبار أن بقاء الوضع على ما هو عليه سيعزز أوراق فرنجية يوماً بعد آخر، وقد يدفع بعض الجهات الخارجية إلى الدخول على خط حسم المعركة لصالحه.