اشار الرئيس السابق ميشال عون الى انه "يبدو أنّ تلاعباً قد حصل في موضوع التدقيق الجنائي، إذ كان يُفترض بالشركة أن تسلّم تقريرها الأوّلي في 28 أيلول الماضي؛ وقد مضى ما يقارب ثمانية أشهر، لكن التقرير لم ينتهِ بعد، وهنا خطأ تتحمّل الحكومة مسؤوليته".

واوضح عون في تصريح تلفزيوني، بانه "سمعنا خطابات كثيرة عن محاربة الفساد، وكلّها بقيت في إطار الكلام ولم تُترجم عملياً في مكافحته، وأول خطوة عملية كانت في قرار إجراء التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، ساد الصمت في البداية ولم يدعمنا أحد، وبعدها بدأ الهجوم المتواصل علينا في ال​سياسة​ وفي الإعلام".

ولفت الى ان "عدم إعلان أي نتيجة حول التدقيق الجنائي يعني إما أنّ التدقيق لم ينتهِ أو أنهم لا يريدون إنجازه، أو أنه قد أُنجز بالفعل ووُضع في أدراج أحد المسؤولين، من أجل إخفاء بعض المستندات التي ربما تدين أحدهم"، ورأى ان "تغيّب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن الحضور امام القضاء الفرنسي يشكّل مخالفة كبيرة وهروباً من التحقيق، والحل يكون بإصدار مذكرة توقيف وتبليغها إلى الانتربول الذي يقوم بتوقيفه في أي مكان في العالم، حتى في لبنان".

ورأى بانه "على القضاء والحكومة في لبنان أن ينفّذوا مذكرة التوقيف بحق رياض سلامة، وإلا فإنّهم يرتكبون مخالفة كبيرة"، ولفت الى ان "القاضية غادة عون أُجبرت على الدفاع عن نفسها عندما تمّ اضطهادها وتعطيلها من قبل القضاء كلّما أرادت التحقيق مع أحد المحميين، هي أُجبرت على الكلام لتمارس مهنتها بضمير وبشكل صحيح، وهنا المخالفة لا تقع على القاضية عون بل على من تحدّاها وأجبرها على الكلام". اضاف: "ندعو القاضي سهيل عبود، الذي يترأس الهيئة العليا للتأديب التي ستتخذ القرار النهائي في قضية القاضية عون، إلى حفظ شرف الوظيفة التي يشغلها".

واردف "على المدّعين على المحامي وديع عقل تقديم دليل واحد يثبت أن التهمة الموجهة ضده صحيحة، وهناك خلل كبير يصل لحد "المصيبة" على مستوى السلطة القضائية، حيث يُحاكم القضاة الذي احترموا وظيفتهم وقاموا بواجباتهم، والقاضي الذي يسمح بتدخّلات سياسية في عمله ليس بقاضٍ وهو يخالف المادة 20 من الدستور التي تعطيه أكبر حصانة بتأكيدها على استقلالية القضاة في القيام بوظيفتهم".

واعترف الرئيس عون بان "التجديد لرياض سلامة كان خطأ جسيماً ارتكبه من رفض السير باقتراحنا تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان؛ ومن جدّد لحاكم المركزي هي الجهة التي كانت تملك ثلثي مجلس الوزراء، نحن لم نكن نملك الثلثين، وإلا لكنّا عيّنا بديلاً لسلامة منذ اللحظة الاولى ومن دون الحاجة لأي تأييد، وولاية رياض سلامة انتهت مع صدور مذكرة التوقيف بحقّه وكان يفترض ان تنتهي منذ بدء التحقيقات في ملفّه، لأنّ سمعة حاكم البنك المركزي يجب أن تكون كالماس لا كالذهب، بمعنى أن تكون شفافة جداً".

واعتبر بان "الإجراء الذي يمكن اتّخاذه اليوم في حاكمية مصرف لبنان يتراوح بين خيارين، إما ان يتسلّم نائب الحاكم الأول، وهو يتمنّع عن ذلك، وإما أن يتمّ تعيين حارس قضائي، لأنّه لا يمكن لحكومة تصريف الأعمال تعيين بديل".

وعلى الصعيد الرئاسي، راى بان "الأفضلية اليوم هي للإصلاح لا لإسم مرشّح الرئاسة، لأنّ المعرقلين هم ثوابت في السلطة، فهل يمكن أن ندعم أحداً ونرميه في السلطة وهو غير قادر على العمل مع المنظومة الحالية؟ هناك تغيير يجب أن يحصل ليتمكن الرئيس المقبل من أن يكون فاعلاً، ومن المعيب ألا يتّفق اللبنانيون على انتخاب رئيس، وبعدها ينتظرون توصية من الخارج للتصويت رغماً عنهم لشخصية ما، ومن يُنتخب من الخارج سيكون مرتهناً للخارج".

ولفت الرئيس عون الى ان "التناقضات كثيرة في مجلس النواب في موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهذه التناقضات لا يمكن أن تؤدي الى انتخاب رئيس جديد، ومن غير المعقول أن تقاطع طائفة أو أن يتمّ انتخاب رئيس من دونها، ولا بدّ من وجود التأييد أو التفاهم". واشار الى ان "اتفاق التيار الوطني الحر والقوات على مرشح للرئاسة، لا يعني أنّه يمكن لهما أن يضعا فيتو على مرشحي الأفرقاء الآخرين، وكذلك الأمر بالنسبة للطوائف الأخرى، وإلا بتنا أمام تعطيل وعرقلة وضرب للعيش المشترك، رئاسيا لا حلّ إلا بتفاهم يجمع الطرفين، وإلا سنستكمل السير باتجاه جهنّم الأكبر".

واوضح بان "الدول العربية منشغلة اليوم بإعادة إعمار سوريا، ومن يربط اسم مرشح رئاسي معيّن في لبنان بدعم مالي من الخارج، يجب أن يصارح الشعب اللبناني بالوعود التي تلقاها، وخلال تسع سنوات حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، لم يتمكّن رئيس مجلس النواب نبيه بري من إنهاء الملفّ مطالباً بالخط 23، استلمت التفاوض انطلاقاً من صلاحيتي الدستورية في المادة 52، ووصلت إلى حل على أساس الخط 23 زائد قانا".

وشدد عون على ان "التسويات الترقيعية لم تعد تنفع، وعندما كنت رئيس كتلة نيابية، كان عنوانها "التغيير والإصلاح" باعتبار أن لا إصلاح إذا لم يحصل تغيير، وهنا أقصد بكلامي تغيير "الحرامية"، يجب إصلاح النظام الاقتصادي أولاً، فلكي نحلم بشيء أفضل يجب أن يكون اللبنانيون قادرين على تأمين طعامهم، ونظرية الرئيس القوي لم تسقط، وإيصال الوضع المالي إلى القضاء اليوم، كان يحتاج الى قوة معنوية، ولو لم أكن أملك تأييداً شعبياً لما كنت قادراً على فعل ذلك... يقولون إنهم "ما خلوني"، وهذا غير صحيح، لأنّني قمت بالكثير، والعراقيل التي وُضعت لم تمنعني من الإنجاز بل أخّرتني فقط".

ولفت الى اننا "نتعاطى مع ملف النزوح السوري من منطلق أنّ النازحين ليسوا لاجئين سياسيين، بل لاجئين أمنيين هربوا من الحرب. والحرب انتهت ما يحتّم عودتهم الى بيوتهم. وما الادعاء بأن النظام سيضطهدهم ليس إلا كذبة تستخدمها الدول التي تريد إبقاءهم على أرضنا... نحن نطالب بمساعدتهم ولكن في سوريا، والدول العربية كانت خاضعة لقانون مقاطعة سوريا الذي وضعته الولايات المتحدة الأميركية، ويبدو أنّ إجماعاً عربياً تبلور اليوم بالعودة عن هذه المقاطعة".

وفيما خص التيار الوطني الحر، قال: "أنا مطمئن الى مسار التيار الوطني الحر في هذه المرحلة، هناك غنى باختلاف الرأي، ولكن المهم ألا يؤدي ذلك الى انقسام".

وتابع: "أهم الفضائل المسيحية هي فضيلة الرجاء التي تحمي من اليأس والإحباط، لأننا "نرقد تحت التراب على رجاء القيامة" كما يُكتب على شواهد قبورنا، فلا يمكن أن يطالنا اليأس ونحن على قيد الحياة".