أشار العلامة السيّد علي فضل الله، إلى "أنّنا نعيش في كلّ الواقع الصّعب الّذي عانى منه هذا الوطن العزيز، ولا يزال يعاني بفعل واقع سياسي أدار ظهره للنّاس ولآلامهم ومعاناتهم، لكن كان من دواعي اعتزاز هذا الوطن في أن يكون فيه من قرّروا أن يتجاوزوا حدود ذواتهم أو حدود عائلاتهم الصّغيرة، ليفكّروا بمسؤوليّة وبجدارة بمن عصفت بهم ظروف الحياة، إمّا لفقر أو مرض أو إعاقة أو عجز، فكانوا فعلًا وواقعًا اليد الحنونة المعطاءة الّتي امتدّت إليهم، حيث عبّروا بذلك عمليًّا عن إنسانيّتهم، عن المحبّة والرّحمة بما تمثّل أصدق تعبير عن إيمانهم".

واعتبر، خلال مشاركته في ندوة أُقيمت في الجامعة اليسوعية، تحت عنوان: "الواقع الاجتماعي في لبنان"، أنّه "لا يمكن لإنسان أن يعيش الإيمان وهو يدير ظهره لآلام الآخرين ومعاناتهم، ولا يتحرّك بكلّ جهد لخدمتهم، ويرى ذلك واجبًا عليه لا منّة، وهو ما أرادته الكتب السّماويّة من الإنسان.

ولفت فضل الله إلى أنّ "هؤلاء الّذين يعبّرون عن إنسانيّتهم بهذه الصّورة، فإنّهم في الوقت نفسه يعبّرون عن حبّهم لهذا الوطن وحرصهم عليه، فالوطن لن يكون عزيزًا قويًّا مقتدرًا وحرًّا إلّا بمساعدة الضّعفاء فيه وانتشالهم من ضعفهم، وسيبقى منقوصًا إذا بقي هؤلاء على حالهم، وعندها يصبحون مشكلةً للوطن واستقراره، وتهديدًا لمستقبله؛ وسيفقد بذلك طاقات حيّة كان يمكن لها أن توفّر لها الظّروف أن تبدع".

وقدّر دور المؤسّسات وما تقوم به، داعيًا الدّولة إلى أن "تمدّ يد العون إليها، بعدما أخذت تنوء بأعبائها الّتي باتت تفوق قدراتها على الحمل"، ودعاها أيضًا إلى أن "تعتبر العمل الاجتماعي من الأولويّات الّتي يجب أن تحظى بالعناية المشدّدة"، مشدّدًا على "مدّ جسور التّواصل في ما بين هذه المؤسّسات والعمل، لإيجاد صيغة عمل مشترك لتبادل المعلومات والتعاون، في العطاء الّذي نريده أن يصل إلى الجميع، لا سيّما من لا يظهرون أنّهم من أهل الحاجة وتدفعهم نفوسهم العفيفة إلى عدم المطالبة، وأن نبعد عملنا الاجتماعي عمّا عهدنا من انقساماتنا، إن على الصّعيد الطّائفي أو المذهبي أو السّياسي، ليصل الخير إلى الجميع ونقدّم أنموذجًا فيه، فنحن جميعًا في مركب واحد؛ ننجو معًا ونغرق لا سمح الله معًا".