تزخر كلمات الإنجيل المقدّس بوصايا الربّ. فلماذا إذًا قال لنا الربّ إن المحبّة هي وصيّته هو؟ "وصِيَّتي هي: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضًا كما أَحبَبتُكم". هذا لأنّ كلّ وصيّة تنحدر من المحبّة الوحيدة وأنّ التّعاليم كلّها واحدة وهي ترتكز على المحبّة. تتفرّع أغصان الشجرة من الجذور نفسها؛ وكذلك تنبع الفضائل كلّها من المحبّة. أمّا أغصان الأعمال الحسنة، فهي لا تبقى خضراء نضرة إن انسلخت عن جذور المحبّة. كثيرة هي وصايا الربّ، ولكنّها في الحقيقة واحدة؛ هي كثيرة بتعدّد الأعمال وواحدة في جذور المحبّة.

كيف يمكننا المحافظة على هذه المحبّة؟ هذا ما أخبرنا به الربّ: في معظم تعاليمه في الكتاب المقدّس، أمر أصدقاءه بأن يحبّوا بعضهم من خلاله، وبأن يحبّوا أعداءهم من أجله. فمَن يحبّ صديقه من خلال الله ويحبّ عدوّه إكرامًا الله يمتلك المحبّة الحقيقيّة.

ثمّة أشخاص يحبّون أقرباءهم بسبب العاطفة التي تنشأ من علاقة القربى. إنّ كلمات الإنجيل المقدّس لا تلوم هؤلاء الأشخاص. لكن ما ننسبه عفويًّا إلى الطبيعة يختلف عن واجب الطاعة بفعل المحبّة. إنّ الأشخاص الذين تحدّثت عنهم للتوّ يحبّون أقرباءهم بدون شكّ، لكن بحسب الجسد لا بحسب الروح.... عندما قال الربّ: "وصِيَّتي هي: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضاً"، أضاف فورًا: "كما أَحبَبتُكم". هذه العبارات تعني بوضوح: "أحبّوا بعضكم بعضًا للسبب نفسه الذي أحببتكم من أجله".

*من عظة للبابا القدّيس غريغوريوس الكبير (نحو 540-604)، ملفان الكنيسة.