ترأس رئيس اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام المطران انطوان نبيل العنداري قداساً لمناسبة يوم الاعلام العالمي الـ 57 في كنيسة مار قرياقوس في رشميا، عاونه فيه مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الأب عبدو أبو كسم ورئيس دير مار يوحنا المعمدان كاهن رعية مارقرياقوس الأب انطوان بدر، بمشاركة قيّم بطريركية الروم الكاثوليك في عين تراز الارشمندريت انطوان قسطنطين ونائبة رئيس اللجنة الاسقفية الأم ندى طانيوس والرئيسة السابقة للراهبات المخلصيات الأم منى وازن وعدد من الراهبات الانطونيات برئاسة الأخت رولا فغالي التي أدارت جوقة الشبيبة الانطونية.

إستهل القداس بكلمة للأب أبو كسم اشار فيها الى اننا "نحتفل هذا الاحد بيوم الاعلام العالمي السابع والخمسين، في إحدى كنائس الجبل العريقة إيماناً منا بأهمية حضور الكنيسة في هذا الجبل الذي شهد مصالحةً تاريخية طوت رواسب الماضي برعاية المثلث الرحمات البطريرك مار نصرالله بطرس صفير ومعالي الاستاذ وليد جنبلاط". واضاف "يشرّفُنا أن نحتفل مع هذه النخبة من الوجوه السياسية والاعلامية والاجتماعية بهذا القداس السنوي الذي تقيمُه اللجنةُ الاسقفية لوسائل الاعلام برئاسة صاحب السيادة المطران انطوان نبيل العنداري في كنيسة مار قرياقوس في رشميا، هذه البلدة التي تميّزت برجالاتها والتي لها بصمات في تاريخ لبنان. وإننا إذ نشكر لكم حضوركم ومشاركتكم أصحاب السعادة نواب هذه المنطقة والزملاء الاعلاميين والآباء الاجلاء نخص بالذكر كاهن الرعية الاب المحترم انطوان بدر، كما نشكر تلفزيون تيلي لوميار نورسات ونور القداس الذي ينقل وقائع هذا القداس مباشرة وكل وسائل الاعلام، كما نشكر كل من ساهم بإنجاح هذا الاحتفال من أبناء الرعية ونخص بالذكر زميلنا الاستاذ سعد الياس ورئيس البلدية والمجلس البلدي والاختياري سائلين الله أن يبارككم جميعاً ويحفظ عيالكم وينقذ وطننا لبنان من حالة الانهيار ويمنحنا الحكمة والقوة لنتخاطب بلغة المحبة من القلب إلى القلب".

بدوره، ألقى المطران العنداري عظة تحت عنوان "ألتَكَلُّمُ مِن َالقَلب لِلحَقِّ بِالمَحَبَّة"، إستهلها بتوجيه التحية لبلدة رشميا على استقبالها الذبيحة الالهية، وقال "يَدعونَا قَداسَة البابا فرَنسيس في رسالتِه التي أَصدَرها هذِهِ السَنَة، بِمنَاسَبةِ اليَومِ العالَمي السابِع والَخمسين لِوسَائلِ الإِعلام، إِلى التَواصُل "والتَكَلُّمِ مِنَ القَلب لِلحَقِّ وَالمَحَبَّة"، بِحَسَبِ تَعبير الفَصل الرابِع مِن رِسالَةِ القديس بولس إِلى أَفَسُس. وفي سِيَاقِ مَرحَلَةٍ تَاريخِيَّة مَطبوعَةٍ بِالإِستِقطابات وَالمُعَارَضات والنِزاعات في العالَم، التي تُسَمِّمُ القُلوبَ وَالعَلاقات، نَحنُ بِحاجَةٍ إلى إِعلامٍ لا يُؤَجِّجُ الحِقدَ وَالإِستِفزازَ، ولا يُوَلِّدُ الغَضَب وَيُغَذّي العُدوانِيَّةَ وَالمُصادَمَة، بَل إِلى تَواصُلٍ يُساعِدُ على التَفكيرِ بِهُدوءٍ وفَهمِ الواقِع وَيَقودُ إِلى الحِوار.

ولفت الى اننا تَأَمَّلنَا في السَنواتِ المَاضِيَة في الأَفعَال: "هَلُمَّ وانظُرَ " سَنَة 2021، " وَالإصغَاءِ بِأُذُنِ القَلب "سَنَة 2022. يَدعو قَداسَةُ البابا هذِه السَنَة إلى " التَكَلُّمِ مِنَ القَلب ". أَلقَلبُ الذي يَدفَعُنَا لِكَي نَذهَب ونَنظُر وَنُصغي. القَلبُ الذي يُحَرِّكُنَا لِكَي نَتَواصَل بِشَكلٍ مُنفَتِح ونَدخُلَ في دينَاميكِيّةَ القَبولِ والحِوار وَالمُشَارَكَة. فَإِن أَصغَينَا إِلى الآخَر بَقَلبٍ نَقي، يُمكِنُنَا اَن نَتَكَلَّمَ بِحَسَبِ الحَقّ بِالمَحَبَةِ. واوضح بانه يَجِبُ أَلاَّ نَخشى إِعلانَ الحَقيقَة، حتى لَو كانَت مُزعِجَة في بَعضِ الأحيان، ولكن لا يَجِبُ إِعلانُهَا بِدونِ مَحَبَّةِ أَو مِن دونِ قَلب. لأَنَّ بَرنامًجَ المَسيحي، كما كَتَبَ البابا الراحِل بندكتوس السادس عَشَر، هُوَ قَلبٌ يَرى، قَلبٌ يَكشِفُ بِنَبَضَاتِه حَقيقَةَ كِيَانِنَا، وهذا أَمرٌ يَحمِلُنَا على أَن نُصغي، ونَكونَ في تَناغُمٍ على المَوجَةِ نَفسِهَا، ويكونُ اللِّقَاءُ مُمكِنَاً، ونَقبَلُ نِقاطَ الضُعف المُتَبادَلَة بِاحتِرامٍ بَدَلَ أَن نَحُكمَ بِناءً على الإشاعات، فَنَزرَعَ الفِتنَةَ وَالإِنقِسامات. فَالإنسانُ الصالِحُ مِن قَلبِهِ الصالِح يُخرِجُ الصَلاح، والإِنسانُ الشِرّيرُ مِن كَنزِ قَلبِه الشِرير يُخرِجُ الشَرَّ، فَإِنَّهُ مِن فَيضِ القَلبِ يَتَكَلَمُ اللّسان " (لوقا 6: 44).

ولفت الى انه في بَعضِ الأَحيان، يَفتَحُ الكَلامُ اللّطيفُ ثَغرَةً حتى في أَكثّرِ القَلوبِ قَساوَةً. يَقولُ سِفرُ الأمثال: " أَللِّسانُ اللَّيِن يَكسِرُ العِظام " (امثَال 25: 15). فَالتَكَلُمُ مِنَ القَلبِ ضَرورِيٌّ اليَومَ أَكثَرَ مِن أَيِّ وَقتٍ مَضى مِن أَجلِ تَعزيزِ ثَقافَةِ السَلام حَيثُ توجَدُ النِزاعاتُ وَالحُروب. ومن أجلِ فَتحِ مَساراتٍ تَسمَحُ بِالحِوارِ وَالمُصالَحَة حَيثُ تَتَفَشَّى الكَراهِيَة وَالعَداوَة. مِنَ المُلِحّ أَن نَنشُرَ إِعلامَاً وَتَواصُلاً غَيرَ عِدائي. ومِنَ الضروري أَن نَتَغَلَّبَ على عَادَةِ تَشويهِ سِمعَةِ الخَصمِ بِسُرعَة. أَجَل، يَجِبُ أَن نَرفُضَ كُلَ شَكلِ مِن أَشكالِ الدِعايَة التي تَتَلاعَبُ بِالحَقيقَة وَتُشَوِّهُهَا لأَغراضٍ إِيديولوجِيَّة. عَلَينَا، على عَكسِ ذلِك، أَن نُعَزِّزَ، على جَميعِ المُستَوَيات، تَواصُلاً يُساعِدُ على خَلقِ الظُروف مِن أَجلِ حَلِّ النِزاعاتِ بَينَ الشًعوب.

واضاف المطران العنداري " أَيها الإعلاميونَ وَالإعلامِيَات، ويَا أَيّها الناشطونَ والنَاشطات على وسائل التَواصُل الإِجتِماعي الأَعِزّاء، لَن يَسودَ سَلامٌ بَينَ الناس، إِن لَم يَسُد أَوّلاً في القَلب. كَم نَحنُ في حاجَة إلى أَن تَكونَ حَياتُنَا وَلُغَتُنَا في التَواصُل لُغَةَ القَلب. نَشهَدُ لِلحَقِّ بِالمَحَبَّة. لو كانَت عِندَنَا لُغَةُ القَلبِ، لَما كُنَّا رَأينَا ونَرى ما يَجري في أَيامِنَا مِن انتِفَاءٍ لِمَخافَةِ اللّه في قُلوبِ الكَثيرين، فاستَباحوا ما لا يُستَباح مِن تَفرِقَة. لقَد جَعَلَ الإِعلامُ وَوَسائلُ التَواصُل الجَديدَة مِنَ العالَم، كما هُوَ مَعلوم، قَريَةً كَبيرَة. فَما مِن أمرٍ يَحدُثُ إِلاَّ كانَ لَهُ تَاثيرُهُ على العالَمِ أجمَع. لِذلِكَ إِنَّ لُغَةَ القَلبِ وثَقافَةَ السَلام يَقتَضي لَهَا جَهداً فَردِيّاً وَجَماعياً لِتَظهيرِ شَفافِيَّةِ القَلبِ وأَخلاقِيَّةِ النَزاهَةِ وتَوطيدِ قَواعِدِ المَحَبَّةِ والحَقِّ وَالسَلام. إِنَّ وَجهَاً مِن وُجوهِ الصِدقِ في التَعاطي الإعلامي، والتَخاطُبِ بِلُغَةِ القَلبِ، يَقتَضي الوَفاءَ لِقِيَمِ الحَقيقَة والأُخُوَّةِ الإنسانِيَّة، وَسُبَلِ مُواجَهَةِ التَناقُضِ الفَاضِح في التَعليقات اللامَسؤولَة والتَجريحِ لِتَجَنُّبِ النِزاعات. ولا شَكَّ أَنَّكُم تَعرِفونَ أَنَّ ما نَعيشُهُ في الواقِعِ اللّبناني مِن إنقِساماتٍ وَخِلافات يَتجَلّى في التَخَلّفِ وَالظُلمِ والأزَماتِ المُتَلاحِقَة والتَقَهقرِ في التَضامُن بَينَ الأفرِقَاءِ وَالأجيال".

وتابع قائلا: "فَلتَكُن لَدينَا الشَجاعَةَ والجَدِّيَةَ والمِصداقِيَّةَ في إِرادَةِ التَواصُل لِنُشَرِّعَ أَبوابَ قُلوبِنَا لإِعلامٍ يَعتمِدُ لُغَةَ القَلب في قَول الحَقيقَة، لِنَشعُرَ في وَطَنِنَا أَنَّنَا مُواطِنونَ، مُتَواصِلونَ على أَهدافٍ خَيِّرَة لِبِنَاءِ مُجتَمَعِنَا، وتَعزيزِ أُخُوَّتِنَا، حُرّاسٌ بَعضُنَا لِبَعض، بَعيداً عَن صِراعِ الأُخوَةِ الأعداء. ولِيَكُن فينَا مِنَ الأَفكارِ وَالأَخلاقِ ما في المَسيحِ يَسوع دونَ سِواه- آمين!".

ثم كانت كلمة شكر من خادم رعية مارقرياقوس الاب بدر توجّه فيها بالترحيب والشكر الخاص للمطران العنداري على ترؤسه القداس في رشميا، كما شكر مدير المركز الكاثوليكي للاعلام والنواب والفاعليات على حضورهم، موجهاً تحية خاصة لشاشة تيلي لوميار التي تجسّد شهادة كنسية عالية في هذا المشرق والعالم، وإسمحوا لي بإسمكم أن أعبّر عن عميق شكري للدكتور جاك كلاسي كافأه الله وعائلة تيلي لوميار مع الدعاء لأن يعلو صوت المسيح يسوع فوق كل الاصوات ورغم كل التحديات المعاصرة".

ولفت الى "إن رشميا الضاربة في عمق لتاريخ والمعرفة ببلدة الرؤساء والمطران اغنياطيوس مبارك مع كل أعلامها ومفكريها وتراثها الغني ستظل تذكر هذا اليوم وهذا الحدث الجلل يا صاحب السيادة وحضرات الهيئات والوجوه الاعلامية كتاباً ومحللين وشاشات وناشطين الذين شرّفوا بلدتنا الحبيبة. أجل إن رشميا بشخص رئيس البلدية منصور مبارك وأعضاء المجلس البلدي وبشخص المختارة جمال كنعان وأعضاء الهيئة الاختيارية مع أبناء رشميا وكافة الاحباء والزوار من اي بلدة أو منطقة أتوا يتمنون لكم المزيد من التألق والنجاح لكي يبقى الاعلام رسالة حرية وحق في هذا الزمن". واضاف "نشكر بإسمكم مَن تعب في إعداد هذا الاحتفال على المستويات كافة الاستاذ سعد الياس المتألق اعلامياً والمتعلق بأرضه وبلدته وكنيسته"، كما شكر الاب بدر جوقة الشبيبة الانطونية بإدارة الاخب رولا فغالي ومن خلالها دير الراهبات الانطونيات في رشميا، وعزف رودي فهد والترنيم المنفرد ربيكا يوسف".

اشار الأب بدر الى ان "صلاتنا وأمنيتنا أن يبقى اليوم العالمي للاعلام حدثاً ووقفة امام ذواتنا، فنصوّب عملنا الاعلامي لخير الانسان وقيم الحياة وترقّي الشعوب يوماً بعد يوم، ونكون جنوداً للسلام والخلاص والحرية المسؤولة في رحاب وطننا والعالم. ولنردّد مع الرب "إذهبوا في الارض كلها وأعلنوا البشارة إلى الخلق أجمعين".

وفي الختام توجّه المطران العنداري والأب ابو كسم وأعضاء اللجنة الاسقفية برفقة رئيس بلدية رشميا إلى دير مار يوحنا المعمدان الذي يعتبر أول أديار الرهبانية اللبنانية المارونية، واطلعوا على أوضاع الدير وألقوا التحية على الرئيس العام الاسبق للرهبانية المارونية الاباتي باسيل الهاشم.