اشارت صحيفة "صاندي تلغراف" الى إن "فرنسا والولايات المتحدة تخلصت من جوازات طالبي التأشيرات السودانيين تاركة إياهم عالقين وسط الحرب التي اندلعت الشهر الماضي في الخرطوم".
وبررت باريس وواشنطن القرار بأنه تنفيذ لبرتوكول وتجنب لوقوع المواد الحساسة في الأيدي الخطأ. إلا أن هذا لم يفعل الكثير للتخفيف من غضب المواطنين السودانيين الذين وجدوا أنفسهم وسط القتال.
واعترفت السفارة الفرنسية أنها أتلقت جوازات طالبي التأشيرات السودانيين على أرضية أمنية. وأكدت وزارة الخارجية الأميركية أنها أتلقت جوازات سفر بدون تحديد العدد.
واوضحت متحدثة باسم الخارجية طلبت عدم الكشف عن هويتها: "إنه إجراء روتيني خلال هذه الأوضاع واتخاذ الاحتياطات وعدم ترك الوثائق والمواد أو المعلومات التي قد تقع في الأيدي الخطأ أو يساء استخدامها".
وكان إجلاء السفارات متعجلا لدرجة أن الكثيرين ومنهم مواطنون بريطانيون، تركوا وراءهم جوازات السفر التي تم تقديمها للحصول على تأشيرات. ولم تقل أي من الحكومتين كم هو عدد الجوازات التي تُركت أو أُتلفت. وقالت الحكومة البريطانية إن "أي وثيقة تركت في سفارتها بالخرطوم خُزنت في مكان آمن". وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الشهر الماضي: "نعترف بأن هذا الوضع خطير جدا، وسنواصل العمل وتحديد الحلول لمن تأثروا".
ولكن متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، قالت إن ما تم "هو عمل إجرائي روتيني لإتلاف وثائق يمكن أن تقع في الأيدي الخطأ ويساء استخدامها". مضيفة: "لأن المناخ الأمني لم يسمح لنا بإعادة الجوازات بطريقة آمنة، فقد اتّبعنا الإجراء المعروف وهو إتلافها بدلا من تركها وراءنا غير مؤمنة".
وواجهت الولايات المتحدة في السابق انتقادات، بعدما أتلفت جوازات الأفغان التي تُركت في السفارة الأمريكية بالعاصمة كابول، حيث عادت طالبان للسيطرة على أفغانستان صيف عام 2021. وفي تلك الحالة كان باستطاعة الأفغان التقدم بطلبات جديدة لحكومة طالبان. وفي السودان فقد أُغلق مكتب الجوازات نظرا للقتال.
وأشار التقرير إلى مصير جوازات سفر الأفغان الذين استطاعوا تقديم طلبات لحكومة طالبان. وفي السودان، فإن أشرس المعارك حدثت في المكان الموجود به مكتب الجوازات. وتساءلت علي عن سبب عدم حمل المسؤولين الأميركيين الوثائق معهم في حقيبة. وقال النائب السابق عن نيوجيرسي، توم مالينوسكي، الذي ساعد الأفغان العالقين عام 2021، إن جواز السفر هو "قطعة من الممتلكات الثمينة والمنقذة للحياة"، مضيفا: "إنه أمر كبير أن تُتلف شيئا كهذا مع أن من واجبنا الحفاظ على ذلك الشخص".
وفي مقابلات مع دبلوماسيين ومسؤولين من عدة دول، قالوا إنه "بات من المستحيل العمل في الخرطوم بعد إطلاق الرصاصة الأولى. فقد حلّقت الطائرات فوق مناطق الخرطوم بما فيها الأحياء التي تقع فيها السفارات، فيما خرج مقاتلو الدعم السريع وردّوا بإطلاق النيران".
لكن السودانيين الناقدين، قالوا إن السفارات الأجنبية كان يمكنها عمل المزيد، خاصة أنها بذلت الجهود من أجل تأمين مواطنيها. وقامت الطائرات العسكرية من بريطانيا وألمانيا وتركيا وفرنسا بنقل الآلاف من الخرطوم. وحلقت المسيّرات فوق الحافلات المحملة بالأميركيين الذين كانوا في طريقهم إلى بورتسودان التي تبعد 525 ميلا عن العاصمة.
واوضح المواطنون السودانيون الذين طلبوا المساعدة من السفارات الأجنبية، إن طلباتهم قوبلت بالصمت والتعليقات الغامضة أو النصيحة غير المساعِدة مثل الحصول على جواز سفر جديد. والسفارة الوحيدة التي قدمت عونا هي الصينية، التي وضعت رقم هاتف بعد أسبوعين من اندلاع الحرب، وطلبت من المتقدمين للتأشيرات الحضور واستعادة جوازاتهم.
ومع أن مجمع السفارة الأميركية على النيل في جنوب الخرطوم كان بعيدا عن الحرب بأميال، إلا أن المسؤولين خافوا من انقطاع الإمدادات وبدأوا بإتلاف الجوازات والوثائق الحساسة قبل أن يعلن بايدن رسميا في 21 نيسان عن عمليات الإجلاء.
وتم وضع الوثائق الحساسة في مخرطة ورق حوّلتها إلى قصاصات صغيرة، وقام المسؤولون بتدمير وسحق الإلكترونيات، وآلة جوازات فيما اندلعت النيران في خلف السفارة. وزادت وتيرة الإتلاف مع قرب عمليات الإجلاء، حيث ناشد المسؤولون عبر مكبر الصوت العاملين للمساعدة في عمليات خرط الأوراق.
وقبل ساعات من هبوط مروحيات "شينوك" بين السفارة والنيل مخلفة وراءها زوبعة من الغبار أنزل مشاة البحرية الأميركية العلم الأميركي خارج السفارة. وفي نفس الوقت كانت السفارات الأخرى في حالة تأهب كامل، حيث وصف سفير أوروبي كيف سحق ختمه الرسمي.