حتى الامس القريب، كان لبنان لا يزال بلد الحريات والتنوّع، ولكن ما حصل على ​شاطئ صيدا​، لناحية منع النساء من النزول إلى المياه بلباس البحر، كسر كلّ تلك العادات والتقاليد وخرق الدستور.

الأسبوع الماضي، تفاجأت ميساء حنوني بمجموعة من الشبان وأحد المشايخ قاموا بطردها من على شاطئ صيدا الذي قصدته للسباحة، هذا الأمر كسر الفكرة التي كانت مكوّنة لدى الأغلبية اللبنانيّة، والتي جعلت من صيدا عاصمة للسياحة، وكأن هناك من يريد بهذا التصرّف كسر تلك الصورة أو ضرب السياحة، وحتى أكثر ربما زرع القتنة فتكون صيدا هي البوابة.

عندما تقصد شاطئ صيدا تستوقفك يافطة كبيرة، تتضمن مجموعة شروط وضعتها البلديّة للدخول الى المسبح الشعبي، وأهمها وضعته بالعلامة الحمراء الا وهو منع احضار المشروبات الروحيّة والتقيّد باللباس المحتشم! الضجّة أثيرت حول الأمر ونظم تحرك رافض لقرار البلدية ولما قام به الشيخ، فيما نظم تحرك مضاد يؤيد منع النزول إلى الشاطئ الا باللباس المحتشم.

رُغم المشهد الّذي حصل، لا تزال صيدا مدينة السياحة، ويصرّ وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال ​وليد نصار​ على "احترام الثقافات والحريات"، مستنكراً ما جرى هناك بعد التدافع بين ​المتظاهرين​، مؤكداً أن "الشاطئ ملك عام وسيقوم باتصالاته مع الوزراء من أجل الوصول إلى حلّ". وزير الداخلية ​بسام المولوي​ بدوره إنتقد وأكّد أن "الدستور واضح في هذا السياق ويجب احترام القوانين".

بعد كلّ هذا الضجيج قامت "النشرة" بالاتصال برئيس البلدية ​محمد السعودي​ الذي اتخذ القرار، فأكّد لنا أنّ "اليافطة" التي كتب عليها ممنوع النزول إلى البحر الا باللباس المحتشم موجودة منذ حوالي 12 عاماً، شارحاً في نفس الوقت أن "مسبح صيدا الشعبي هو مسبح للعموم ولكن تحت ادارة البلدية"، مضيفاً: "المسبح الشعبي له حدود وطوله حوالي الخمسين متراً، وبالتالي من تريد السباحة بلباس البحر أو "المايو" فلتسبح في مكان بعيد عن الشاطئ حتى لا تصبح القصّة قصّة تحدّي"، معتبراً أن "ما يحصل اليوم والضجّة التي أثيرت حول لباس البحر "مؤامرة" لضرب السياحة بالمدينة، بعد أن نجحت خلال شهر الصوم في رمضان".

وعند تكرار السؤال حول القرار المتّخذ بالنزول إلى البحر باللباس المحتشم، كان الجواب "المسبح الشعبي هو للعموم ومن يريد السباحة "بالمايوه" فليسبح خارجه"، وعاد واضاف: "لماذا نترك النساء تحت رحمة أيّ شخص ليعتدي عليهنّ".

إذاً، الواضح أن رئيس البلدية مصرّ على تنفيذ القرار الذي اتّخذه رُغم مخالفته للدستور والقوانين اللبنانيّة، وربّما مخافة أن يشعل "حرب المايوهات" على الشاطئ، وفي حين أن ​دول الخليج​ تنفتح، يعود لبنان الى عصور التخلّف، حيث يتلهّى البعض ويتسلّى بالاعتراض على امور تافهة، في حين أن الشعب على مدى الوطن أصبح عاريًا يئنّ من الجوع ولم نسمع من هذا الشيخ الّذي يريد اشعال فتنة أنّه اعترض على الفقر المدقع الّذي يلفّ المدينة وجوارها! يبقى هنا كيف ستتحرك الوزارات المعنيّة وتحديداً وزارة الداخليّة، التي تقع ​البلديات​ تحت نطاقها لتضع حدا لمثل هذه القرارات؟!.