على الرغم من الرهانات التي وضعت، من قبل العديد من الأفرقاء المحليين، على نتائج القمة العربية في جدة، لتحريك الملف الرئاسي اللبناني، يبدو أن الأمور عادت إلى المربع الأول سريعاً، لا سيما بعد تبادل الإتهامات الذي حصل، في نهاية الأسبوع المنصرم، بين "​التيار الوطني الحر​" وحزب "القوات اللبنانية"، الأمر الذي يفتح الباب أمام طرح الكثير من الأسئلة حول المرحلة المقبلة.

في هذا السياق، بات من الواضح أنّ المعادلة عادت إلى زمن ما قبل فتح باب الحوار بين ​الكتل النيابية​ المعارضة و"التيار الوطني الحر"، مع العلم أن هذه الكتل كانت قد تعرضت، في الأيام الماضية، إلى ضربة أخرى، تمثلت بموقف رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" ​وليد جنبلاط​، وبالتالي أقصى ما بات من الممكن أن تفكر فيه هو القدرة على منع وصول مرشح قوى الثامن من آذار، أي رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​.

على هذا الصعيد، تلفت مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن الجميع اليوم بانتظار ما قد تحمله الأيام المقبلة من معطيات جديدة، سواء كان ذلك على مستوى الحراك الخارجي أو على مستوى الأوضاع الداخليّة، خصوصاً بعد التطور المستجدّ في ملف حاكم مصرف لبنان القضائي ​رياض سلامة​.

وتشير هذه المصادر إلى أنّ مؤيّدي رئيس تيار "المردة" لا يزالون يراهنون، بشكل أساسي، على خطوة من الممكن أن تقدم عليها المملكة العربية السعوديّة، بناء على التطورات القائمة على الصعيد الإقليمي، وتلفت إلى أنه على الرغم من ان هؤلاء يعتبرون أن هذا الأمر ممكن حصوله في وقت قريب، إلا أنه ليس هناك ما يمنع فرضيّة أن يتأخر كثيراً، لكن النقطة الإيجابيّة التي لديهم هي فشل المعارضين بالإتفاق على مرشح بديل.

من وجهة نظر المصادر نفسها، قوى المعارضة أيضاً لا تملك اليوم إلاّ الرهان على أن يقود صمودها إلى تبدّل في الموقف الخارجي، أيّ التراجع عن خيار تفضيل فرنجيّة أو غضّ النظر عنه، بسبب الحاجة إلى الإنتهاء من هذا الإستحقاق سريعاً، إلا أنّ ما ينبغي التوقّف عنده هو أنّ الفريق الداعم لفرنجيّة يملك الخبرة في التفاوض الطويل، وبالتالي لن يكون في وارد التراجع عن ترشيحه بسهولة.

وفي حين يبدو أن لعبة عمليّة رمي المسؤولية عن التعطيل ستكون هي العنوان الأبرز، في المرحلة المقبلة، ترى المصادر السياسية المتابعة، أن كسر الجمود القائم بات يتوقف على مسألتين أساسيتين: الأولى حصول تطور خارجي يصب في صالح فرنجيّة، من المفترض أن يكون مصدره الرياض بالدرجة الأولى، الأمر الذي ترجّح أنه لا يزال يحتاج للمزيد من الوقت، أما الثاني فهو حصول تطور داخلي يدفع الأفرقاء المحليين للجلوس على طاولة حوار مشتركة، بغض النظر عن الإسم الذي من الممكن أن يتفقوا عليه.

في المحصّلة، تشدد المصادر نفسها على أن الواقع الحالي لا يدفعها إلى نفي فرضية أن يحصل تطور جديد في موقف "التيار الوطني الحر" أو "الحزب التقدمي الإشتراكي"، طالما أنّ المعركة لم تحسم بعد، لكنّها في المقابل تعتبر أنّ هذا الإحتمال بات ضعيفاً، لكنها تدعو إلى مراقبة تحرك كل من ​الولايات المتحدة​ و​فرنسا​، في الأيام المقبلة، على قاعدة أنّ الجانبين قد يدخلان بقوة على خط الأزمة، بحسب المؤشرات التي تتزايد يوماً بعد آخر، حيث أن باريس ستكون على موعد مع العديد من الزاوار اللبنانيين، بينما واشنطن تراقب جيداً الوضع في حاكميّة مصرف لبنان.